العدد 1963 - الأحد 20 يناير 2008م الموافق 11 محرم 1429هـ

الهيئات الخيرية الإسلامية... مذنبة حتى تثبت براءتها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يحب كبار المسئولين في دائرة الأمن الوطني ووزارة العدل وغيرهما من الدوائر الحكومية الأميركية ووكالاتها الحديث عن مدى براعتهم في «التواصل» مع الجاليات الأميركية المسلمة.

يتوجب عليهم أن يفعلوا ذلك. من المحتمل ببساطة أن أفرادا في هذه الجاليات قد يشكلون مصادر للمعلومات الاستخبارية، أو معلمين ذوي مصداقية لعادات وممارسات العرب وغيرهم من المسلمين.

المثير للدهشة بالنسبة للأميركيين المسلمين هو كيف استطاعوا الانخراط بنجاح في الثقافة الأميركية. وهذا يتعارض بشدة مع مواقف الحكومات الأوروبية فيما يتعلق بالجاليات المسلمة المتنامية، والعكس صحيح.

الأمثلة عديدة بالتأكيد فيما يتعلق بأمركة المسلمين بيننا. كثيرون منهم تواجدوا هنا منذ أجيال، الآلاف منهم يخدمون في القوات المسلحة، ويتواجد الكثير منهم في العراق وأفغانستان.

إلا أنه بالنسبة للأميركيين المسلمين، يمثل لغو «الدعم المادي» للإرهابيين مأزقا حقيقيا. فأحد المعتقدات الأكثر أساسيّة في الإسلام هو العطاء الخيري. ولكن العطاء لمن؟

أعطى الرئيس والكونغرس وزارة الخزانة السلطة على تسمية أية منظمة خيرية منظمة داعمة للإرهاب. مستخدمة هذه السلطة، قامت وزارة الخزانة بالتحقيق في نشاطات آلاف المنظمات غير الربحية التي تدعم القضايا المسلمة. وقامت فعليا بإغلاق العديد منها من خلال مصادرة سجلات وتجميد موجودات، دون اللجوء إلى الإجراءات القانونية بالمرة، على ما يبدو.

وتضم المؤسسات التي أطلقت عليها تلك التسمية المنظمة التي كانت أوسع وأبرز المؤسسات الخيرية الإسلامية في الولايات المتحدة، ألا وهي مؤسسة الأراضي المقدسة. وصادرت الحكومة موجودات هذه المؤسسة العام 2001 ولم تقدمها إلى المحاكمة إلا منتصف العام 2007. في أثناء ذلك بقيت التبرعات المقدمة من الداعمين والمانحين مجمدة في الحسابات البنكية.

حدث آخر فشل في مقاضاة تمويل الإرهاب في أواخر العام 2007، عندما فشل محلفون في ولاية تكساس في إصدار قرار تجريم أي عمل من أعمال مؤسسة الأراضي المقدسة. وقد اتهم الكثير من مسئولي المؤسسة بإعطاء أموال لحركة حماس الفلسطينية والتي أسمتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية منذ العام 1995. وقد انتهت المحاكمات بخليط من أحكام البراءة والإخفاق.

وقد صرح ويليام نيل، وهو أحد المحلفين في قضية مؤسسة الأراضي المقدسة، لوسائل الإعلام بأن الدلائل التي قدمتها الحكومة «تحت عملية جمعها وتركيبها عبر عقد من الزمان، وتشكل مكالمة هاتفية في تلك السنة ورسالة في سنة أخرى». بدلا من محاولة إثبات أن المدعى عليهم كانوا يعرفون أنهم يدعمون الإرهابيين. ويقول نيل إن الادعاء العام «رقص حول التحويلات البرقية بأن عرض علينا أشرطة فيديو تظهر أطفالا بأحزمة ناسفة وأناسا ينشدون لحماس، وهي أمور لا علاقة مباشرة لها بالقضية».

وتقول مجموعات الحريات المدنية إن قضية مؤسسة الأراضي المقدسة هي فقط آخر قضية في سلسلة من الادعاءات المجحفة. وتقول إحدى تلك المجموعات وهي OMB Watch إنه «حال تسمية منظمة خيرية بأنها إرهابية، يمكن مصادرة كافة ممتلكاتها وتجميد موجوداتها. لا تستطيع الجمعية الخيرية رؤية إثباتات الحكومة وبراهينها وبالتالي فهم أساس الاتهامات. وبما أن موجوداتها مجمدة فهي تفتقد إلى الموارد لإعداد دفاع قانوني».

ويناقش واحد من أبرز العلماء الدستوريين في أميركا هو ديفيد كول من مركز الحقوق بجامعة جورجتاون أن مبدأ الدعم المادي هو «التجريم عن طريق الربط، في تعبير القرن الحادي والعشرين، ويقدم جميع المشاكل نفسها التي نشأت عن تجريم العضوية والارتباط أثناء الحرب الباردة». وقد صرح لخدمات انتربرس بأن المشكلة تتطلب تغييرات جوهرية في قانون تمويل الإرهاب.

ومن ضمن توصيات كول بإجراء تغييرات رئيسية: يتوجب على وزارة الخزانة أن تسمح للهيئات المغلقة أن توجه الأموال التي تقوم بجمعها إلى هيئات خيرية متفق عليها بشكل متبادل مع الهيئة المجمدة والحكومة، يتوجب على الكونغرس سن قانون يعرف «التسمية الخاصة للإرهاب»، يتوجب على وزارة الخزانة السماح لأطراف محددين باستخدام أموالهم الخاصة لتمويل الدفاع عنهم أمام المحاكم، يجب تعديل قوانين الدعم المادي الجزائي ليتطلب إثباتات بأن الفرد قام بدعم مجموعة محددة بهدف تشجيع نشاطات غير قانونية.

وتقول OMB Watch إن «جهود الدعم المادي» نتج عنها إغلاق الحكومة لهيئات خيرية لم تكن على قائمة المنظمات التي تراقبها الحكومة قبل تجميد موجوداتها. وتقول المنظمة إن النتيجة هي أن المسلمين لا يملكون طريقة لمعرفة أية مجموعات هي عرضة للشكوك من قبل الحكومة بأن لها اتصالات مع الإرهاب. «تعتبر المنظمات والأفراد الذين يُشك بمساندتهم للإرهاب مذنبين إلى أن تثبت براءتهم»، كما تقول المنظمة.

عندما يقوم خبراء السياسة الخارجية الذين يعرفون ثقافات الشرق الأوسط وغيره من الثقافات المسلمة بإسداء المشورة لإدارة الرئيس بوش بأن تكون أكثر ذكاء في أساليب محاربتها للإرهاب في وسطنا، فإنهم لا يوصون بأن ننظر إلى الناحية الأخرى. كذلك فهم لا يقولون إنه توجد تفاحات فاسدة في السلة. ما يقولونه هو أنه يتوجب علينا أن نتوقف عن استبدال رهاب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول بالأدلة والبراهين. وأنه عندما تقوم وزارة العدل باتهام أحدهم بعمل غير قانوني، يجب أن يكون لأحد ما الحق في إجراءات قانونية حسب دستورنا وإجراءاتنا القانونية.

من غير المحتمل أن يأتي استخدام القانون كوسيلة فظة للولايات المتحدة بالكثير من الأصدقاء في جالية نحتاج منها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء.

* أدار مشروعات تنموية اقتصادية في الشرق الأوسط لوزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند» //البحرين/

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1963 - الأحد 20 يناير 2008م الموافق 11 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً