العدد 1961 - الجمعة 18 يناير 2008م الموافق 09 محرم 1429هـ

الجودر: عاشوراء فرصة للدعوة إلى الوحدة الإسلامية

حذّر من تشويه ذكرى استشهاد الإمام الحسين بممارسات ليست من الدين

الوسط - محرر الشئون المحلية 

18 يناير 2008

أكد الشيخ صلاح الجودر أن ذكرى استشهاد الإمام الحسين تعد فرصة إلى الدعوة للوحدة الإسلامية والتماسك، ووجّه رسالة إلى «من يسعى لاستثمار مناسبة عاشوراء لضرب الوحدة الإسلامية والوطنية»، فقال: «اتقوا الله في هذه الأمة، وإياكم تشويه ذكرى استشهاد الإمام الحسين بممارسات ليست من الدين ولا العرف ولا يقبلها العقل والمنطق، ألم يأن لكم أن توقفوا تحشيد الشباب واستغلالهم في تأجيج نار الفتنة والعداوة بين المسلمين، سنة وشيعة؟، ألم يأن لكم أن توقفوا تهييج النار على أمة محمد».

وأضاف في خطبة الجمعة بجامع طارق بن زياد بالمحرق أمس (الجمعة) «لذلك فإن من الأصول التي يجب أن يتنادى لها المسلمون - سنة وشيعة - في هذه المناسبة هي الدعوة إلى الوحدة والائتلاف، امتثالا لقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (آل عمران: 103)، وقوله: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (الأنفال: 46)، فالمجتمع الذي عاش فيه الإمام الحسين، لم يكن مجتمعا سنيّا ولا شيعيّا، ولكنه مجتمع مسلم تربى على يد رسول الله (ص)، مجتمع رفض العصبية بأنواعها، ورفض التدابر والتنافر، ورفض الفرقة والتناحر»، مؤكدا أن «الإمام الحسين لم يخرج من أجل منصب دنيوي ولا لمكاسب سياسية، ولكنه خرج من أجل الإصلاح في أمة جده رسول الله».

واستشهد بقول أبي الدرداء: «خرج علينا رسول الله ونحن نتنازع في شيء من الدين، فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله، قال: ثم انتهرنا، وقال: (يا أمةَ محمد، لا تهيجوا على أنُفسكم وهج النار)».

وقال الجودر: «إنه لن تستبدل الأمة ضعفها بقوَّة وهوانها بعزة إلا إذا عادَت إلى ذلك الطراز العالي الذي سطّره السلف من الصحابة وآل البيت، فتمرُّ هذه الأيام ذكرى استشهاد الإمام الحسين، تلك الذكرى الأليمة التي قتل فيها الإمام الحسين حفيد رسول الله بجريمة نكراء مازال التاريخ يذكرها بكثير من الحزن والأسى».

وتابع «وأنتم في بداية العام الهجري عليكم أن تقوموا بدوركم لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، بضبط النفس وتحكيم العقل والمنطق، والسعي بالكلمة الطيبة والعمل النبيل والتصدي لمخططات الفتنة والتفتيت التي تشهدها المنطقة».

وخاطب الجودر المصلِّين «عباد الله، أحيوا الأمل والثقة في نفوس الشباب والناشئة بحقيقة هذا الدين، أغرسوا في صدورهم حب صحابة النبي وآل بيته الطاهرين، وذكروهم بأن الإمام الحسين كان حنيفا مسلما، أبعدوا عنهم ثقافة السب والشتم والتطاول على رموز الأمة وعلمائها، ملتزمين بمنهج الوسطية والاعتدال، مظهرين سماحة الإسلام في الأخلاق والقيم وفضائل الأعمال»، مذكِّرا بقوله تعالى: «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» (الأنبياء: 92)، وقوله تعالى: «ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون» (الروم: 32).

وأشار إلى أن «من محبة الله وطاعته محبة رسوله وطاعته»، واستشهد بقوله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبِعوني يحببكم الله» (آل عمران 31)، مضيفا «ومن علامات محبته محبة من أحب، وطاعة من أمر بطاعته، ومن ذلك محبة صحابته وآل بيته، فهلمُّوا - عباد الله - نقف مع تلك الصور الإيمانية في حياة صحابة رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين، فصحابة رسول الله أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، كما قاله ابن مسعود. فحبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة».

كما استشهد بقول الرسول (ص): «لا تسبُّوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه»، ثم أضاف «وها هو أميرُ المؤمنين علي يصف حال الصحابة، فعن أبي أراكة قال: (صليت خلف علي صلاة الفجر، فلما سلّم انفلت عن يمينه ثمّ مكث كأن عليه الكآبة، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال: لقد رأيت أصحاب محمد، فما أرى اليوم شيئا يشبههم، كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا، بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا لله سجّدا وقياما، يتلون كتاب الله، ويراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا ذكروا الله، مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح، فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم)».

وعن محبة آل بيت النبوة وإجلالهم، قال الجودر إنه «مطلب شرعي كما قال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (الشورى:23). لقد أمر بمحبتهم، وبشّر محبّهم بالجنة، وأنذر محاربهم بالحرب، وشرع الصلاة عليهم معه في كل صلاة (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد)، وقرنهم في حديث الثقلين بكتاب الله، ووصى بهم وأكد الوصاة بقوله: (أما بعد: ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي)».

وأضاف «هذا أبوبكر الصديق يقول: (والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي). وهذا عمر بن الخطاب يقول للعباس عم رسول الله: (والله، لاسلامك يومَ أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب - يعني والده-، لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب). وقد أمر رضي الله عنه العباس عام الرمادة أن يستسقي بالناس، فقال عمر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)». داعيا إلى التأمُّل في هذه الحادثة العظيمة لأخذ الدروس والعبر منها ولمعرفة العلاقة بين صحابة رسول الله وآل بيته.

وقال خطيب جامع طارق بن زياد: «عن الشعبي: صلى زيد بن ثابت على جنازة أمه، ثم قربت له بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه (أمسكها)، فقال زيد: (خلِ عنه يا ابن عم رسول الله)، فقال ابن عباس: (هكذا نفعل بالعلماء)، فقبل زيد يد ابن عباس، وقال: (هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا)، مضيفا: «قال الآجري رحمه الله: (واجب على كل المسلمين محبة أهل بيت رسول الله، ومناصرتهم والبذل لهم، والذب عنهم، وذكر مناقبهم ومحاسنهم والدعاء لهم). ولم يقف الأمر عند هذه الصور بل تعدى إلى صور الترابط والتلاحم الأسري بين الصحابة وآل بيت النبي، وقد بدأها رسول الله بأن تزوج عائشة وحفصة ورملة بنات أبي بكر وعمر أبي سفيان».

وأردف «وتزوّج عثمان بن عفان رقية وأم كلثوم، وتزوج علي بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله. وزوّج علي ابنتيه رقية وأم كلثوم لعمر بن الخطاب. وتزوّّج الحسن بن علي بن أبي طالب أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وتزوج حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر. والإمام جعفر الصادق أمُّه فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. هذه بعض صور العلاقة بين الصحابة وآل بيت النبي».

العدد 1961 - الجمعة 18 يناير 2008م الموافق 09 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً