يخطئ من يظن أنه لا «أعداء» في الداخل للحكومة والشعب على حد سواء في هذا البلد! يخطئ كثيرا من يحمل هذا الاعتقاد، لأنه بذلك سيقع ذات يوم من شاهق، وسيرتطم بأقسى حقيقة باعتباره واحدا من مئات المخدوعين والمغرر بهم!
في بلادنا، لفيف غريب من الأعداء الذين يتفننون في توجيه قذائف التدمير للمجتمع لتصيب أضرارها الفتاكة الناس أولا، ثم يأتي دور إصابة الحكومة بعدهم مباشرة... وقد وضعت تصنيفا في هذا المكان ذات يوم، لأولئك الأعداء، ومنهم كتّاب في الصحافة ومسئولون كبار وصغار، ومشايخ وعلماء دين من الطائفتين، وبينهم أيضا نواب وناشطون في مختلف الاتجاهات.
المهم، أن الطامة الكبرى، هي أن أولئك الأعداء الذين يكيدون الكيد لأهل البلد، يخطئون - من حيث يحتسبون أو لا يحتسبون - في تقدير الأمور من باب الظهور بمظهر الموالي العظيم الذي يفني نفسه وأهله وماله من أجل البلد، وهو لا يعدو كونه مجرد باحث عن مصالح ومناصب ومال وجاه... وهذا التقدير الخاطئ مؤداه أنهم يهينون الحكومة في كثير من الأطروحات التي يقدمونها على أنها (كشف عظيم) لا تعلم عنه الحكومة ومسئوليها وكأنهم نيام!
لقد أخطأ الكثير من أولئك «الأعداء للبلد وللحكومة» حينما ملأوا الصحف، وظهروا في التلفزيون مرات ومرات، وتحدثوا في الإذاعة مرات ومرات عن انتعاش اقتصاد البلد وارتفاع معدلات النمو الاستثماري، وتنفيذ المشروعات الجبارة وتقديم التسهيلات كافة للمستثمرين، ومضوا على هذا المنوال طيلة سنوات! والناس، وأولهم المستثمرون، كانوا يعلمون بأن هناك «خللا» يدمر اقتصاد البلد يبدأ بالعقبات والعراقيل، وينتهي «بتطفيش» المستثمر، وأولئك الأعداء «طايحين مديح وهمي كاذب»، كشفته مبادرة سمو ولي العهد التي استجاب لها جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء، والمرتبطة بتعطيل تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي.
وللحكومة نقول، هم أولئك الكتّاب والنواب وبعض وجهاء وخبراء تحدثوا وأثنوا وامتدحوا النجاح المبهر في تنفيذ المشروعات الاقتصادية، واستخدموا الكذبة سنين طويلة حتى انكشفت! هم أنفسهم يا حكومة، الذين يحرضونك ضد الشعب وضد مطالب الناس، وضد رغبة المواطن البحريني في العيش عزيزا في بلاده كونه مواطنا من الدرجة الأولى.
هم ذاتهم الذين يحرضون الحكومة اليوم على المواطن طبقا لانتمائه المذهبي، فإن كان هواهم يتطلب الضرب في الشيعة فعلوا! وإن كان هواهم الضرب في السنة فعلوا أيضا! هم ذاتهم الذين ينعم عليهم بعض المسئولين بالهبات والأعطيات والسيارات والأراضي والشيكات والسفرات وركلات الجزاء ضد غيرهم من المواطنين.
في قرارة نفسي، أريد من الحكومة، وأنا مواطن من رعاياها، أن تتبع المقولة الرائعة : «صديقك من صدقك»! لأنهم - يا حكومتنا - لا يحبونك ولا «يطيقونك»، ويكذبون وسيكذبون عليك في أعمدتهم التي تهاجم «الوفاق» و»حق» كما تهاجم «العدالة والتنمية» و»الأصالة» بحق وبغير وجه حق! وتهاجم كل بحريني «مصدق نفسه» ويتحدث بكل حرية منتقدا تارة ومتذمرا تارة أخرى، ويعتبرونه إرهابيا مدمرا للأوطان...
اليوم يمتدحون «التجنيس العشوائي» وغدا ستغضبين عليهم... اليوم، ينكرون «التمييز والطائفية» وغدا ستكتشفين زيفهم وكذبهم... يا حكومة، هم لا يحبون إلا (خزنتش المليانة)... تأكدي أنهم منافقون علاماتهم ثلاث شهيرة: إذا حدثوا كذبوا، وإذا ائتمنوا خانوا، وإذا وعدوا أخلفوا!
يا حكومة... «شوتيهم شوته قوية، وستربحين»!
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ