يداهمني صوته الجارح هاتفا: آن لهذه الأمة أن تتحول إلى صباحاتها المؤجلة... نخر الليل في عظامها حتى استحالت إلى خربات بطول وعرض هذا الوطن الممتد من الوجع حتى حدود الكوارث!.
يداهمني صوته الطالع من عزلته الدهرية... صارخا في صدأ الترسانات، وتدلي الكروش، وإشاعة البلادات، وهيمنة الحمقى، وريادة المصابين بأورام الغباء، والمتصدرين الشاشات المكتظة بالبغاء السياسي والأخلاقي!.
يطلع كأنه القضاء/ الحتف صارخا بي: آن لك أن تعيد النظر في وجودك/ العدم، كن فاصلة في ثرثرة اللغة... كن ضوءا في سيادة الحلكة... كن نبيلا في هيمنة التواطؤ... كن حرا في سيادة القيود... كن صرخة تعري فقه الصمت... كن توازنا في حاكمية التذبذب...كن رأسا في نجومية الأحذية... كن تأملا في استفحال الرصد العسكري...كن صحوة في شعبية الخدر... كن نهرا في طوفان الرمل...كن زرقة في الحلَلَك... كن نشيدا في تعميم المآتم والجنازات... كن رجلا في تسيُّد الجنس الثالث... كن شهما في سريان التخاذل... كن لعنة في تفشي الحمد الكاذب...كن (ألِفَا) في التداعي... كن بسملة تعيد التوازن للتهور... كن رحمة في غلظة النطع... كن مُربكا في ادِّعاء الثقة... كن وغدا أمام الإستباحات... كن راعفا في التخثر... كن ورَّادا في الصدور...كن مدلهمَّا في الصباحات الغبية...كن فارعا في هيمنة التراب...كن فظا أمام القتلة...كن متهورا أمام التبجح...كن وجودا في صيت العدم...كن أبا ليتم مقيم... كن طليعة في التراجع... كن مُبْهرا في انهمار السخافات!!!.
***
تداهمني روحه التي تُخرج المادة من عاديتها... أرمقه بقليل من أمل، فيحيلني الى موهبة تنحر اليأس في عقر داره... يداهمني لظاه فأستحيل ماء يستدرج حشْر العالم في استواء الظمأ... أتأمل قيامته التي استعصت على الرصْد وطوابير الكَتَبَةِ!!!.
***
قال لي : بيدك أن تحيل ذروة يأسك إلى سماء... بيدك أن تحيل التراب إلى مهرجانات ذُرى... بيدك أن تحيل رجسك إلى صلاة... بيدك أن تحيل صلواتهم إلى رجس... بيدك أن تحلق بأجنحة من يقين... بيدك أن تربك العالم بالشك!!!.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ