العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ

تلوين الخطاب لصابر الحباشة ترجمات في اللسانيات وعلوم اللغة والمعرفة

عن الدار المتوسطية للنشر في تونس، وضمن سلسلة الكوثر صدر حديثا كتاب في الترجمة اللسانية بعنوان «تلوين الخطاب». هذا الكتاب حصيلة معاشرة للنصوص اللسانية في مظانّها الغربية، طيلة عقد من الزمان، وقد جمعها المترجم صابر الحباشة وقد أظهرت له مباشرة تدريس اللغة العربية أنّ قطيعة معرفية حاصلةٌ بين دارسي العربية واللسانيات الحديثة، فإذا استثنينا بعض كليات الآداب في المغرب العربي، أساسا، ألفيْنا حضور اللسانيات، في دراسة اللغة العربية، حضورا تزيينيا، أشبه ما يكون بحالات مقارنة «مبتسرة» بين الجرجاني وتشومسكي أو سيبويه ودي سوسير، في ضرب من الاختزال المشوّه. فلعلّ جهد الترجمة لا يذهب سدى، متى حرص الدارس على عدم التوقف عند حدود الفهم والتمثّل، بل شرع في إنتاج المعرفة، سواء بالنقد أو بالتأسيس، أو بكليهما معا.

إننا نظنّ أنّ عمل الترجمة في قطاع اللسانيات يجب ألاّ يمكث في أسوار الجامعة معتزلا حركة البحث في المجتمع، بل ينبغي أن ينفتح هذا الجهد على تكريس روح التقدم اللسانيّ الحديث في صُلب مناهج التدريس بمختلف مراحله، وعدم الاكتفاء بالتجريب المحتشم، في مرحلة التعليم العالي، فحسب. ولعلنا لا نجافي الصواب إن زعمنا أنّ اللسانيات قد تقلّبت منهجيا ونظريا تقلبات كثيرة في القرن الماضي في الأفق الغربيّ، بيد أنّ التقبّل العربيّ قد اكتفى في الغالب الأعمّ، بالتلقّي المعرفيّ؛ أي أنّه نظر إلى معطيات هذا العلم بوصفها معارف عصرية، ولم يتجاوز ذلك إلى اعتبارها رؤية تقطع مع النحو بالمعنى القديم من دون أن يكون هدفها إلغاء ذلك النحو، بل هي تسعى إلى توسيعه بشكل يجعله يتخلّص من ربقة القواعدية المهيمنة على صيغه المكرَّسة.

وزاد الطينَ بلّة، في السياق العربيّ، أنْ حملَ لواءَ نقدِ النحوِ العربيّ دعاةٌ أيديولوجيون لا علماءُ فنّيّون مختصّون، فتعمّقت النفرة الواقعة أصلا بين العرب وبين تحديث منوال النحو العربيّ، مخافة أن يُعدّ ذلك طعنا في الدين أو رغبة متستّرة في محاربة الفصحى، تحت ستار التطوير والعصرنة.

يعدّ هذا الكتاب، مدخلا لقراءة اللسانيات انطلاقا من مباحث مفرّقة ولكنها تكوّن رصيدا أوّليّا يمكن للمجتهد أن ينطلق منه لتوسيع الاهتمام بظاهرة من ظواهر اللغة، في أبعادها الاستعمالية أو المعيارية.

ويرى المترجم أنّ ما دفع به إلى نشر هذا الكتاب، على رغم ما يعتور مقالاته من تباعد، هو ما يراه من وجود حاجة في السياق العربيّ إلى تداول النظر في هذه العلوم اللغوية والمعرفية والدلالية، وما تطرحه من قضايا حديثة لا شك في أنّ المثابرة على تنقيحها وتغييرها، لم ولن تتمّ إلا بتحقيق قدر من التراكم المعرفيّ، في هذه المجالات، وهو ما نشكو من عدم توافره، بحسب وجهة نظره، بالنسبة إلى المشتغلين باختصاص اللسانيات العربية.

العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً