العدد 1958 - الثلثاء 15 يناير 2008م الموافق 06 محرم 1429هـ

تكريس معنى الحق (2/2)

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

تزخر مكتبة حقوق الإنسان بالإعلانات والمبادئ والاتفاقيات المؤكدة لتحمّل الدولة المسئولية والواجب الرئيسيين في تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها. نذكر منها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1989 لمنع عقوبة الإعدام، والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء في العام 1990، والمبادئ الأساسية بشأن دور المحامين في العام 1990، والمبادئ الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في العام 1990، ومجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن في العام 1988والإعلان المتعلق بحق ومسئولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا في العام 1999.

وسنعرض في هذا المقال بعض مضامين مبادئ حماية المحتجزين وحماية الحريات. وللقارئ خيار الاستزادة في جميع المواقع المعنية بحقوق الإنسان.

بخصوص الإعلان المتعلق بحق ومسئولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا أصدرت الأمم المتحدة الإعلان السابق في العام 1998، مؤكدة السمة العالمية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ودور الدولة الرئيسي في تعزيزها وحمايتها وتنفيذها بطريقة عادلة ومنصفة، وحق ومسئولية الأفراد والجماعات والرابطات في زيادة التعريف بها على الصعيدين الوطني والدولي.

ومن أهم المواد «المادة 1» التي تنص على «من حق كل شخص - بمفرده وبالاشتراك مع غيره - أن يدعو ويسعى إلى حماية وإعمال حقوق الإنسان والحريات الأساسية على الصعيدين الوطني والدولي».

كذا «المادة 2» التي تنص على «1 - يقع على عاتق كل دولة مسئولية وواجب رئيسيان في حماية وتعزيز وإعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بعدة طرق منها اتخاذ ما قد يلزم من خطوات لتهيئة جميع الأوضاع اللازمة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الميادين، فضلا عن إتاحة الضمانات القانونية المطلوبة لتمكين جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها - بمفردهم وبالاشتراك مع غيرهم - من التمتع فعلا بجميع هذه الحقوق والحريات. 2 - تتخذ كل دولة الخطوات التشريعية والإدارية والخطوات الأخرى اللازمة لضمان التمتع الفعلي بالحقوق والحريات المشار إليها في هذا الإعلان».

وترسم «المادة 3» المعايير المحلية المطلوبة من خلال نصها القائل: «يشكّل القانون المحلي المتسق مع ميثاق الأمم المتحدة والالتزامات الدولية الأخرى التي تقع على عاتق الدولة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية الإطارَ القانونيَ الذي ينبغي أن يجري فيه إعمال حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها، وتنفيذ جميع الأنشطة المشار إليها في هذا الإعلان لتعزيز تلك الحقوق والحريات وحمايتها وإعمالها بشكل فاعل».

بقليل من التأمل نجد أن انتهاكات وتراجعات جسيمة وملموسة قد طرأت على معايير الدولة في التعامل الأمني قبل حوادث مسيرة 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وبعدها. فلا ضماناتِ قانونية نزيهة ولا اتساق مع ميثاق الأمم المتحدة بل تطبيق نسخة محلية مشوهة عبر المزيد من منع الآراء المعارضة والمواقع الإلكترونية والعمل المعاكس ضمن أدوات وأفراد ملثمين مسلحين للضرب ونشر الخوف وتكميم الأفواه.

أين ما نسمع ونرى من المبادئ العالمية لحماية الأشخاص المحتجزين؟ اعتمدت الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1988 مجموعة مبادئ من 39 مبدأ؛ لحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ويأتي في نهاية مجموعة المبادئ حكم عام ينص على «ليس في مجموعة المبادئ هذه ما يفسّر على أنه تقييد أو حد من أي حق من الحقوق التي حددها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

ذلك العهد الذي صدقت عليه الدولة في 20 سبتمبر/ أيلول 2006. ولكنها لم تصدق على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوى من قبل الأفراد، ولا البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام.

«المبدأ 6» يقر «لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية. ولا يجوز الاحتجاج بأي ظرف كان كمبرر للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية». «المبدأ 11» يتحدث عن توفير فرصة حقيقية للمحتجز للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى، مع حقه في الدفاع عن نفسه والحصول على مساعدة محامٍ بالطريقة التي يحددها القانون.

«المبدأ 13» يتحدث عن واجب السلطة المسئولة في تزويد المحتجز بمعلومات عن حقوقه وتفسير لهذه الحقوق وكيفية استعمالها. «المبدأ 15» يتحدث عن حق المحتجز في الاتصال بالعالم الخارجي، وخصوصا أسرته أو محاميه من دون تأخير. «المبدأ 16» يتحدث عن الحق في إخطار أفراد أسرته أو أشخاص مناسبين آخرين يختارهم، عن القبض عليه أو احتجازه أو سجنه أو نقله والمكان الذي هو محتجز فيه. «المبدأ 17» عن الحق في الحصول على مساعدة محامٍ اختاره بنفسه، أو محامٍ تعينه له سلطة قضائية أو سلطة أخرى في جميع الحالات التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك ومن دون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك مواردَ كافية للدفع.

«المبدأ 18» يتحدث عن الحق للشخص المحتجز أو المسجون في أن يتصل بمحاميه ويتشاور معه بمدد كافية وعن عدم جواز تقييد هذا الحق. كما يتحدث المبدأ عن شروط المقابلات بين الشخص المحتجز ومحاميه بحيث «لا يجوز أن تكون على مسمع من أحد موظفي إنفاذ القانون». «المبدأ 19» عن الحق في أن يزوره أفراد أسرته وخصوصا في أن يتراسل معهم. «المبدأ 21» يحظر إرغام المحتجز على تجريم نفسه بأية طريقة أخرى أو الشهادة ضد أي شخص آخر أو تعرضه للعنف أو التهديد أو لأساليب استجواب تنال من قدرته على اتخاذ القرارات أو من حكمه على الأمور.

أما «المبدأ 24» فيتحدث عن حق المحتجز في الرعاية الطبية المناسبة في أقصر مدة ممكنة عقب إدخاله مكان الاحتجاز أو السجن، وتوفير الرعاية الطبية والعلاج بالمجان، على حين «المبدأ 29» يتحدث عن الرقابة على أماكن الاحتجاز وتفقدها بصفة منتظمة عبر أشخاص مؤهلين ومتمرسين تعينهم وتسألهم سلطة مختصة مستقلة تماما عن السلطة التي تتولى مباشرة إدارة مكان الاحتجاز، و «حق المحتجز أو المسجون في الاتصال بحرية وفي سرية تامة بالأشخاص الذين يتفقدون أماكن الاحتجاز أو السجن».

و «المبدأ 32» يتحدث عن الحق في اقامة دعوى أمام سلطة قضائية أو أية سلطة أخرى للطعن في قانونية احتجازه بغية الحصول على أمر بإطلاق سراحه من دون تأخير، إذا كان احتجازه غير قانوني. «المبدأ 33» يتحدث عن الحق في تقديم طلب أو شكوى بشأن معاملته، ولاسيما في حال التعذيب أو غيره إلى سلطات الإنصاف. «المبدأ 34» يتحدث عن الحق في طلب تحقيق في سبب الوفاة أو الاختفاء لأحد المسجونين. وتتاح عند الطلب نتائج هذا التحقيق أو تقرير. «المبدأ 35» يتحدث عن الحق في التعويض عن الضرر الناتج من أفعال مخالفة للموظف العام. كما يتحدث «المبدأ 38» عن حق الفرد في محاكمة خلال مدة معقولة أو أن يفرج عنه رهن محاكمته.

مما ورد نستنتج أن البحرين - على رغم انضمامها إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة في 6 مارس/ آذار 1998 - فإنها مازالت تراوح مكانها. بل تتراجع نظرا إلى ما تعتقده الدولة من انقضاض طائفي عليها، في نكران مستمر للأسباب الحقيقية لعدم الاستقرار المجتمعي. فالناس في البحرين يشكون الجوع والفقر والبطالة والتمييز والاكتظاظ السكاني في مساكنَ ضيقةٍ، على حين ينعم إخوتهم في دول الجوار الخليجية بالعيش الكريم. هم وطنيون محبون لبلدهم ولا يريدون مزيدا من الدمار.

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1958 - الثلثاء 15 يناير 2008م الموافق 06 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً