بالنسبة إلي لا يوجد ما هو أروع من الجلوس مع كبار السن ليأخذوك معهم إلى ذكريات الماضي... في إحدى الليالي وبينما كان الشياب يتوافدون إلى مجلسهم العامر، فتح أحدهم الحديث عن البيضة والدجاجة بقوله: «والله ناس متفرغة، يناقشون هل إن البيضة جت قبل وإلا الدجاجة؟».
وأضاف «يدخلون في خلق الله وفي كل شي، يعني وش الفرق لو أن البيضة جت قبل وإلا الدجاجة، هذا إحنه ناكل بيض وناكل دجاج، ولو إن البيض والدجاج غلا شوي...».
أخذ بعض الشياب يحكون رؤوسهم لأنهم لا يملكون أية معلومة عن هذا الموضوع، ويكفي أن البرد أخذ منهم مأخذه وكل همهم الاقتراب من «الدفاية» ليرجع إليهم روعهم... الحاج علي الذي تحدث عن البيضة والدجاجة لم يطرح الموضوع من جديد وبدا عليه «الزعل» وخصوصا أنه طرح موضوعات كثيرة من قبل ولم تلق أية استجابة، وهو يعرف أن الجماعة سيتفاعلون مع الحاج حسن بعد قليل في أي موضوع يطرحه.
دخل الحاج حسن، وجلس ووجه الحضور أنظارهم إليه ليبدأ بالحديث عما أشاح الحاج علي عنه، وسرعان ما بدأ الحديث «الجهال في البيت ما يبغون يتعشون الليلة خضرة، والله تجبروا هالأولاد، الأول إحنه نرضى ناكل أي شي وننام، وأتذكر إن الوالدة تخش السمك من يوم إلى يوم وفي أيام ما نحصل أي أكل وننام على بطن خاوي».
اقترب من «الدفاية» وأكمل حكايته «أذكر في شهر رمضان كنا نفطر على بقل ورويد وشوي دبس، وما نحصل أي شي نتسحر به، حياتنا الأول يا جماعة الحياة صعبة ولكن الحياة أظن بتصير أصعب، مو معقولة إن الجبن يصير بتسع روبيات ونص روبية، وخيشة العيش بتضرب أكثر من 20 دينار»!
حديث هؤلاء الطاعنين في السن عن الحياة وصعوبتها في الماضي لم يأت من فراغ، ومن يدري لعل تجارب الأجداد تتكرر مع الأحفاد في زمن النفط وناطحات السحاب... صحيح أننا لن نصل إلى مرحلة نفطر فيها على بقلة وصرة رويد مع قليل من الدبس، ولكن بوادر أزمة جيوب المواطنين قد لاحت صورها وبانت مظاهرها، ونتمنى أن تستجيب الحكومة وبصورة سريعة إلى الغلاء الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها، فلا يعقل أن يدفع المواطنون ضريبة غلاء الأسعار ويكونوا هم الضحية لهذه المهزلة!
الحل بسيط جدا، وقد ذكرناه مرارا وتكرارا وسنذكره دائما، وهو إما ضبط الأسعار عبر الجهات المعنية ووضع تسعيرة ثابتة تناسب حجم الفائدة الربحية، فلا يعقل أن يحصل التجار على ربح 100 في المئة أو 200 في المئة والحكومة تتفرج على الوضع وتتحدث عنه باستحياء، وإذا كان ولابد فعلى الحكومة دعم الأسعار الخاصة بالسلع الأساسية...
نحن لا نريد أن نصل إلى مرحلة يستغل فيها المواطن لدفع العجوزات في الموازنات أو يتحول تقسيم البحرين إلى طبقتين؛ إحداهما طبقة كادحة تعمل من أجل طبقة الأغنياء والترفيه عنهم.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1958 - الثلثاء 15 يناير 2008م الموافق 06 محرم 1429هـ