وصولهم للقمة في عالم الفن، أو حصولهم على الشهرة لنجاح عمل أو عملين أو غالبية أعمالهم، لن يحميهم من أقدراهم ومن نزول الشدائد ووقوع المصائب عليهم. ولعل ما يميز مشكلاتهم وشدائدهم عن باقي الناس أن وسائل الإعلام الآن تتهافت على تناقل أدق تفاصيلها وتتبع أخر تطوراتها.
هكذا هي مصائب الفنانين، أرض بلا حراس أشداء، يقتحمها كل من تملكه الفضول، ويدور حولها أكثر مما فيها.
فمقتل (هبة العقاد) ابنة الفنانة المغربية المقيمة في القاهرة (ليلى غفران) قبل فترة قصيرة طعنا في شقتها هي وصديقة لها، تحول من مجرد خبر جريمة قد تكون مؤسفة، تحصل يوميا هنا وهناك، لخبر يجد لنفسه مجالا كبيرا على شاشات القنوات الإخبارية، والصحف وطبعا المجلات.
وقبل خبر هذه الشابة، كان خبر مقتل الفنانة اللبنانية (سوزان تميم) والذي مازالت تفاصيل حوادثه تدور في أروقة المحاكم المصرية، ومازالت أجزاء القصة تتكشف بالتدريج بطرق عديدة.
وبالتأكيد أخبار الحوادث المؤسفة التي أودت بحياة بعض الفنانين - أو للدقة أكثر، الفنانات، كون غالب هذه الفواجع وقعت لفنانات -، لم تكتفِ باسم أو اسميين خلال السنوات الأخيرة، فذكرى المطربة التونسية التي يقال إن الجريمة التي أودت بحياتها قام بها زوجها، وقبلها بفترة كان ما سمي بانتحار سندريلا الشاشة الممثلة المصرية (سعاد حسني).
ما مميز هذه القصص أن وسائل الإعلام على أشكالها أعطتها فرصة لتحتل جزءا وحيزا من كم المعلومات والأخبار التي يتتبعها المشاهد العربي، ولعبت أدوارا متفاوتة في خدمة أو أذية هذه القضايا.
فسعاد حسني التي مازالت الشكوك تدور لدى البعض عن مدى صحة أقوال إنها انتحرت ورمت بنفسها من شرفة منزلها في لندن، أو أنه ألقي بها من على شرفتها لدفن معلومات كانت تعرفها، أو لمحاولة الاستيلاء على بعض ممتلكاتها، أو لأي أسباب أخرى.
وقضية مقتل الفنانة (سوزان تميم) التي تخبطت وسائل الإعلام في البداية ما بين من تظنهم مشتبهين، وتبين فيما بعد أن المسألة تتجاوز كونها جريمة ذهبت ضحيتها فنانة مغنية.
ما يجمع بين مختلف هذه القصص أنه ما أن تتلقف وسائل الإعلام الخبر على اختلاف وسائل تواصلها مع جمهورها، سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة أو إلكترونية، تبدأ بوضع سينريوهات وتوقعات قد لا تقترب من الواقع بالكثير، وقد لا تكون لها صلة بأي واقع، وبعد مرحلة التكهنات تبدأ بعض الحقائق بالتسرب من جهات رسمية أو جهات لها صلة قرابة أو معرفة بالضحية، لتبدأ سلسلة أخرى من التكهنات والتصورات، والتي ستنتج فيما بعد الكثير من إشاعات التي تصنع من الحبة قبة.
ولعل الإنترنت يلعب أكبر دور في ربط هذه القصص بما ليس فيها في كثير من الأحياء، فأكثر ما يحدث بعد وقوع حادث لأحد المشاهير هو تناقل معلومات تهول وتعظم من تفاصيل القصة، ويحولونها لما يشبه أفلام الرعب، حتى أنه من يسمع ما جرى بتفاصيله الدقيقة فيما بعد سيظن أن نوعا من الرقابة والحجب قد وقع على القصة للتخفيف من هول صورها العنيفة الدموية.
وإذ كانت بعض الحوادث المحزنة وقعت لبعض هذه الأسماء المعروفة في أوساط المشاهير العرب، فإن أكثر ما ترافق معها هو تعديات من وسائل إعلام وفضوليين لم يحترموا حزن أسر هؤلاء المشاهير، ولم يقيموا لحرمة الموت والأموات الشيء الكثير، فثرثوا بقصصهم كما تدور أحاديث الثرثة عن أية فضيحة سطحية
العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ