العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ

«دوروا غيرها»

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

منذ مدة ونحن نستشعر الغلاء في الأسعار بدءا من مواد البناء إلى الخبز والحليب. وفي كل مرة يطلع علينا المسئولون «لا يوجد غلاء»، أو إن الموجة تواكب موجة الغلاء العالمية وليس باليد حيلة! ونتساءل أين هم الآن بعد أن كشف المستور وما عاد للتبرير والعبارات المكررة تلك من مجال لإقناع المواطن، وخصوصا بعد مبادرة رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى تخصيص 40 مليون دينار لإنهاء الأزمة ورفع المستوى المعيشي للمواطنين؟

بالعودة إلى زيادة 15 في المئة التي نالها القطاع الحكومي - وإن بحصص متفاوتة - قبل مدة بسيطة، لا يمكن أن ننسى زيادة أسعار بعض السلع والبضائع التي واكبت تلك الزيادة الطفيفة حتى اعتبرها البعض نقمة وليست نعمة؛ لأنها طلعت عليه «بالرادي»... وحينها انبرى المسئولون لتنظيف الساحة من تهمة غلاء الأسعار المصاحبة للزيادة، متوعدين التجار الذين يقدمون على ذلك بطائل من العقوبات، نافين ما تتوارده الألسن بل التجارب الحياتية المريرة التي انكوى بها المواطن الفقير تحديدا وهو يلتمس زيادة الأسعار في سلع أساسية بالكاد يستطيع توفير قيمتها. فكيف تريدونه أن يقتنع ويثبت دحضكم زيادة الأسعار؟ هل المطلوب منه أن يغمض عينيه ويعدم أحاسيسه مع كل فَلس يدفعه بدمه وليس بعرق جبينه فقط، فكما يقولون «اللي يده في الماي غير اللي يده في النار»؟

ها نحن اليوم موعودون جميعا (قطاع خاص وعام) براتب. وسبقنا إلى ذلك موظفو «بابكو»، فهل ستأتي علينا «الكم دينار» المرتقبة تلك «بالرادي» أيضا، لنشهد معها زيادة «من تحت الأرض»؛ لكون كل شيء «زاد» غصبا عن المشككين. ليخرج علينا المسئولون كالعادة بنفيهم أية زيادة وتوعدهم للآتي بها بالويل والثبور، على حين المواطن يشكو ويتذمر ويتدثر في أزمة الغلاء؟

على صفحات بريد القراء في الصحف المحلية عموما والمخصصة للقراء وآرائهم وهمومهم، يعرض كثير من المواطنين مواقفَ تعرضوا لها ذات علاقة بموجة الغلاء أو استغفال بعض التجار للمواطنين، متسائلين عن دور إدارة حماية المستهلك في الحد من ذلك؟ والجواب يأتي دائما إن أبواب الإدارة مفتوحة للجميع وإنها تقوم بدورها على أكمل وجه في التصدي للتجار الجشعين أو المتلاعبين. تستمر الشكاوى في النشر ويستمر الرد بالوتيرة نفسها، وهو ما أكده النائب عبدالحليم مراد في تحذيره ممن أسماهم التجار الجشعين «في ظل الدور المحدود الذي تقوم به الوزارة في مراقبتهم» حسبما ذكر في «الوسط» يوم أمس (الإثنين) على الصفحة (9)، مشيرا إلى أسفه على «تراجع دور إدارة حماية المستهلك بالوزارة (وزارة الصناعة والتجارة) إلى هذه الدرجة، حتى إن هناك من المواطنين من اتصل بالوزارة من خلال الخط الساخن لينقل شكاواه بخصوص محل تجاري معين يتلاعب بالأسعار، فما كان من الموظف إلا أن نصحه بعدم الشراء من هذا المحل»!

ذلك قول نائب منقول عن الناس. نجد أنفسنا ندعمه ونزيد عليه طالما بقيت «حماية المستهلك» تتشدق بإنجازات ما لمس المواطن أي شيء إيجابي يعود عليه منها (بل لم يشهدها على أرض الواقع أصلا)، وطالما كانت أبوابها المفتوحة لاستقبال شكاوى المواطنين ستغلق بـ «ننصحك بعدم الشراء من هذا المحل» بدلا من اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المستهلك. وهو الدور الأساسي الذي اكتسبت اسمها منه.

«المعونة» المرتقبة لن تكون أكثر من عون على مصاريف شهر ليس أكثر، إذ لا تعتبر حلا جذريا لأزمة الغلاء التي نعيشها، ما لم تحوّل إلى راتب يصب في رصيدنا شهريا يلازمه ثبات في الأسعار أو تدنيها، وهو (ثبات الأسعار) الدور المنوط بوزارة الصناعة والتجارة متمثلة في «حماية المستهلك» بجعلنا نهنأ ولو لمرة واحدة بحفنة الدنانير التي تتصدق علينا الحكومة بها مع كل أزمة نواجهها ويبحّ صوتنا ونحن نتوسل الرأفة بحالنا منها، وأن نجد منها أذنا صاغية ومجيبا لشكوانا مخالفا رده للردود «اللي ما توكل عيش، ولا تقنع حتى الجاهل، وتشعل النار عليها وعلى الوزارة».

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً