مازالت بعض الحوادث المؤسفة في رياضتنا المحلية تطل بين الفينة والأخرى في صورة اعتداءات على الحكام أو شتائم وسباب تنتج عن الانفعال الزائد عن الحد خلال المباريات أو بعدها سواء من الإداريين أو اللاعبين أو المدربين وأكثرها من الجماهير.
هذه الانفعالات السلبية تسيء إلى صورة الشخص الذي يقوم بها وهي قبل ذلك تسيء إلى صورة ناديه إلى جانب إساءتها إلى الأهداف السامية التي قامت عليها الرياضة.
فالرياضة لغة تخاطب وتواصل راقية تجمع الأعداء قبل الأصدقاء في منافسات محببة تدعو إليها الأديان وتشجع عليها لأنها من أهم أدوات التواصل بين الشعوب والأفراد ومجال لإظهار الإمكانات الفردية والجماعية لأمة من الأمم أو لجماعة من الجماعات أو لمنطقة من المناطق.
محليا، حولنا الرياضة إلى أداء من أدوات الخلافات واختلاق المعارك الوهمية، وحولنا المدرجات إلى مسارح للسباب والشتائم، وأرض الملعب إلى حلبة مصارعة في بعض الأحيان!.
الحوادث المتتالية التي لا يكاد يخلو أسبوع رياضي منها تجعل المتابع يقف مدهوشا للمستوى المتدني الذي وصلت إليه الرياضة محليا على أيدي أفراد أو مجموعات لا يستطيعون التحكم بأعصابهم لحظة الانفعال، فتراهم يقومون بكل فعل مشين بسبب أو من دون سبب لأجل التنفيس عما بداخلهم من حنق أو ما يرونه هم من ظلم تعرض له فريقهم.
بعض هذه الحوادث وصلت إلى المحاكم التي تبت فيها وسط تدخلات مختلفة لأجل إقناع المعتدى عليهم بالتنازل عنها والكثير منها لا يصل إلى المحاكم، إذ لو وصلت لما تمكنت المحاكم من القيام بواجبها لكثرة هذه القضايا.
هؤلاء المعتدون على استعداد دائما لوضع مجموعة من التبريرات لا تنتهي لأجل تبرير ما فعلوه من دون أن يتقدموا حتى باعتذار على تعدياتهم، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب.
مبدأ العفو المستمر الذي تنتهجه اتحاداتنا المحلية وإسقاط عقوبات الشطب بواسطات وتدخلات جعل هؤلاء المشاغبين يواصلون هواياتهم في الاعتداء على الآخرين من دون أي رادع يردعهم، ليصلوا بحال الرياضة المحلية إلى وضع متدن جدا يسيء بالأساس إلى واقعنا المحلي ويعكس مقدار الوعي الذي يتمتع به الرياضيون المحليون.
جميعنا متابع للرياضة العالمية والدوريات الأغلى على مستوى العالم والتي نرى من خلالها شدة الانفعالات والحماس الكبير، إلا أن ذلك لا يتعدى أبدا إلى أي إساءات أو اعتداءات، وإنما يخرج الجميع وفي أصعب المباريات متحابين وبكل روح رياضية، فبصفارة الحكم ينتهي كل شيء.
في الدول المتحضرة والمتقدمة الصفارة تبدأ كل شيء وتنهي كل شيء وبينها انفعالات وتشنجات يستسيغها الجمهور ويستمتع بها لأنها تضفي على المنافسة أجواء رائعة من دون أن تصل إلى حد العراك أو الخروج عما هو متعارف عليه بشكل عام.
في الرياضة العالمية هناك لاعبون ومدربون مشهورون بانفعالاتهم المستمرة خلال المباريات، فالايطالي غاتوسو في ميلان الايطالي الكل يشاهد انفعالاته خلال المباريات وكذلك المدرب الايطالي كابيللو الذي ينفعل باستمرار من خارج الملعب وكذلك مدرب مانشستر فيرغسون باحتجاجاته الكثيرة على الحكام وغيرهم كثيرون، ونحن نتابع هذه الانفعالات باستمتاع لأنها جزء من متعة المسابقات الرياضية في إطار الحدود المعقولة التي لم تتعد يوما إلى أية إساءات أو معارك.
هناك انفعالات إيجابية ومحببة يمكن وضعها في إطار كوميدي رائع على عكس ما هو موجود لدينا تماما من إساءات وبذاءات واعتداءات.
العقوبات لردع هؤلاء المعتدين والمسيئين للرياضة لم تعد تنفع، لذلك نحن نناشد ونرجو من كل من لا يملك هدوء الأعصاب المطلوب ومن يعتقد أنه غير قادر على السيطرة على انفعالاته بالابتعاد عن الرياضة لكي لا يسيء إلى نفسه أو إلى ناديه ومجتمعه ووطنه، ولكي يريح نفسه ويريحنا معه.
في الوقت الذي أتمنى فيه سماع هذه المناشدة من قبل المعنيين فاني أخشى في الوقت نفسه أن لو استمع إليها جميع المعنيين أن نشاهد رياضتنا من دون لاعبين أو مدربين أو إداريين!
الجزيري مثال للعطاء الرياضي
رئيس جهاز كرة السلة السابق في نادي سترة عصام الجزيري وعلى رغم ابتعاده عن جهاز السلة في هذا الموسم فإننا نراه وبتصريحات أعضاء نادي سترة من أكثر الداعمين للفريق الأول لكرة السلة في النادي من دون أن يحتاج لظهوره الشخصي على عكس إداريين كثيرين نراهم يعادون أنديتهم بعد ابتعادهم عنها!.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ