لفت خبراء في الاقتصاد الإسرائيلي إلى أن تل أبيب نجحت خلال الفترة الماضية في بناء هيكل اقتصادي منفصل عن الواقع السياسي، بمعنى قدرته على تحقيق معدلات نمو قياسية على رغم الأجواء المتوترة، مرجحين أن تحقق «إسرائيل» نموّا يفوق ما تشهده دول متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان ومجمل دول أوروبا.
واعتبر الخبراء أن سر قوة الاقتصاد الإسرائيلي يتمثل في اعتماده على مجموعة من القطاعات التي تستطيع عزل نفسها عن تأثير التوترات الإقليمية، وفي مقدمتها قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والكيماويات والأدوية.
وحقق الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام 2007 نموّا 5 في المئة، وهي نسبة مهمة، وإن كان البنك الدولي توقع تراجعا طفيفا للعام 2008 بفعل تعثر الاقتصاد العالمي. وفي هذا الإطار، قال يوسي ميكلبورغ، وهو باحث من برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة «شاثم هاوس»، إن الاقتصاد الإسرائيلي «نجح في تطوير نوع من العزلة التي تحميه من تأثيرات عدم الاستقرار السياسي».
تشارك صحيفة «الفايننشال تايمز» هذه الرؤية، إذ يقول الصحافي توبياس باك في تحليله المعنون: «الاقتصاد الإسرائيلي يجني ثمار استغلال فرص العولمة» ، في عدد الصحيفة الصادر في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، إنه في الوقت الذي يستعد فيه المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون إلى التوجه إلى الولايات المتحدة من أجل حضور مؤتمر السلام، فإن المستثمرين والاقتصاديين يسعون سعيا حثيثا من أجل حل مشكلة تواجههم وهي كيفية تبرير سر قوة الاقتصاد الإسرائيلي.
ويرى الصحافي أن حرب لبنان 2006، وتصاعد الصراع مع الناشطين الإسلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة والتهديد الناشئ عن البرنامج النووي الإيراني وضعف الحكومة الإسرائيلية بسبب تدني شعبيتها وانقسامها، كل هذه العوامل لم تفلح في الإضرار بالأداء الجيد للاقتصاد الإسرائيلي.
وتابع الصحافي أن أداء البورصة في «إسرائيل» كان جيدا إذ ارتفعت قيمة الأسهم إلى مستويات قياسية، وأنه من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 5,2 في المئة في غضون هذه السنة وذلك بفضل تزايد الإنفاق الاستهلاكي وحجم الاستثمار الذي تضخه الشركات وقوة الصادرات.
ويلاحظ محلل الصحيفة أن معدل البطالة تراجع بشكل مطرد إذ لا يتجاوز نسبة 7,8 في المئة بعدما كان وصل قبل أربع سنوات إلى 11 في المئة من مجموع قوة العمل.
وفي قطيعة تامة مع الكساد الذي أصاب الاقتصاد الإسرائيلي ما بين العامين 2001 و 2002، فإن تل أبيب تنعم اليوم بفائض في حسابها الجاري وموازنتها. وقد سمح هذا الوضع للحكومة الإسرائيلية التصدي لبعض المشكلات القليلة التي لا تزال تؤثر سلبا على أداء الاقتصاد الإسرائيلي وهي الديون الثقيلة التي راكمتها خلال الكساد الذي شهده الاقتصاد الإسرائيلي.
ويمضي المحلل قائلا إن الأداء الجيد للاقتصاد الإسرائيلي أذكى من جديد النقاش داخل «إسرائيل» بشأن «فائدة السلام» المرجوة وما يمكن أن يجلبه من زخم للاقتصاد في حال إبرام صفقة سلام شامل مع الفلسطينيين والدول العربية.
ويختتم المحلل قائلا إن إحلال سلام دائم في المنطقة من شأنه إعطاء زخم للاقتصاد الإسرائيلي وأن نسبة النمو قد تصل إلى 6,5 أو 7 في المئة بفضل الاستثمارات الأجنبية التي يُتوقع أن تتدفق على المنطقة وازدهار القطاع السياحي وتوجيه الموارد المالية المخصصة للدفاع إلى قطاعات مدنية.
وتشير الكثير من التقارير إلى أن الاقتصاد الاسرائيلي قد امتص، الصدمة التي سببتها الحالة الصحية لرئيس الوزراء ارييل شارون في العام 2005، ودشن العام 2006 بثقة أقوى وتماسك لم يعرفه من قبل. وبالفعل يثير اداء الاقتصاد الاسرائيلي التفاؤل. فنمو اجمالي الناتج الداخلي بلغ 5,2 في المئة العام 2005 وهو المعدل الاعلى منذ ازمة التكنولوجيا العالية واندلاع الانتفاضة الفلسطينية في العام 2000.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ