مازالت مسألة عدم إصدار قوانين تسمح بإطلاق فضائيات وإذاعات خاصة في البحرين بشكل مستقل أو ضمن المؤسسات الصحافية المحلية على غرار ما يجري في الكويت قضية معطلة لا تتناسب مع معطيات حقبة الانفتاح التي تصاحب أجواءها اليوم ونأمل أن تتغير، على رغم وجود بعض التجارب المتواضعة التي أدى بعضها الى حظر البث نهائيا.
إن الاستمرار في عدم إصدار قوانين تؤطر إطلاق فضائيات وإذاعات خاصة لن يكون في صالح احد، وخصوصا انه قد يؤدي الى غياب العقلية الإعلامية المبنية على أسس صحيحة ومتطورة. وان الاستمرار في هذا النهج سيدفع البحرين قريبا الى ذيل القائمة الاعلامية، ولاسيما أن دول الجوار سبقتنا في هذا الجانب بخطوات والأمثلة على ذلك كثيرة.
إن الآلة الإعلامية الحكومية معطلة منذ زمن بسبب القهر «الرسمي» - إن جاز لنا التعبير - حتى أصبح ما يقدم مجرد تكرار ممل سئم منه المتلقي كما سئم منه العاملون في هيئة الإذاعة والتلفزيون التي لم تتغير مفاهيمها الاعلامية على رغم تبدل الديكور وظهور بعض الوجوه الإعلامية من بعض الأقطار العربية.
لعل كل ما يبث من خطاب اعلامي في هيئة الاذاعة والتلفزيون يضع صناعة الإعلام وتطويرها في حيز ضيق لا يدعو للتفاؤل، وخصوصا إذا ما قارناه بصناعة الصحافة في البحرين خلال السنوات الخمس الماضية.
ففي هذه السنوات شهدت الصحافة قفزة نوعية أمام التلفزيون والإذاعة الرسميين، حتى إن كانت الأخيرة أفضل نوعا ما من التلفزيون، إلا أن كليهما يقع في أسر الخط الرسمي والمدرسة القديمة المثقلة بكثير من العراقيل والقيود التي لا تواكب عجلة التطور مع صناعة الإعلام المرئي والمسموع.
ان وجود القوانين التي تنظم وتسمح للقطاع الخاص بإطلاق فضائيات خاصة على مستوى متطور من الأداء والكفاءة ليس بالأمر المستحيل؛ لأن البحرين لديها الطاقات الإعلامية التي من الممكن أن تواكب التطور الحاصل في صناعة الإعلام. فالصحافة مثلا ليست كتابة خبر أو عمود صحافي، بل ذهبت لتشمل معها في الوقت الراهن أدوات المرئي والمسموع ولتدخل معها أيضا ادوات جديدة يستخدمها الصحافي وهو ما يعرف اليوم بالصحافي الشامل الذي امتزج فيه المكتوب بالمرئي والمسموع وأصبح في متناول المتلقي عبر المواقع الصحافية والإخبارية الالكترونية.
نحن لا نبحث عن إطلاق صحف نسائية لإطلاق إبداعات الإعلاميات البحرينيات كما جاء في مقترح القارئ يوسف المناعي الذي يشكر له رده على مقال «واقع الإعلامية البحرينية» الذي نشر أمس الأول، ولكننا نريد تعددية مع الفضائيات والإذاعات، وهذا الأمر لم يعد مستحيلا. فهناك التكنولوجيا الجديدة التي تساعد على تحقيق ذلك والتي بدورها ستفرض فضاء جديدا وأسلوبا آخر للتعاطي مع الآلة الإعلامية لتطلق من خلالها الأفكار الجديدة والإبداعات.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ