في الرسالتين المتبادلتين أمس بين جلالة الملك وسمو ولي العهد بشأن المعوقات التي تعترض مشروعات الإصلاح الاقتصادي، ولاسيما تلك التي يتسبب فيها بعض المسئولين الحكوميين... جاء رد جلالته حاسما ومنذرا من يعرقل مسيرة الإصلاح، وأن ذلك سيؤثر سلبا على موقع المعنيين في التشكيلة الوزارية.
ليس لنا أن نؤوِّل كثيرا بشأن ما جاء في نصي الرسالتين، لكن كثيرا من المراقبين وحتى الناس العاديين يرون تناقضات غير مقبولة بين ما يطرح في مشروعات الإصلاح الاقتصادي وبين واقع الأمر، إذ تتعطل تلك المشروعات أو يتم تسويفها وينتهي أثرها.
وفي الفترة الأخيرة بدا واضحا أن هناك مواقف متضاربة بشأن قضايا كبرى تهم الشركات التي تشكل في جوهرها العمود الفقري للاقتصاد البحريني. وقد حذر عدد من أصحاب الأعمال من ضياع فرصة ذهبية تمر على البحرين حاليا تتمثل في النمو المشهود في الاقتصاد، وأن مثل هذا النمو يتطلب الجدية في معالجة الخلل الهيكلي في التركيبة الاقتصادية، ويتطلب الالتزام بالنهج المطروح عالميا لتسهيل عمليات الاستثمار من خلال الشفافية والحكم الصالح وما يتطلبه ذلك من مكافحة البيروقراطية والفساد الإداري الذي يعشش في الروتين الممل والقاتل للهمم.
إن البحرين مؤهلة أكثر من غيرها للنهوض بقوة، وهذا يتطلب رؤية واحدة متماسكة تحت دفة مؤمنة بالنهج الاستراتيجي الذي يحدد اتجاهات التنمية بعيدة المدى... نعم لدينا نمو، ولكن هل سيستمر هذا النمو إذا استمر الخلل في الإدارة الاقتصادية والعامة للبلاد؟ ثم إن النمو المتوافر لدينا يتوجب توجيهه لحل المشكلات الكبيرة التي يواجهها المواطنون، لأن المواطن هو هدف التنمية، فلا فائدة من أرقام مرتفعة في الحسابات المالية للدولة إذا كانت هناك فروقات كبيرة في المجتمع تنتج لنا أزمات سياسية واجتماعية بين الفينة والأخرى.
يتوجب علينا أن نتضامن من أجل البحرين، ونحن نعيش في عصر يتّسم بالسرعة، وإذا لم نستفد مما لدينا من إمكانات حاليا فقد نجد أنفسنا منافسين في مؤخرة الركب. ليس هناك ما هو صعب التحقيق مع وضوح الرؤية وتسديد الخطى وتنسيق الأمور ودفع المسيرة باتجاه متجانس غير متناقض.
إن أملنا كبير في أن نستفيد من كل ما يمر بنا بهدف معالجة الخلل، وهذا ليس عيبا، لأن كل مسيرة يعتريها الخلل بين فترة وأخرى، ولكن العيب هو عندما نتساهل في الأمر وتضيع الفرص وهي ماثلة أمامنا. إن الشفافية التي عوّدنا عليها سمو ولي العهد تستحق التقدير والإجلال والمساندة، كما أن جلالة الملك ربّان هذه السفينة وهو راعيها نحو الأفضل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1957 - الإثنين 14 يناير 2008م الموافق 05 محرم 1429هـ