تزامن تزايد انتشار الإنترنت وغيرها من الوسائط التكنولوجية المتعددة من أجهزة كمبيوتر وبلوتوث وهاتف نقال، لأسباب اقتصادية حتما، مع ازدياد حجم اهتمامات الناس في الدول العربية بالشأن العام، بحكم ما يجري من أحداث سياسية وتحولات اجتماعية عميقة، ولاسيما في السنوات الثلاث الأخيرة، ما أدّى إلى تنامي دور البلوغرز التي لا تحمل اسما واحدا فقط، إذ تسمى أيضا الصحافة البديلة أو التفاعلية، وكذلك الإعلام الجماهيري.
والناظر في محتويات البلوغرز العربية، التي تقدّر التوقعات أنّ عددها يفوق الآن 100 ألف، سيكتشف أنها في انتظار إنشاء مواقع عربية مختصة تهتم بمثل هذه المعطيات الإحصائية. وحديثا، تجدّد الاهتمام بالمدونات الصادرة من دول المشرق العربي مع الحملات التي سنها الرقيب العربي على مواقع المدونات، وفي زخم هذا الاهتمام إندس الرقيب العربي.
كانت البداية مع فؤاد الفرحان، جاء بعد ذلك دور سرجون مطر، تلا ذلك حجب مدونة حواء. وتفيد التقارير أنه تم إجبار صاحب مدونة «المطوّع» على وقف كتاباته في شهر أغسطس/ آب الماضي، ولقيت مدونة «محمود» المعاملة نفسها، إذ أجبر صاحبها على إيقاف مدونته التي صممها في نوفمبر / تشرين الثاني في العام 2004.
وسبق اعتقال الصحافي والمدوّن بشار الصايغ، الذي أطلق سراحه بعد مرور 3 أيام على استجوابه والتحقيق في تهمة «إهانة شخص رئيس إحدى الدول العربية إذ قام متصفّح إنترنت مجهول الهوية بنشر مقال انتقد فيه ذلك الرئيس، ولم توفر مقصلة الرقيب المرأة فكانت هناك ركانة حمور وهي من أبرز المدونات في الدول العربية، إذ ترفع شعار مكافحة الفساد في مدونتها وسبق لها أن كانت هدفا لما تقول إنّه محاولة تحرش بها عندما اعترضها رجال مخابرات في ثياب مدنية.
مدوّن قدّم نفسه تحت اسم «نمرود» قال في تصريحات لمحطة «CNN» بالعربية، إنّ السياسة باتت تلعب أثرا سلبيا في حركة التدوين، إذ أنّ ما يميّز المدونات في العالم الغربي هو تركيزها على الشأن اليومي من دون السقوط في لون سياسي معيّن.
وأعتقلت سلطات إحدى الدول العربية، وفقا لموقع «نمرود»، الكاتب والمدون مسعد سليمان حسن، الشهير بـ»مسعد أبو فجر»، الناشط في حركة «ودنا نعيش»، التي تهتم بطرح هموم ومشاكل أهالي مدينته، وسبق احتجاز المدون «مسعد أبو فجر» من دون تحديد الأسباب، في سبتمبر/ايلول الماضي لعدة أيام.
قائمة الأسماء العربية المصادرة حقوقها طويلة ولايمكن سردها جميعا هنا. لكن العينة السابقة كافية كي تثبت لنا أن مقصلة الرقيب العربي المتخلفة لاتزال مرتفعة في وجه هذه المدونات شأنها شأن أي قناة إعلامية تحاول أن تحلق خارج سرب المادحين والمشيدين.
الأمر الذي لايعرفه أو يتحاشى القبول به الرقيب العربي، أنه كأي مؤسسة عربية أخرى باتت متخلفة أجيالا عن الساحات المعاصرة، وهي – أي مؤسسسات الرقابة العربية - تعالج ظواهر الاقتصاد المعرفي المعاصرة بأدوات وذهنيات العصور الوسطى.
ولعل في الحوار الذي أجري مع الصحافي ديفد كلاين، الذي شارك أخيرا في حوار على الإنترنت رعته وزارة الخارجية الأميركية، الكثير من الإرشادات التي يحتاج إليها الرقيب العربي عند تعامله مع المدونات الإلكترونية.
يقول كلاين: «لم أشاهد في حياتي شيئا ينطوي على إمكانية تغيير وسائل الإعلام والسياسة جذريا قدر انطواء ظهور كتابة المفكرات الشخصية الإلكترونية (البلوغنغ) عليها، أو قل بروز «صوت الشعب من خلال البلوغنغ».
ويضيف «إن نظريتي الشخصية هي أن البلوغرز الذين يتناولون الأمور السياسية سيزيدون من إمكانية سماع أصوات وآراء جديدة لم تكن مسموعة من قبل»، مشيرا إلى أنه يمكن لأي شخص يملك القدرة على الوصول إلى الإنترنت أن يخلق صفحة خاصة به (بلوغ)، وأنه أصبح من الممكن بالتالي سماع آراء الناس العاديين الذين يشعرون أن لديهم ما يقولونه وأصبح لآرائهم تأثير».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1956 - الأحد 13 يناير 2008م الموافق 04 محرم 1429هـ