إن من المسلّم به أن الهواء الذي نستنشقه يحتوي على عدة ملوثات قد تكون كيماوية أو بيولوجية أو مسببة للحساسية. يعتمد تركيز الملوثات على عوامل عدة. فمثلا مكان العمل الذي يقضي فيه المرء 8 ساعات على الأقل يعدّ أحد العوامل المهمة. فالعامل في المنشآت الصناعية كالمصفاة أو مصنع البتروكيماويات أو مصهر الألمنيوم تختلف مستويات تعرضه للغازات الملوثة عن العامل في داخل المباني كالمصارف أو الوزارات.
أحد العوامل الأخرى مدى قرب عنوان المنزل من المراكز الصناعية أو محطات الكهرباء. فالجيل الجديد من البحرينيين لا أعتقد أنه سيفكر في شراء منزل جديد في منطقة المعامير.
عالميا، تدهور جودة الهواء يسبب الملايين من الوفيات كل عام وخصوصا في الدول الفقيرة. معظم الغازات الرئيسية الملوثة للهواء تنبعث بسبب أنشطة الانسان في قطاعات عدة كالزراعة والصناعة والمواصلات وإنتاج الطاقة. ولذلك من الضروري قياس نسبة التلوث بأجهزة رصد حديثة. بسبب أهمية هذا الموضوع للرأي العام قامت الجهات المسئولة بمملكة البحرين بشراء الكثير من محطات رصد الملوثات الجوية وبتوزيعها على مختلف المحافظات قبل عدة أعوام قليلة. المتتبع للنشرة الشهرية لتقرير جودة الهواء من قبل الهيئة العامة لحماية الحياة البحرية والبيئة والفطرية يمكنه ملاحظة قائمة تركيز الغازات المرصودة: أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، ثاني أكسيد النيتروجين، الهيدروجين، كبريتيد الهيدروجين، الأمونيا، الأوزون، فلوريد الهيدروجين، الميثان، المركبات العضوية المتطايرة، والجسيمات العالقة المتطايرة، والمواد الهيدروكربونية الكلية غير الميثان. الملاحظ إن قائمة الغازات التي يتم قياسها من قبل “الهيئة العامة لحماية البيئة” لا يتضمن حاليا ثاني أكسيد الكربون على رغم أهمية هذا الغاز في ظاهرة الاحتباس الحراري.
من الممكن القول إن قضية تغير المناخ مسألة عالمية وبالتالي يمكن الاعتماد على المراصد الدولية. ولكن أتمنى من “الهيئة العامة لحماية البيئة” إضافة هذا الغاز الى لائحتها التي سيتم قياسها في المستقبل. هناك سببان لضرورة القيام بهذا العمل...
أولا: تقرير التنمية البشرية لهذا العام كشف عن الارتفاع الكبير لنصيب الفرد في البحرين من كميات ثاني أكسيد الكربون (23.6 طنا) بالنسبة إلى المعدل العالمي (4.5 أطنان).
ثانيا: كشف النقاب حديثا بواسطة دراسة علمية عن ارتباط بين المئات من حالات الوفاة بسبب أمراض القلب والرئة في الولايات المتحدة وتركيز ثاني أكسيد الكربون. البروفيسور الأميركي بجامعة ستانفورد، جاكوبسون استطاع عن طريق نماذج رياضية الوصول الى هذه الحقيقة ويتوقع العالم المذكور تصاعد عدد الوفيات مع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية. هذا الحدث مهم. فهذه أول دراسة تربط بين حالات وفاة وأحد غازات الاحتباس الحراري.
تقرير التنمية البشرية لهذا العام (2007-2008) والذي كان بعنوان “محاربة التغيرات المناخية” لم يشر الى هذا الارتباط المباشر وإنما أشار الى 5 أمور أخرى هي: انخفاض الإنتاجية الزراعية، زيادة عدم الأمان المائي، زيادة إمكان حصول الفيضانات الساحلية وتغير المناخ، تدهورالنظم البيئية، وتصاعد المخاطر الصحية.
لذلك نأمل من لجنة المناخ البحريني أن توصي بإضافة غاز ثاني أكسيد الكربون إلى قائمة الغازات المرصودة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 1956 - الأحد 13 يناير 2008م الموافق 04 محرم 1429هـ