يوم الأربعاء الماضي، كتبت الصحافية اللبنانية حياة الحويك، عن «تساقط الرهانات السوداء»، على الساحة اللبنانية، من المراهنة الكبرى على اغتيال الحريري... إلى «المراهنة على الغزو الإسرائيلي في تموز، الذي آلَ إلى فشل. بعدها تكرّرت التجارب وصولا إلى مؤامرة نهرالبارد، التي كان يُرجى منها إشعال فتنة شيعية سنية في لبنان، تعزّز الشرخ العراقي.
وتوقفت الكاتبة عند خطاب السيد حسن نصر الله الذي لخّص «المشروع الأميركي في صيغته اللبنانية»: تصفية القضية الفلسطينية من البوابة اللبنانية، الضغط على سورية، انتهاج سياسات اقتصادية مدّمرة للبلد، والحؤول دون تشكيل مؤسسات وطنية غير مرتبطة بالمشروع الأميركي.
الكاتبة تكلمت عن ردود الفعل الحادة لحكومة السنيورة على الخطاب والتي لم تلقَ رد فعل من نواب الشيعة، وإنما من شخصياتٍ سنيةٍ لا يرقى إليها الشك مثل عمر كرامي والشيخ عبدالناصر جبري (نائب رئيس جبهة العمل الإسلامي)، فالأوّل وصف سياسة السنيورة بـ «العهر السياسي»، بينما تساءل الثاني عن جواز الصلاة على السنيورة بعد وفاته، باعتبارأنها لا تجوز على خائن وعميل.
الكاتبة أوردت التصريحات رغم حدّتها، لتقدّم قراءتها للوضع: إثبات إسقاط الرهان على أيّ شرخٍ شيعي سني في لبنان، بل وإسقاط الرهان الطائفي نهائيا، وإثبات أنّ هذا الانقسام إنما هو انقسام سياسي بامتياز بين أتباع المشروع الأميركي الإسرائيلي في صيغته اللبنانية، وقوى المقاومة السياسية لهذا المشروع.
الكاتبة الحويك معروفة بمواقفها السياسية الجريئة ضد الهيمنة الأميركية بالمنطقة، وهي ذات خبرة إعلامية كبيرة واطلاع ثقافي واسع، وتتقن الفرنسية والإنجليزية، ألفت أربعة كتب وترجمت أكثر من 40 كتابا في السياسة والفكر والأدب. فلا عجب أنْ تأتي كتاباتها عن الأوضاع السياسية المضطربة موضوعية ومتزنة، خصوصا عن بلدها لبنان.
في المقابل، نشر في اليوم نفسه، مقالٌ لأحد كهنة الفكر الطائفي المتخلّف، عن «تخريب لبنان عنوة»، معتمدا على مشاعر صديقه الذي زار لبنان مؤخرا، وقد تغلبتْ عليه أحاسيس المرارة بعد أنْ أقفرت القهاوي، «وساحة السوليدير تسودها الوحشة ويستولي عليها الإرهاب»! ويتحسّر على تحوّل عون من عدو لسورية إلى حليف لها، ووضع يده في يد الصفويين الجدد من منظمتي حزب الله وأمل! وهؤلاء -كما يقول - لا يهمهم أمرُ لبنان وإنما تأتيهم الأوامر والأمالي من المحورالسوري الإيراني، يريدون سطوة عقيدتهم حتى لو كان الثمن تخريب لبنان وسياحة لبنان!
كاهنٌ من كهّان الطائفية السياسية، وسجعٌ من أردأ أنواع السجع الجاهلي القديم، في بلدٍ يشجع ويحتضن كل المرضى الطائفيين. ربعُ قرنٍ من المقاومة الباسلة الشريفة التي انحنى لها العدو الصهيوني احتراما... يعتبرها هذا الأحمق تآمرا على لبنان!
انتصاران مدوّيان على العدو خلال خمسة أعوام، على يد بضعة آلاف مقاتل من أبناء الإسلام، بينما لم يسجّل العرب في تاريخ صراعهم مع «إسرائيل» تحرير بوصة واحدة من أراضيهم المحتلة طوال خمسين عاما... ولكن هل يبصر أعمى البصيرة غير الظلام؟
إذا تكلّم المحللون أتوا بحججهم المدعمة بالمنطق... وإذا تكلّم هذا المأفون أتى بالمخاريق والترّهات وسجع الوثنيين من عبدة الأصنام!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1955 - السبت 12 يناير 2008م الموافق 03 محرم 1429هـ