كان الإعلام البحريني في فترة ما قبل 2001 يعتبر جزءا من المنظومة الرسمية، ولذلك فإن بيئة العمل التي ارتبطت بظروف سياسية واجتماعية فرضت نمطا محدود الملامح من العمل الإعلامي على جميع العاملين في هذا المجال.
من هنا، فإنه كان ينظر للمرأة العاملة فيه كجزء متلق في العملية الإعلامية، وبالتالي لم تستطع أن تخرج من البيئة الصارمة التي فرضت حدودا على إبداعها. وقد يرجع ذلك إلى عوامل كثيرة، أهمها أن إمكانات العمل الإعلامي لم تتوسع كثيرا خلال سنوات طويلة، وهذا أدى إلى جمود القدرات عند مستوياتها.
والإعلاميات اللاتي دخلن الحقل الإعلامي كان عليهن أن يتعايشن مع بيئة رسمية من جانب، وذكورية من جانب آخر. ولكن بعد المشروع الإصلاحي لجلالة الملك مع العام 2001 انفتحت آفاق العمل في الإعلام، وخصوصا في المجال الصحافي الذي بدوره مهّد لصدور صحيفة “الوسط” العام 2002 التي انتهجت نهجا مستقلا في الطرح الصحافي، وأفسحت المجال لجيل جديد من الطاقات، شملت هذه الطاقات إعلاميات صعدن في مجال عملهن بمختلف أنواعه من دون استثناءات.
إذ تمكنت الإعلامية من مباشرة عملها في التحقيق الصحافي، وفي كتابة الأخبار، وفي كتابة الأعمدة، وأصبحت انطلاقتها الصحافية ملحوظة، وخصوصا مع إقبال المرأة البحرينية في السنوات الخمس الأخيرة بصورة مكثفة على العمل الإعلامي بسبب توافر الدراسات الأكاديمية في جامعة البحرين وغيرها من الجامعات التي لم تكن متوافرة من قبل، إلى جانب بروز عدّة صحف يومية كسرت احتكار مجال العمل في الصحافة.
وهو ما جعل الإعلامية البحرينية في الحقل الصحافي تتقدم بخطوات سريعة في هذا المجال، ولكنها مازالت تعمل في إطار مختلف نوعا ما عن الرجل. فالمرأة مثلا لا تناوب في نوبة الليل رغم أن هناك تجارب سابقة ولكنها قليلة، إلا أن ذلك لم يمنع الإعلامية من تغطية حوادث سياسية كانت محصورة على الرجل من قبل.
وعلى رغم ذلك كلّه فإن هناك تحديات عدّة تواجه الإعلامية البحرينية، لعل من أهمها التطلعات الوظيفية، إذ مازال ينظر للمرأة بشكل نمطي - إذا كانت شابة - ما يعني أن وقتها للعمل الصحافي سيكون محدودا في حال تزوجت، وأسست أسرة، إلى جانب أن المؤسسات الإعلامية حتى اليوم لا توفر تسهيلات لفئة الأمهات من الإعلاميات فيما يتعلق بالحضانة أو إجراءات كفيلة بتسهيل عمل المرأة في مهنة المتاعب.
هناك أيضا الاتصالات التي يتلقاها الصحافي التي تعتبر جزءا مهما من عمله اليومي، والصحافية خاصة قد تتلقى الكثير من الاتصالات بعد عملها، ما قد يتسبب لها في مشكلات مع حياتها الأسرية التي تحتاج إلى جهودها حتى بالنسبة للمردود المادي الذي يدفعها إلى ترك المهنة بعد فترة طويلة وهناك أمثلة كثيرة.
وأخيرا فإن الوسائط الإعلامية (غير الصحافية) والقوانين التي تعيش في الماضي لا تفسح المجال لتطوير الصناعة، وبالتالي فإنه ليست لدى المرأة الفرص السانحة للنمو والإبداع داخل البحرين، وقد يضطرها لأن تعمل مراسلة لمؤسسات خارج البحرين، أو الهجرة لإطلاق طاقاتها الإبداعية وتطوير أدائها في مجال الإعلام.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1955 - السبت 12 يناير 2008م الموافق 03 محرم 1429هـ