أحد العائدين من تايلند، اتصل أمس ليروي قصته في الأيام الأخيرة التي قضاها في ذلك البلد الآسيوي. والرجل بحكم عمله يتردّد على كثير من البلدان، لكنه عاد هذه المرة من تايلند بانطباعات أخرى جديدة.
تايلند عندنا ذلك البلد الذي يقدّم المتع الحرام لطلابها. كثيرٌ من الأوروبيين والأميركيين والأستراليين والكوريين واليابانيين، يقصدونها للمتعة، أو للسياحة والتمتع بسواحلها وجزرها. وكثيرٌ من الرحالة والكتاب الغربيين، انجذبوا للطبيعة والجمال التايلنديين وخلّدوهما في كتاباتهم وتجاربهم.
تايلند ليست أدبا ومعالم سياحية فقط، فحتى بالنسبة إلى الغربيين، بعضهم يقصدها للمخدرات والشراب الرخيص وتجارة الأجساد. وحتى وقت قريب، كان من يزورها يخجل من الإفصاح عن وجهة سفره، حتى لو كان سائحا نظيفا، بسبب شهرتها بالجانب الأدنى من السياحة.
هذا البلد الآسيوي الزراعي الجميل، فاجأ العالم بحركةٍ سياسيةٍ خاطفةٍ انتهت بتغيير الحكومة، وبحكم المحكمة الدستورية. فالمعارضة جمعت أنصارها واعتصمت في قلب العاصمة، وشلت المطار، فتعطّلت حركة الطيران وعلق 350 ألفا من مختلف الجنسيات... والدول المحظوظة هي التي تمكّنت من إجلاء رعاياها في رحلات خاصة تم تأمينها بالاتفاق مع السلطات التايلندية.
الرجل كان مستغربا مما انتهت إليه الأحداث المتسارعة وهو يرويها كشاهد عيان: «تجمّعوا واعتصموا رافعين شعارات محدّدة. ولم يعودوا إلى منازلهم إلاّ بتحقيق مطالبهم ورحيل الحكومة، من دون أن يتهمهم أحد في وطنيتهم أو انتمائهم أو حبهم لتايلند»!
الرجل أثاره ما جرى. وما حدث بعد عودته، أن المحكمة الدستورية أمرت بتنحية رئيس الحكومة، وحظر الحزب الحاكم بموجب الدستور القاضي بحل أي حزب يدان أي مسئول فيه بتزوير انتخابي، ومنع جميع مسئوليه من العمل السياسي لمدة خمس سنوات. وهي خطوةٌ رحبت بها المعارضة وقابلتها بسرعة إخلاء المطار. في المقابل تظاهر أنصار الحكومة، ولكن لقلة عددهم وضعف حيلتهم، وربما لضعف ما كانوا يحصلون عليه من تمويل... انتهت حركتهم بالفشل، رغم أنهم شنوا عدة هجمات على تجمعات المعارضة وأوقعوا فيها عشرات القتلى والجرحى في الأسابيع الماضية.
آخر أخبار تايلند، أوردتها وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن البرلمان سينعقد الإثنين المقبل، لاختيار رئيس جديد للحكومة، مع وجود تخوفات من عودة نواب المولاة السابقين للتجمّع في حزب جديد، مما قد يثير المشاكل مرة أخرى. وهكذا قدّم بلدٌ آسيوي من العالم الثالث، مفاجأة غير متوقعة في التغيير السياسي من دون إراقة دماء.
رئيس الحكومة التايلندي أعلن: «لم أعد مسئولا بعد الآن. لقد عدت مواطنا عاديا»، ولو كان في إحدى دول «الشرق الأوسط الجديد»، لركب أكبر دبابة، وتقدّم صفوف الجيش ليقمع العصاة ويقتل الحرامية والمعارضين المجرمين!
إنها تايلند... ولو كانت بلدا آخر لتحرّكت صحف الحكومة للعن آباء وأجداد المعارضة، واتهمتها بالعمالة لكمبوديا ولاوس وميانمار... وربما ماليزيا وفيتنام والفيتكونغ! ولكتب أحدهم مقالات «ابستمولوجية» ضد الرهبان «المنتفين» الذين لا يقبضون نقدا من الحكومة! ولكتبت الأخرى عن ضرورة تنظيم بناء «الباغودات» لتتحوّل تايلند إلى بلدٍ نووي يعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية!
آخر الأخبار
اتهم شيخ الأزهر من انتقدوه بأنهم أغبياء ومجانين لأنه لم يكن يعرف بيريز عندما صافحه لثوانٍ عابرة! أما الصحف الإسرائيلية فكشفت عن أن الشيخ هو الذي بادر لمصافحة بيريز، وتبادلا الأحاديث الودية بحرارةٍ وحميميةٍ لعدة دقائق، كما يحدث بين قدامى الأصدقاء! نسأل الله في جمعتنا هذه، حسن الختام
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2282 - الخميس 04 ديسمبر 2008م الموافق 05 ذي الحجة 1429هـ