«هل تعلم أن الرئيس ذاهب إلى الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول؟ هل بإمكانك تنظيم لقاء له مع زعماء دينيين أميركيين؟». عندما طلب رئيس دائرة أميركا الشمالية والوسطى في دائرة الشئون الخارجية الإيرانية صديقي علي أكبر رضائي مني ذلك، نيابة عن رئيس إيران أحمدي نجاد، بلعت ريقي وقلت، «نعم، سنحاول».
كانت تلك المرة الأولى التي أتلقى فيها طلبا كهذا، إذ إن الاجتماع بزعماء وطنيين ليس شائعا بالنسبة لموظفي اللجنة المركزية لطائفة المينونايت، وهي وكالة إغاثة وتنمية وسلام، تعمل تقليديا بشكل أوسع على مستوى المجتمعات المحلية. إلا أن ذلك الطلب جاء نتيجة لسلسلة من العلاقات تطورت عبر 17 عاما من عمل اللجنة المركزية مع إيران وكانت متناغمة مع تركيز اللجنة على تشجيع التفاهم والصداقة بين الإيرانيين والأميركيين الشماليين.
بدأت اللجنة المركزية لطائفة المينونايت عملها في إيران مباشرة بعد الزلزال المدمّر الذي وقع في يونيو/ حزيران العام 1990 في إقليمي جيلان وزنجان. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدا للكثيرين أن الإسلام، بالنسبة للحكومة الأميركية، أخذ يحل مكان موسكو كعدو رئيسي. أردنا أن نثبت أن اللجنة الوطنية تستجيب للحاجات الإنسانية بغض النظر عن العوامل الدينية والسياسية.
قامت اللجنة المركزية بتمويل إنشاء خمس عشرة عيادة صحية في القرى التي تأثرت بالزلزال. كما تعاونت مع جمعية الهلال الأحمر الإيرانية في مجالي التجاوب مع الكوارث وإغاثة اللاجئين منذ ذلك الوقت. تلك الإغاثة قدمت المساعدة لكل من اللاجئين العراقيين بعد حرب الخليج الأولى واللاجئين الأفغان والأشخاص النازحين داخل أوطانهم.
لم تمض أسابيع ثلاثة على طلب رضائي المثبط للعزيمة حتى اجتمع سبعة وأربعون من الزعماء الدينيين في أميركا الشمالية يمثلون الإسلام وعددا من الطوائف المسيحية مع الرئيس أحمدي نجاد في فندقه يوم 20 سبتمبر 2006. تبع ذلك لقاء في فبراير/ شباط 2007 في طهران بين وفد من ثلاثة عشر من الزعماء الدينيين يمثلون عددا من الطوائف والمنظمات الكنسية والزعماء الدينيين والسياسيين الإيرانيين. وفي سبتمبر 2007، في الوقت الذي عقدت فيه الجمعية العمومية للأمم المتحدة، قامت مجموعة كنسية تضم 130 زعيما دينيا بالاجتماع لمدة ساعتين مع الرئيس أحمدي نجاد في مبنى كنيسة مركز الكنائس مقابل مبنى الأمم المتحدة.
خرجنا من اللقاء مع الرئيس أحمدي نجاد وقد أدركنا أن مواقفه لها فوارق دقيقة مما تقدمه وسائل الإعلام أحيانا. وقد علق بأنه:
1. لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للوضع الإسرائيلي الفلسطيني، الحل سياسي فقط.
2. على رغم أن المحرقة حدثت في أوروبا، فإن الفلسطينيين اضطروا من قبل الغير لأن يدفعوا الثمن (من خلال الموافقة العالمية على إنشاء دولة يهودية في فلسطين).
3. ليست لإيران اهتمامات في تطوير أسلحة نووية، إذ إن هذه الأسلحة لا توفّر الأمن.
4. إيران مستعدة للدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا أظهرت الولايات المتحدة نية حسنة.
نتج عن رعاية علاقات شخصية بين اللجنة المركزية لطائفة المينونايت ومنظمات إيرانية عبر أكثر من سبعة عشر عاما تحقيق هذه التبادلات غير المتوقعة مع أحمدي نجاد. بعد غياب دام أكثر من 28 عاما للعلاقات الدبلوماسية بين حكومتي إيران والولايات المتحدة، أصبح من الضروري إيجاد سبل يقوم أناس من كل من الدولتين من خلالها بالتلاقي وتعلم كيفية معرفة بعضهم بعضا كشركاء في البشرية، حتى يتسنى كسر الصور النمطية ورفض المعلومات الخاطئة التي ترعاها الطروحات الحكومية والإعلام الإخباري.
لا يعلم المرء إلى أين تؤدي العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل. وكما قال الصديق الممثل السابق لخدمة السلام العالمي الإعلامية في بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك سيد كاظم سجادبور: «تشكل الجهود الصغيرة من قبل أناس عاديين مفتاح السلام والعدالة».
* المدير الإقليمي السابق للجنة المركزية لطائفة المينونايت لآسيا الوسطى والجنوبية في الفترة من أغسطس/ آب 1999 وحتى سبتمبر/ أيلول، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1955 - السبت 12 يناير 2008م الموافق 03 محرم 1429هـ