العدد 1954 - الجمعة 11 يناير 2008م الموافق 02 محرم 1429هـ

بوش الإسكاتولوجي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يصل إلى البحرين اليوم رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج دبليو بوش في زيارة تاريخية ستعزز من دون شك مكانة البحرين الدولية. وسيحصل على ضيافة عربية لائقة.

الرئيس بوش من التيار المسيحي المتدين. وهذا التيار يعتمد على تفسير حرفي للإنجيل. وعلى أساس ذلك إن اتباع التيار يؤمنون بأن واجبهم يتمثل في التمهيد لعودة المسيح (ع). ولكي يعود المسيح - بحسب التفسير الديني المتبع لديهم - فإن اليهود يجب أن يعودوا إلى فلسطين، ويجب إعادة بناء هيكل سليمان بالقرب من المسجد الأقصى أو بدلا منه أو فوقه. وعليه يقال إن تصاميمَ تتوافر لدى هذا التيار لكيفية بناء الهيكل. وهذا التيار المتدين يؤمن بالفهم الإسكاتولوجي Eschatology. وهو الفهم الذي يقول: إن العالم له حوادثَ في آخر الزمان. وإن نهاية العالم تتطلب الاستعداد للاندماج بالحياة التي يختارها الخالق في آخر الزمان.

هذا التيار المسيحي تحالف معه عدد من السياسيين العَلمانيين الذين يطلق عليهم «المحافظين الجدد»، بزعامة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني. وهؤلاء يؤمنون بضرورة فرض القيم الأميركية والإنموذج الأميركي حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة. ووجد هؤلاء فرصتهم لتنفيذ جانبٍ من تلك الأفكار بعد العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

إن ملخص الأفكار المتدينة والعَلمانية في أميركا يحث على مساندة «إسرائيل» بشكل مطلق. بل تدعو إلى يهودية الأرض؛ مما قد يمهد لطرد حتى عرب 1948 في المستقبل؛ لأنهم ليسوا يهودا.

في الجانب اليهودي، إن المتطرفين من المتدينين اليهود يؤمنون بأن المسيح لم يظهر بعدُ، وأن عيسى (ع) لم يكن المسيح الحقيقي، وأنهم مازالوا بانتظاره. ولكي يظهر المسيح الحقيقي فإن عليهم أيضا أن يجمعوا اليهود في فلسطين، ويهوِّدوا كلَّ شيء فيها، ويشيّدوا هيكل سليمان بدلا من المسجد الأقصى. هذا الاتجاه الإسكاتولوجي اليهودي أيضا يصب في النتيجة التي ينحو نحوها التيار المسيحي المتدين في أميركا نفسها.

ولعل كل هذا لا يقال على المستوى الرسمي. ولكن أدبيات الاتجاهات المتدينة المتطرفة في أميركا وفي «إسرائيل» تدفع باتجاه مخالف لما تتحدث عنه أميركا رسميا، وتحديدا تشجيعها الديمقراطية وحقوق الإنسان. فأين الديمقراطية في استخدام القوة العظمى في العالم كل إمكاناتها لفرض واقع غير ديمقراطي ومخالف لكل مفاهيم حقوق الإنسان فقط؛ لأن هناك من يفسر نهاية التاريخ بشكل ما ومن ثمّ يجير السياسية لخدمة ذلك الفهم. إننا في الوقت الذي نأمل من هذه الزيارة تعزيز الأمن والاستقرار وإبعاد المنطقة عن شبح الحرب، ندعو أيضا الرئيس بوش إلى أن ينسى التفسيرات الإسكاتولوجية عندما يتعامل مع منطقتنا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1954 - الجمعة 11 يناير 2008م الموافق 02 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً