أطلقت شركة «تاتا» الصناعية الهندية أمس (الخميس) سيارة جديدة وصفتها بأنها أرخص سيارة في العالم. وتقول الشركة إن من شأن السيارة الجديدة أن تقلب أسعار السيارات في العالم رأسا على عقب. ومن المزمع أن يتم اطلاق «السيارة الشعبية» أو «سيارة الجماهير» الجديدة، إن صح لنا القول، خلال حفل افتتاح معرض دلهي الدولي للسيارات من قبل رئيس مجلس ادارة الشركة الصناعية الضخمة راتان تاتا.
تاتا، الذي تشبهه الصحافة الهندية بهنري فورد رائد صناعة السيارات في الولايات المتحدة، يقول إنه يأمل في «أن تسهم السيارة زهيدة الثمن في جعل حياة الأسر الهندية، التي تستخدم معظمها الدراجات النارية، أكثر أمانا».
والكل يتوقع أن تحدث «السيارة الشعبية» الهندية ثورة في التسعير إذ ستسعى الشركات الأخرى الى إنتاج سيارات منافسة. هذا ما نبه إليه المحلل الاقتصادي الهندي مراد علي بيك بشأن سيارة «تاتا» الجديدة - التي سيناهز سعرها الـ 2500 دولار.
الأمر الذي يجعل «سيارة الشعب» سيارة تنافسية هي إستراتيجية التقتير التي تحكم تصميمها، فهي من اربعة مقاعد يدفعها محرك صغير بسعة 630 سنتمترا مكعبا اي ما يعادل سعة دراجة نارية، وقد تفنن مهندسو «تاتا» في جعل السيارة الجديدة زهيدة الثمن، فهي تفتقر الى الشبابيك الكهربائية وتكييف الهواء على سبيل المثال، ولديها ماسحة واحدة للزجاج فقط. وكل ذلك من أجل سوق فئة السيارات الرخيصة التي تمر اليوم بفترة يحتدم فيها التنافس الدولي. ففي هذه السوق ينتظر أن تقوم شركة التصنيع الهندية «زينيتيس» وهي شريكة الصينية «غوانغزو موتورز» في أواخر العام 2008 بتصنيع «سيارتها الشعبية» التي يبلغ سعرها حوالي 2500 دولار.
في الوقت ذاته يعكف الصانعان الفرنسي في شركة «رينو» والياباني في شركة «نيسان» أيضا على إنتاج سيارة بسعر لا ينافس إذ يتم تصميمها وتصنيعها في الهند التي انتقلت اليها مصانع كثيرة لتدني كلفة اليد العاملة فيها. وتواصل «رينو» تطوير هذه السيارة بسعر 2500 دولار مع صانع الدراجات النارية الصغيرة الهندي «بجاج» التي قد تنتج في البرازيل.
وأعلنت المجموعة الفرنسية في العام الماضي أن هذا البرنامج ليس مهددا بسبب سحبه من مشروع بناء مصنع مشترك مع صانع هندي آخر هو «ماهندرا وماهندرا». اما ملك السيارة الصغيرة الصانع الهندي الياباني «ماروتي سوزوكي» فيغرق السوق الهندية منذ 25 عاما بسيارة ماروتي 800 التي يفوق حجمها حجم الفيات 500 بقليل لكنها تباع بـ4800 دولار.
ونظرا إلى شغف الهنود بالسيارات البسيطة وجهت الشركات اليابانية «تويوتا» والاميركية «جنرال موتورز» والكورية الجنوبية «هيونداي» الموجودة في الهند نظرها إلى هذه المنصة الجديدة لانتاج السيارات المتدنية الأسعار. ويبدأ الصانع الالماني «فولكسفاكن» في بون (غرب) اعتبارا من العام 2009 بتجميع 110 آلاف سيارة سنويّا بحجم البولو.
في حقيقة الأمر، ليست هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها «تاتا» عن مفاجأة في صناعة السيارات. ففي منتصف العام الماضي 2007، أعلنت «تاتا» أنّها تنوي تصنيع سيارة تعمل فقط بالهواء المضغوط. ونجح مهندس سابق في سباقات الفورمولا 1 وهو غاي نيغر من الشركة الفرنسية MDI في تصميم محرك قادر على دفع السيارة إلى سرعة 110 كلم في الساعة.
وأطلقت الشركة على الطراز الجديد اسم «سيارة الهواء « Air Car، وتقوم الفكرة الأساسية وراء تصنيعها، على عدم إنفاق أكثر من دولار في الـ 100 كلم. ويعمل المحرك عبر تحريك اسطواناته بالهواء الموجود في الخزان، على أن يعاد ضغطه وإعادته إلى المحرك من جديد وحقنه بواسطة ضاغط هواء، وهو ما يعني أنّها لن تبعث بأي غاز بما فيه ثاني أوكسيد الكربون.
وتأمل الشركة إنتاج 6000 سيارة كل عام في مرحلة أولى انطلاقا من العام 2008. على أنّه سيتمّ توزيع الكميات على الكثير من الدول منها دول أوروبية وأخرى إفريقية. ويعلق الخبراء آمالا كبيرة على السيارة الجديدة بالنظر إلى كلفتها البسيطة واستهلاكها الاقتصادي الكبير وعدم تلويثها للبيئة. غير أنّ خبراء يتوقعون أن تصطدم عملية الإنتاج بكثير من العقبات لاحقا، تحت ضغط كبريات الشركات وكذلك عمالقة الطاقة، ولاسيما أنّ المهندس الفرنسي أعلن عزمه تزويد السيارة لاحقا بمحرك بترول صغير ليقوم بعملية شحن المحرك بالهواء الضروري.
بقي أن نعرف أنه في الهند وحدها تسير حاليّا حوالى 7 ملايين سيارة فقط على طرقات هذه الدولة التي يصل عدد سكانها الى 1,1 مليار نسمة (مقابل سيارة لكل شخصين في أوروبا او الولايات المتحدة)، وقد اشترى الهنود 1,1 مليون سيارة في العام 2005 ويتوقع ان يتضاعف هذا العدد مع حلول العام 2010 مع تحسن وضع الطبقة الوسطى في الهند.
ويساهم قطاع انتاج السيارات بنسبة 5 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي الهندي الذي يمثل 34 مليار دولار كما يتوقع أن يرتفع أربعة أضعاف مع حلول العام 2016 ليبلغ 145 مليار دولار بحسب توقعات الحكومة الهندية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1953 - الخميس 10 يناير 2008م الموافق 01 محرم 1429هـ