العدد 1952 - الأربعاء 09 يناير 2008م الموافق 30 ذي الحجة 1428هـ

لماذا يتحمل العالم أزمة الاقتصاد الأميركي؟

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتزايد التحذيرات من المستقبل الأسود الذي ينتظر الإقتصاد الأميركي، فقد أكد تقرير لمؤسسة «ميريل لينش» الاستثمارية، وبثته هيئة الإذاعة البريطانية على موقعها على الإنترنت، أن الإقتصاد الأميركي قد دخل فعلا في حالة من الكساد. وقالت ميريل لينش إن تقرير البطالة الحكومي الذي صدر يوم الجمعة الماضي، والذي أدى إلى هبوط في أسعار الأسهم في الأسواق العالمية، يؤكد أن الولايات المتحدة تشهد أولى شهورها على طريق الركود الاقتصادي. وقد أسست ميريل لينش تقديرها على الأرقام الأخيرة حول البطالة والدخل الشخصي والإنتاج الصناعي ومعدل مبيعات السلع المصنعة وقطاعات التجزئة.

تتزاوج مجموعة من الأسباب التي تقف وراء خفض سعر الدولار، فهناك أولا، الأسباب الداخلية الأميركية، فالتزام السياسة الأميركية بشعار (دولار قوي) بدأ يتهاوى؛ فقد بدأ الاقتصاد الأميركي يقتنع أن المكاسب الداخلية التي تجنيها الولايات المتحدة من ضعف عملتها أكثر مما ظنوا؛ فقد زاد ضعف العملة الأميركية من الفرص التنافسية للشركات الأميركية أمام غيرها من الشركات الأوروبية والآسيوية، إذ زادت صادراتها نتيجة الانخفاض في عملتها، وبالتالي بدأت هذه الشركات في زيادة توسعها الإنتاجي وعدد الموظفين لديها، كما أن السياحة الأميركية الداخلية قد نمت بصورة كبيرة منذ بدء الانخفاض في قيمة عملتها؛ إذ أصبح السائح الأميركي يفضل القيام بالسياحة الداخلية على قيامه بالسياحة الدولية باتجاه أوروبا وآسيا، والذي كان السائح الأميركي يُعدّ المصدر الرئيس لها، ما حفز نمو الاقتصاد المحلي الأميركي.‏

أما ثاني تلك الأسباب فهي محض مالية، مصدرها الرغبة في تخفيض العجز في الحساب الجاري الأميركي الذي وصل إلى مستويات قياسية؛ إذ إنه قد تجاوز631 مليار دولار الأميركي في العام 2006؛ أي ما يشكل 5,3 في المئة من الناتج المحلي الأميركي، وإنّ انخفاض قيمة العملة سيعمل على تحفيز الصادرات، وجعلها أكثر رواجا لدى المستهلكين في أنحاء العالم، كما يخفض من حجم المستوردات التي يستهلكها الأميركيون بسبب غلاء المنتجات المستوردة عما كانت عليه سابقا.‏

بعدها نصل إلى الأسباب الإقتصادية، إذ إنّ تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي، وتحقيقه لمعدلات نمو أقل من تلك المحققة في الاتحاد الأوروبي، وارتفاع أسعار النفط، وما يشكل ذلك من ازدياد تكاليف الإنتاج والتشغيل والتضخم - أدّى إلى إضعاف قوة الدولار الأميركي.‏

لكن وبدلا من تحمل المسئولية والتوجه نحو لب المشكلة، نشاهد الإدارة الأميركية، على طريقة الكاوبوي الأميركي التي باتت من السمات الملازمة لسياسة الإدارة الحالية، تحاول أن ترغم العالم على مشاركتها في إنتشال الإقتصاد الأميركي من أزمته البنيوية التي تعصف به. وأحد أشكال هذه المعالجة هو خفض سعر العملة الأميركية في الأسواق الدولية. فقد بات معروفا أن مسألة انخفاض العملة الأميركية أمام اليورو خصوصا والعملات الأخرى عموما مستمرة منذ بضع سنوات بأنها سياسة مدروسة ومتعمدة من قبل الحكومة الأميركية لخدمة اقتصادها وزيادة صادراتها وتلافي العجز الحاد في ميزان المدفوعات على رغم التأكيد الرسمي لواشنطن باستمرار سياستها في الحفاظ على قوة الدولار.

ويقول المحلل الاقتصادي ممدوح الولي إن هناك تعمدا لخفض سعر الدولار أمام العملات حتى تكون الصادرات الأميركية أرخص في الأسواق الدولية، لتقليل العجز في موازنة الولايات المتحدة نتيجة زيادة الواردات عن الصادرات، مؤكدا أن هذه السياسة من شأنها التأثير سلبا على تنافسية الصادرات الأخرى الأوروبية والآسيوية وغيرها، مشيرا إلى أن فرنسا دعت إلى اتخاذ موقف أوروبي من هذه الظاهرة، ودعوة صندوق النقد الدولي إلى اتخاذ مواقف تحافظ على استقرار أسعار الصرف.

خطورة السلوك الأميركي تنبع من أهمية عملة الدولار في الاقتصاد الدولي، ذلك أن الدولار الأميركي هو عملة الاحتياطي العالمي؛ إذ تحتفظ المصارف المركزية في معظم دول العالم باحتياطيات كبيرة من الدولارات الأميركية لتلبية احتياجاتها من السلع والخدمات المستوردة، وبذلك يستولي الدولار على ثلثي احتياطيات النقد الأجنبي في العالم، و80 في المئة من مبادلات سعر الصرف الأجنبي

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1952 - الأربعاء 09 يناير 2008م الموافق 30 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً