العدد 1951 - الثلثاء 08 يناير 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1428هـ

تكريس معنى الحق (1 - 2)

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

الحديث عن تحسين حقوق الإنسان يعني تكريس معنى الحق وعلينا جميعا تحمل المسئولية في التعريف بقضايا ومفاهيم حقوق الإنسان والتأكيد على أنها مسألة غير مستوردة من الخارج. الحديث هذه الأيام تحديدا بالغ الأهمية لأن الوضع بات مقلوبا، وأصبحت أجهزة الدولة الرسمية والأمنية تستخدم فزاعة السلامة الوطنية والأمنية وضرورة مقابلة من تسميهم المخربين والمجرمين بأقسى أنواع العقاب واستحداث مواد قانونية جديدة، دون التوعية بحقوق هؤلاء الموقوفين وواجبات الدولة تجاههم. ليس خطأ أن يمارس رجال الأمن أدوراهم، بل يطلب منهم الجميع ذلك لمصلحة الوطن ولكن هناك أسس ومبادئ ومعايير ارتقت إليها الخبرة الإنسانية بعد مآس وحروب وصراعات عظيمة... وفي ظل ما يكرره رجال الأمن من التزامهم بالمعايير الدولية مقابل ما يرويه أهالي الموقوفين من تعذيب بالكهرباء وفرض الوقوف الإجباري على أرجلهم بالثلاث ساعات أو أكثر وإجبارهم على الإدلاء بشهادات ملفقة وحرمان من أبسط الحقوق كالاتصال بالمحامين، يجب محاسبة المخالفين بالقانون وتعويض المتضررين ورد الاعتبار لهم.

معايير التعامل الأمني أدنى حتى من مضامين

الميثاق العربي المعدل لحقوق الإنسان

وافقت البحرين على «إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام» العام 1990، وهي وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق، وصدقت كذلك على «الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعدل» الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو/ أيار 2004. هذا الميثاق المعدل لم يدخل حيز النفاذ بعد لعدم تصديق العدد الكافي من الدول العربية عليه، وإقراره سيمهد الطريق لإقامة آلية مراقبة إقليمية لحقوق الإنسان للدول العربية، لأنه يتطلب تأسيس آلية مراقبة على شاكلة لجنة حقوق الإنسان. وفيما يلي أهم بنود هذا الميثاق التي رأيتها منتهكة كليا فيما يتعلق وضعنا الحالي هذه الأيام. المادة 8 ( 1- يحظر تعذيب أي شخص بدنيا أو نفسيا أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية. 2 - تحمي كل دولة طرف كل شخص خاضع لولايتها من هذه الممارسات، وتتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك وتعد ممارسة هذه التصرفات أو الإسهام فيها جريمة يعاقب عليها لا تسقط بالتقادم. كما تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض)... وتنص المادة 13 على ( 1- لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوافر فيها ضمانات كافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة ومنشأة سابقا بحكم القانون. وذلك في مواجهة أية تهمة جزائية توجه إليه أو للبت في حقوقه أو التزاماته، وتكفل كل دولة طرف لغير القادرين ماليا الإعانة العدلية للدفاع عن حقوقهم. 2- تكون المحاكمة علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان). أما المادة 14 فتنص على (1- لكل شخص الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيفه أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفا وبغير سند قانوني. 2- لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا للأسباب والأحوال التي ينص عليها القانون سلفا وطبقا للإجراء المقرر فيه. 3 - يجب إبلاغ كل شخص يتم توقيفه بلغة يفهمها بأسباب ذلك التوقيف لدى وقوعه كما يجب إخطاره فورا بالتهمة أو التهم الموجهة إليه وله الحق في الاتصال بذويه. 4 - لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الطلب في العرض على الفحص الطبي ويجب إبلاغه بذلك. 5 - يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية أمام احد القضاة أو احد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويجب أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو يفرج عنه. ويمكن أن يكون الإفراج عنه إذا كان توقيفه أو اعتقاله غير قانوني. 6 - لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة مختصة تفصل من دون إبطاء في قانونية ذلك وتأمر بالإفراج عنه إذا كان توقيفه أو اعتقاله غير قانوني.

7- لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال تعسفي أو غير قانوني الحق في الحصول على التعويض). المادة 16 تنص على (كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات وفقا للقانون، على أن يتمتع خلال إجراءات التحقيق والمحاكمة بالضمانات الآتية: 1- إخطاره فورا وبالتفصيل وبلغة يفهمها بالتهم الموجهة إليه. 2- إعطاؤه الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه والسماح له بالاتصال بذويه. 3- حقه في أن يحاكم حضوريا أمام قاضيه الطبيعي وحقه في الدفاع عن نفسه شخصيا أو بواسطة محام يختاره بنفسه ويتصل به بحرية وفي سرية. 4- حقه في الاستعانة مجانا بمحام يدافع عنه إذا تعذر عليه القيام بذلك بنفسه أو إذا اقتضت مصلحة العدالة ذلك، وحقه إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم لغة المحكمة في الاستعانة بمترجم من دون مقابل. 5- حقه في أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو بواسطة دفاعه، وحقه في استحضار شهود النفي بالشروط المطبقة في استحضار شهود الاتهام. 6- حقه في ألا يجبر على الشهادة ضد نفسه أو أن يعترف بالذنب. 7- حقه إذا أدين بارتكاب جريمة في الطعن وفقا للقانون أمام درجة قضائية أعلى. 8- وفي جميع الأحوال للمتهم الحق في أن تحترم سلامته الشخصية وحياته الخاصة).

مقارنة بما ورد وواقعنا الذي يرويه الأهالي بأشد البؤس من تعذيب بالكهرباء وضرب وتهديد وانتزاع اعترافات كاذبة من أبنائهم، نرى أن انضمام البحرين لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 6-3- 1998 م، لم يغير شيئا كثيرا في ذهنيات الرجال المكلفين بإنفاذ القانون بل تم تفضيل أمن دولة مطور أكثر شراسة، ينقض حتى على النساء والبنات... إن أسبابا في عدم الاستقرار المجتمعي واضحة، هي ملفات مطلبيه شعبية مشروعة لكنها متراكمة ومهملة لصالح الفساد والنهب المنظم من قبل المتنفذين. الحماية من الجوع والحاجة والفقر والبطالة والتمييز وتوفير السكن الكريم حقوق أساسية للموطنين وواجبات واضحة على الدولة فلتقدم على مصالحة وانصاف مجتمعي عادل علنا نلحق بركب الإنتاج والتنمية المطلوبين لعزة الوطن.

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1951 - الثلثاء 08 يناير 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً