العدد 1951 - الثلثاء 08 يناير 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1428هـ

فيروس أزمة الاقتصاد الأميركي يهدد العالم

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حذر خبراء اقتصاد بارزون من ظهور بوادر متزايدة على احتمال دخول الاقتصاد الأميركي في مرحلة من الكساد، ودعوا إلى اتخاذ ما يلزم لتجنيبه الوقوع في هذا المطب.

فقد دعا وزير المالية الأميركي السابق لورانس سومرز إلى تخصيص دعم مالي بقيمة 75 مليار دولار للمساعدة في تنشيط الاقتصاد الأميركي، وقال رئيس المكتب الوطني لبحوث الاقتصاد مارتن فلدستين إن احتمالات ولوج الاقتصاد الأميركي نحو عتبة الكساد باتت في الوقت الحالي أكثر من 50 في المئة. وجاءت هذه التعليقات عقب صدور تقرير عن أوضاع العمالة والتوظيف في الولايات المتحدة أظهرت أرقامه أعلى ارتفاع في معدلات البطالة منذ أكثر من عامين.

الكل يراقب بقلق مسار الاقتصاد العالمي هذا العام، ويتركز اهتمام الجميع على الاقتصاد الأميركي، فمن المعروف أن الاقتصاد الأميركي يعتبر بمثابة القاطرة التي تجر الاقتصاد العالمي وتقدم الوقود لعجلة النمو الاقتصادي في العالم، وظل الاقتصاد الأميركي يمارس هذا الدور طوال السنوات الماضية، وخصوصا في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الأوروبي يترنح والاقتصاد الياباني يكابد ركودا عنيفا وتأرجح اقتصادات البلدان النامية بين الصعود والهبوط.

ومع مطلع القرن الـ 21 بدأ الاقتصاد الأميركي يعاني من هبوط في دورته الدموية، وتم إعلان حال الطوارئ في الاقتصاد الأميركي وفي معظم دول العالم، وبدأت الإدارة الاقتصادية الأميركية في اتخاذ إجراءات للتغلب على تباطؤ الاقتصاد وإبعاد شبح الركود عنه، وكان أهم هذه الإجراءات هو خفض سعر الفائدة على الدولار، وهو القرار الذي أحدث دويّا في العالم، وأصبح السؤال المطروح، هو: إذا كان أكبر وأقوى اقتصاد في العالم في طريقه للركود، فما أثر ذلك على الاقتصاد العالمي عموما واقتصاد الدول النامية خصوصا، وكيف يمكن تجنب استيراد المتاعب من الاقتصاد الأميركي؟

الأمر الذي ينبغي التنبه إليه هو أن الاقتصاد الأميركي اليوم، تتحكم فيه مصالح قوى مالية ونفطية هائلة، ويلعب في هذا الإطار سماسرة البورصة والأوراق المالية الدور الأهم الى جانب الطغمة الصناعية- العسكرية، وينعكس ذلك على حياة السكان، إذ تتمظهر الأزمة الاقتصادية في تراجع معدلات الاستثمار والاستهلاك، ما يؤدي الى فقدان الثقة بالاقتصاد الأميركي، ويطيل فترة الكساد.‏

والملفت في التحولات الاقتصادية في حياة السكان، أنه بعد أن كان التعامل في البورصة والأسواق المالية، حكرا على كبار أصحاب رؤوس الأموال، فقد اتسعت شرائح المتعاملين في الأوراق المالية من أسهم وسندات لتشمل قطاعات واسعة من أفراد الطبقة الوسطى، وأصبح التعامل بالأسهم جنونا كاسحا يمارسه اكثر من 50 في المئة من السكان.‏

وكان لهذا نتائجه على الاقتصاد والمجتمع، لقد فقد المجتمع ثقافة الإنتاج، واتجه إلى ثقافة الاستهلاك والركض خلف سراب الربح من المتاجرة بالأسهم والأوراق المالية إلى المضاربة والمقامرة في ملاعب سباق الخيل وحلبات المصارعة، وأحدثت هذه الأوضاع خللا اجتماعيّا برز في تزايد أعمال العنف والانحراف والجريمة. من هنا يبدو لا يوجد أي أفق واضح لحل يضمن مصالح القوى الفاعلة في الاقتصاد الأميركي سوى في البحث عن «عدو خارجي» تتوجه نحوه جهود المجتمع الأميركي «بكامله»، وتتوحد في مواجهته اولا بالتهديد بالحرب، وثانيا في الحرب ذاتها وما ينجم عنها من ظروف ومعطيات جديدة، وخصوصا في معرض إعادة تعمير ما خربته الحرب الذي من شأنه تحريك عجلة الاقتصاد بعد أن تكون الحرب استنزفت قطاعات واسعة من هذا الاقتصاد.

إن التباطؤ الاقتصادي في أداء الاقتصاد الأميركي والأزمة التي يمر بها هذا الاقتصاد يعبران عن خلل بنيوي تعاني منه هيكلية الاقتصاد الأميركي وآليات حركته. ومما يزيد من خطورة هذه الحال كونها لن تقف عند حدود الولايات المتحدة، ولكنها ستكون بمثابة الفيروس الذي ينتقل وبسرعة فائقة الأمر الذي يعني أن التباطؤ في أميركا سيبعث رعشة في جميع أجزاء جسم الاقتصاد العالمي، وسيدعم ذلك التشابك الاقتصادي العالمي الراهن في ظل حرية التجارة الذي يوفر وسائل جيدة لنقل الأزمات الاقتصادية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1951 - الثلثاء 08 يناير 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً