لطالما جزمنا بأن الغيرة الوطنية الحقة الضاربة بجذورها في أعماق الأرض أقدر من نظيرتها (المستوردة) على حفظ ماء وجه الوطن في الشدائد، مهما بلغت الثانية من تمترس عسكري ولاقت من مزايا. وما حدث أخيرا في احتفال الجنود العراقيين بـ»عيد الجيش» من مجزرة دموية جدد لدينا هذا اليقين.

هذا التمازج الذي نعيش جزئية عربية واضحة المعالم منه أمام نواظرنا كل يوم، يؤكده ما صرح به المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق اللفتنانت ستيفن ستودر، أمس الأول، إثر مقتل 14 شخصا وإصابة عشرات بجروح بينهم عناصر أمنية في هجمات إحداها قام بها انتحاري بحزام ناسف استهدف احتفالا بمناسبة عيد الجيش في بغداد، بقوله إن «جنديين عراقيين قتلا عند ما ألقيا نفسيهما على الانتحاري المحمل بالمتفجرات». من يقدر على هذه التضحية؟ فدائية ولا أروع، نخوة ابن الأرض التي لا تأتي بالمال والعتاد.

ولم يخفِ المتحدث الأميركي اعترافه بأن «الجنديين بخطوتهما هذه خففا من شدة الانفجار الأمر الذي ساعد في إنقاذ الكثير من الأرواح». كان بودي أن أسأل ستودر حينها: مَن مِن جنودكم بأكملهم الذين تدعون أنهم جاءوا لحفظ الديمقراطية يحمل هذه الروح الفدائية؟ لو كان لديكم 5 في المئة من أعدادكم الهائلة يتمترسون بهذه الروح لاستطعتم الخروج من هذا المستنقع الذي حفرتموه بأيديكم.

تجربة حاضرة بكل تفاصيلها ياعرب، لا يحمي الأرض إلا ابن الأرض، وما خلاه متمصلحون يرتعون من خيرات شعوبكم ويخذلونكم عند الوثبة.