التعاقد مع المحترفين في مسابقاتنا المحلية أشبه بلعبة الحظ التي تسحب فيها ورقة وترى فيها حظك، لأن عمليات التعاقد لا تخضع لأي معايير فنية وإنما إلى اجتهادات فردية وإلى مصالح سماسرة يديرون عمليات الانتقال ويلغونها بأنفسهم لأجل التعاقد مع آخرين للحصول على العمولة مرة أخرى!
طبعا لا يمكننا التعميم في هذا الكلام على الجميع لأن هناك من يسعى فعلا إلى التعاقد مع الأفضل لكن الغالبية تعتمد لعبة الحظ ولعبة تبادل المصالح.
بنظرة سريعة على مستويات المحترفين في مختلف مسابقاتنا المحلية سنرى العجائب في عمليات التعاقد مع محترفين من الدرجة الثالثة إن لم تكن الأخيرة لأن مستويات اللاعبين المحليين أفضل منهم بكثير.
القانون الذي يتيح في بعض المسابقات للفرق التعاقد مع ثلاثة محترفين ترى الفرق فيها تجلب محترفين من أرخص الأسعار وبأسوأ المستويات، في حين أن التعاقد مع محترف واحد بسعر مرتفع بشرط أن يكون بمستوى لائق يستفيد منه اللاعب المحلي أفضل بكثير من التعاقد مع ثلاثة أي كلام!
مسابقاتنا المحلية ربما تضرب الأرقام القياسية في عدد تغيير المحترفين التي قد تدخلها موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إذ قد يبدل فريق واحد خمسة محترفين في الموسم الواحد.
السماسرة وأصحاب المصالح في الأندية هم المستفيدون وحدهم من هذه العملية التي يرغبون في المحافظة عليها بهذا الوضع القائم من دون تغيير قد يسلب منهم مصالحهم وإن كان يصب في مصلحة اللعبة.
التخبط والعشوائية الحاصلان في عملية الاختيار لابد من وضع حلول ومعالجات لهما تقوم على تشريعات منظمة لعملية التعاقد مع هؤلاء المحترفين وإبرام العقود معهم بدل ترك الأمر على الغارب كما هو حاصل حاليا.
الأندية تتعاقد مع محترف جيد من بين خمسة محترفين سيئين ومع ذلك تفشل في المحافظة عليه إذ ينتقل في الموسم التالي ما يحتم إعادة الأمور إلى نقطة الصفر، لذلك تعتمد الأندية الكبيرة في الوقت الجاري سياسة خطف المحترفين الجيدين من الفرق الأخرى بطرق شرعية أو غير شرعية أخلاقية أو غير أخلاقية لأنه السبيل الوحيد لها للتخلص من لعبة الحظ السيئة.
المحرق مثلا خطف محترفي الأهلي النيجيريين جيسي جون وبابا فتاي بلعبة دراماتيكية ذهب من خلالها اللاعبان للاحتراف في اليونان، ومن ثم وجدناهما مع فريق المحرق، ليترك الأهلي يعيش مأساته وتخبطاته في التعاقد مع محترفين جديدين لم يوفق حتى الآن في الوصول إليهما!
الأندية المحلية تعاني كثيرا للحصول على محترف جيد وبعد الحصول عليه تعاني أكثر في المحافظة عليه ما يجعلها تدور في حلقة مفرغة لا تستطيع الخروج منها!
مشكلة التعاقد مع محترفين جيدين هي مشكلة مركبة، إذ من الصعب وضع معايير معينة للتعاقد مع اللاعب المحترف كما هو حاصل في إنجلترا مثلا التي تضع عددا من الشروط لحصول هذا اللاعب على رخصة عمل تخوله اللعب للنادي الذي يرغب في التعاقد معه وذلك لضعف موازنات الأندية ولغياب المتخصصين في جلب هؤلاء المحترفين، كما أنه من الصعب أيضا الاستمرار على الوضع الحالي الذي تسير الأمور فيه على البركة ومن دون أي ضوابط تنظمها ما يجعلها أقرب إلى سوق النخاسة!
حال المحترفين في البحرين وصل إلى حد أن جلب أحد السماسرة عددا كبيرا من اللاعبين الأفارقة ووضعهم في سيارة كبيرة للف بهم على الأندية الراغبة في التعاقد مع أحدهم، إذ إن الظواهر السلبية المرافقة للمحترفين في البحرين لا تقتصر فقط على مستويات هؤلاء المحترفين الهابطة وإنما قد تمتد إلى الاستغلال وإلى حقوق الإنسان من خلال فرض جبايات على بعض هؤلاء اللاعبين!
في ظل الوضع الحالي أعتقد أنه لزاما الآن التفكير جديا في تشكيل لجنة رياضية متنوعة تقوم بوضع قوانين واشتراطات للاعبين المحترفين تتناسب طبعا مع الوضع البحريني وليس مع الوضع في إنجلترا!
سنة جديدة
طل علينا العام الميلادي الجديد 2008 الذي نتمنى أن يكون عام خير وبركة وعافية على الجميع وعلى رياضتنا المحلية خصوصا التي نتمنى تجاوزها لجميع السلبيات.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1950 - الإثنين 07 يناير 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1428هـ