«طشطشوا الماء تحت قدمي الكويتية نورية الصبيح» هكذا قيل عندما اعتلت الصبيح من دون حجاب على رغم اعتراض النواب الإسلاميين منصة أداء القسم الدستوري في جلسة مجلس الأمّة لتولي كرسي وزارة التربية والتعليم، لتكون بذلك ثاني وزيرة في تاريخ الكويت، اليوم تواجه الصبيح من دون غيرها تحديا ثانيا إذ لأوّل مرة في تاريخ مجلس الأمّة يقدم استجوابان ضد وزيرواحد وفي وقت واحد، صباح اليوم (الثلثاء) ستقف أوّل امرأة كويتية على منصة الاستجواب فهل تقنع النواب وتمنع سحب الثقة؟ المجتمع النسائي ينتظرالمواجهة والمصير.
نورية صبيح براك الصبيح ابنة وزارة التربية والتعليم اذ أمضت فيها أكثر من 30 عاما تدرّجت في مناصبها، حصلت الصبيح على شهادة الليسانس بالآداب والتربية من جامعة الكويت العام 1975م؛ لتشغل وظيفة معلّمة في مدارس وزارة التربية والتعليم من العام 1975- 1980م، بعدها ترقت إلى مديرة مساعدة العام 1980- 1984م، ثم مديرة مدرسة العام 1984 - 1986م، ثم مراقبة الشئون التعليمية في محافظة العاصمة 1986 - 1990م، ثم مديرة إدارة التنسيق ومتابعة التعليم العام 1991 - 1993م ، ثم مديرالعام منطقة حولي التعليمية العام 1993 - 2000م، بعدها ترقت إلى منصب الوكيل المساعد للتعليم العام 2000 - 2006م وخلال توليها لهذا المنصب ساهمت في تطبيق النظام الموحّد في التعليم الثانوي بدولة الكويت، قدّمت استقالتها بسبب خلاف مع وزيرالتربية السابق بسبب سياسة تدويرالوكلاء المساعدين الذي انتهجها، إذ نقلها من منصبها لتشغل وكيل مساعد لشئون التخطيط والمعلومات وهوما رفضته الصبيح، وفي 26 مارس/ آذار 2007م تعود الصبيح إلى الوزارة مرة ثانية، ولكن لتكون وزيرة التربية والتعليم العالي لدولة الكويت.
عرفت الصبيح - أم عادل - بشخصيتها القوية وبقوانينها الصارمة، وخلال مدّة وزارتها القصيرة سعت إلى وضع استراتيجية لتطوير التعليم تمتد إلى العام 2025م، وتعديل السلم التعليمي في المراحل الثلاث من 4 سنوات لكل مرحلة إلى (5 - 4 - 3)، وزيادة سنوات التعليم الإلزامي إلى 9 سنوات، كما تبنت مشروعات مستقبلية تعليمية مثل تنفيذ مشروع المؤشرات التربوية وتقييم التحصيل الطلابي بالتعاون مع البنك الدولي، واستحداث المركز الوطني لتطوير التعليم، وإدخال التكنولوجيا في التعليم بكلفة تبلغ نصف مليار دينار كويتي، وعلى رغم ذلك حدثت بعض القضايا التعليمية التي نشرتها الصحف الكويتية أثارت الرأي العام هناك وسببت أزمة لوزارة التربية والتعليم وإحراجا للوزيرة، إذ نشرت إحدى الصحف الكويتية في أوّل أيام العام الدراسي الجاري 2007 - 2008م صورة لطلبة كويتيين في المرحلة الابتدائية يفترشون الأرض لعدم توافركراسي وطاولات، الأمرالذي دفع بالوزيرة بإصدار قرار بنقل مديرإدارة التوريدات إلى وظيفة أخرى بسبب تقصيره إذ رفعت إدارة المدرسة المعنية بالصورة تقارير بشأن احتياجاتها ولم يتم الرد عليها على رغم امتلاء المخازن، كما كشفت الصحف عن كتاب جنسي يُباع في معرض للكتب نظمته إحدى الكليات التعليمية للبنات وحمّلت الوزيرة المسئولية كونها مسئولة عن التعليم العالي، بالإضافة إلى الكشف عن تنظيم مدرسة أجنبية لمسابقة سباحة مختلطة، لكن القضية التي عصفت بالوزارة وأصبحت معها الوزيرة على حافة السقوط هو حادثة اغتصاب بعض التلاميذ من مدرسة ابتدائية على يد حارس المدرسة وبعض العمالة الأجنبية، هذا الحداثة هزّت المجتمع الكويتي بأسره إذ طالب أولياء الأمورالغاضبون والذين اعتصموا أمام المدرسة باستقالة الوزيرة ومعاقبة إدارة المدرسة والإدارة التعليمية.
هذه الحادثة عجّلت بالمطالبة باستقالة الوزيرة قبل أن تكمل عامها الأوّل في الوزارة، هذا المطلب اختلف معه المثقفون والقوى السياسية في الكويت بين مؤيّد ومعارض، وقد تسع النقاش في الصحف والدواوين الكويتية عن مسئولية الوزيرة، وهل تستدعي الحادثة الاستقالة أوحتى الاستجواب؟ أم أنّ الأمر يتطلب محاسبة المقصّرين في المدرسة والإدارة التعليمية المعنية؟ ففي هذا الشأن يعلق أحد كتّاب الأعمدة الكويتيين في إحدى الصحف الكويتية بقوله «ما شأن وزيرة التربية والتعليم العالي بعمال نظافة يتبعون شركة نظافة في الاعتداء الجنسي على الطلبة؟ هل يطلبون من الوزيرة نورية الصبيح أنْ تداوم هي وجميع موظفي الوزارة عند بوابات المدارس» ويرد عليه آخر في صحيفة أخرى «لا يا أستاذي العزيز، لن يطلب عاقل من الوزيرة أنْ تداوم عند بوابات المدارس، هناك فرق شاسع بين هذه المسئولية المباشرة بتفصيلاتها الدقيقة وبين المسئولية السياسية العامّة والمعلقة من دون أدنى شك في عنق نورية الصبيح كوزيرة» أمّا النواب فعلق احدهم قائلا إنّ «اعتداء ابتدائية العارضية جريمة لا تغتفر»، في حين طالب نائب آخر الوزيرة بتقديم استقالتها فورا، مناشدا في الوقت ذاته سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي بإقالتها «إنْ لم تبادر إلى الاستقالة» مستخدما بذلك الحق الدستوري، وانبرى نائب دائرتها بالدفاع عنها متهما النواب المطالبين بالاستقالة بالتكسب السياسي وراء هذه القضية.
لم يبق أمام الوزيرة نورية الصبيح سوى خيارين لا ثالث لهما أماّ: أن تتحمّل الوزيرة مسئوليتها السياسية وتقدم استقالتها كما فعلت وزيرة الصحة السابقة معصومة المبارك جرّاء حادثة حريق مستشفى الجهرة أو أن تصعد منصة الاستجواب وهو ما اختارته الصبيح، أمّا الحكومة الكويتية فلها ثلاثة خيارات أمّا الضغط على الصبيح؛ لتقديم استقالتها كما فعلت مع وزيرالإعلام الأسبق محمد السنعوسي، أو تدويرها على غرار وزير المالية السابق بدرالحميضي الذي آثار ضجة سياسية ودستورية بسبب تدويره بعد جلسة الاستجواب، او تتركها تواجه مصيرالاستجواب كما فعلت مع وزير الصحة الأسبق الشيخ أحمد العبدالله الصباح اذ انتهت جلسة الاستجواب بطلب سحب الثقة من دون أن تتحرّك الحكومة ساكنا. فأي مصير ستواجه الصبيح؟ وهل ستصمد طويلا؟
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 1950 - الإثنين 07 يناير 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1428هـ