العدد 1949 - الأحد 06 يناير 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1428هـ

علينا جميعا أن نمد يد التواصل

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كمسلم يحب الإسلام، أشعر بالحزن بالتأكيد لمعرفة أن ديني يساء فهمه، بل إن البعض في الغرب يخافون منه ويكرهونه. أشعر بإحباط طفل يرى أمه وأباه يتهمان زورا كزانيين أو لصين. وعلى رغم أن هذا الطفل يعرف أن التهم باطلة، فإنه ليس هناك سوى القليل مما يستطيع عمله.

في حلقة سابقة من «برنامج أوبرا»، اكتسبت بعضا من نظرة معمقة تتعلق بحل هذه المعضلة لدى مشاهدة مقابلة مع الملكة الأردنية رانيا. طرحت أوبرا وينفري أسئلة صادقة مباشرة على الملكة رانيا كانت في أذهان ملايين الغربيين الذين يمتلئون فضولا للتعرف على الإسلام: «هل تصلين؟ كم مرة في اليوم؟ كم يستغرق ذلك من الوقت؟»، وأجابت الملكة رانيا كمسلمة مؤمنة، بأنها تمارس جميع الشعائر الإسلامية بشكل كامل.

بدا الجمهور في الأستوديو مستغربا لأن تلك الملكة الجميلة الذكية العصرية هي كذلك امرأة وَرِعة، الأمر الذي أصابه بالصدمة بالتأكيد، لأن المظهر أو التوجه العصري في الغرب يعتبر عادة غير منسجم مع امرئ يمارس الشعائر الدينية وخصوصا الإسلامية، التي تقترن بالنسبة إلى الغربي عادة بالعقلية المنغلقة والعادات القبلية والإرهاب.

سؤال أوبرا التالي كان مُمتحنا كذلك: «لماذا لا تلبسين الحجاب بينما تلبسه نساء مسلمات أخريات؟»، وكانت إجابة الملكة رانيا متعاطفة: «الحجاب خيار. المرأة تلبس الحجاب لأنها تؤمن به ولها الحق في ذلك، وليس لأنها مجبرة عليه». كذلك شرحت الملكة أن الكثيرين في الغرب يرون الحجاب رمزا للتحفظ وكبت المرأة المسلمة.

مظهر الملكة رانيا، وشعرها المنسدل بحرية مثل ممثلات هوليوود يثبت أن الإسلام ليس مرادفا للحجاب، إلا أن دفاعها عن المرأة التي تلبس الحجاب أثبت أنه لا يمكن اقتصار الإسلام على قضية اللباس.

وأعربت الملكة عن توقها لأن يرتفع مستوى النقاش إلى ما هو داخل رأس المرأة المسلمة وليس ما يغطيه. وتحدثت عن أملها باستمرار حوار متواصل بين الغرب والعالم الإسلامي حتى يتسنى تبديد سوء الفهم.

واقترحت الملكة أن حوارا مفتوحا كهذا يجب أن يشكل جزءا من المنهاج المدرسي في كل مدرسة حتى يتمكن الأطفال حول العالم من تطوير وجهات نظر عالمية واحترام تجاه مختلف الشعوب والمعتقدات.

وتعرضتُ في إحدى مراحل حياتي لتفاعلات مماثلة غريبة، عندما كنت أعمل في اليابان؛ إذ استغرب الكثير من زملائي اليابانيين بشدة لأن شخصا مثقفا مثلي مازال يشارك في الشعائر الدينية.

في أحد الأيام طلب أحدهم مشاهدة شعائر صلاة الجمعة التي كانت تقام من قبل مجموعتنا المسلمة في المكتب، وهذا طلب يمكن اعتباره محاولة لفهم الإسلام والثقافة الإسلامية بصورة أفضل. من خلال هذا العمل البسيط أصبح أحد الأمور الذي كان يعتبر فضوليا وعرضة للشكوك من قبلُ تجربة إنسانية مشتركة، الأمر الذي يجعل ما هو غير مألوف مألوفا.

تثبت هذه الأمثلة كيف يمكن للافتراضات المجتمعية والإسقاطات أن تشكل وجهات نظر الآخر ومنظوره في غياب أي فهم حقيقي أو تبادل، وكذلك كيف يتمكن أفراد بارزون فريدون من رأب الصدع وأن يقفوا منفتحين أمام الأسئلة فيبددون الغموض والسرية التي تكتنف المجهول أحيانا.

يجب مجابهة الخوف الأعمى وسوء الفهم الموجودين بين المجتمعات الغربية والمسلمة بقصص هؤلاء الأفراد الذين يعيشون بتناغم وتجانس، جنبا إلى جنب على رغم الصور النمطية والتصنيفات.

على سبيل المثال، قرأت في وقت سابق من هذه السنة مقالا في صحيفة إندونيسية عن قصة حب بين رجل مسلم اسمه أسامة وامرأة يهودية اسمها ياسمين في «إسرائيل». وعلى رغم أن أسرتيهما ساندتا العلاقة، كانت «إسرائيل» تبني جدارا طوله 750 كيلومترا يفصلهما ويفصل أبناء دينهما، الأمر الذي شجعهما على الزواج بسرعة. تم زواجهما بحسب الشعائر المسلمة، ولكن في بيت يهودي. ويعيش الزوجان اليوم بسعادة في شقة ببرلين، ويتشاركان في اتحاد يتسامى على الخلافات الموجودة في وطنهما.

لست خبيرة في العلاقات بين المسلمين والغرب، ولكنني أتفق مع الملكة رانيا على أن الطريق الوحيد لإزالة عدم الثقة هو من خلال التربية والتعليم العالميين والعلاقات المستمرة عبر الأديان والحوار بين الحضارات.

وهذا أمر حاسم وخصوصا بين الأجيال الشابة، ويجب إجراؤه بروح صادقة. وتعتبر المنابر والمنتديات التي تتطرق إلى الحوار الديني والثقافي والحضاري بأسلوب بنّاء متوازن، مثل برامج الحوار التلفزيونية وورشات العمل والمخيمات المنسقة، جزءا لا يتجزأ من هذه العملية.

قد يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، وربما إلى بعض الأجيال، ولكن يجب زرع البذور الآن حتى يتسنى جني ثمار الحصاد في المستقبل.

* رئيسة رابطة العاملين في شركة بورنيو الشرقية للأسمدة ومؤلفة «قصص من القلب»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1949 - الأحد 06 يناير 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً