أثناء فترة الحوادث التي مرت علينا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أرسل بعض القراء الأعزاء رسائلَ إلكترونية تقول لي: «لماذا لا تبعث رسالة ناقدة للحكومة شبيهة بالرسالة التي كتبتها للشباب؟».

بادئ ذي بدء، إني لم أتوقف عن كتابة الكثير من الانتقادات الموجهة إلى الجهات الرسمية، ولكن في الوقت ذاته لست أدري ما مشروعية مثل هذا الطلب... فأنا لستُ معنيا بتوجيه رسالة إلى طرفين.

بمعنى أدق، أنا لست حكما بين طرفين متنازعين، وعليه فإنه ليس مطلوبا مني أن أتحدث إلى متخاصمين. أنا لست حكما في هذا الموضوع من الأساس. باختصار، أنا واحد من أبناء البحرين، فرد من أفراد المجتمع، يقع عليَّ ما يقع على مجتمعي، ويهمني ما يجري لشباب وطني، ويهمني ما يحدث في بلدي الصغير، ويهمني ما يدور في جميع أحياء البحرين وقراها ومدنها ومناطقها.

من هذا المنطلق فقط فإني أتحدث عن عدد من الأمور والقضايا العامة... فإذا كانت الأوضاع سيئة وتتطلب الحديث إلى جهة ما، فإن من واجبي أن «أصدع» بما لديّ من كلام، آملا في أن يصب لمصلحة بلدي ومجتمعي .

وعليه، فإني لست معنيا بأن أكتب رسالة إلى الحكومة مقابل رسالة كتبتها إلى شباب بلدي؛ وأعتقد أن هناك عددا غير قليل من المشاركين في النشاط الاجتماعي - السياسي ممن يتورطون بمثل هذه المعادلة، فتراهم يقسمون حديثهم الى نصفين، أحدهما موجه إلى الحكومة والآخر موجه إلى الناس.

إن مثل هذه المعادلة ليست ذات أساس صلب، فالحَكَم هو الذي يقبل به الطرفان ويقفان أمامه بانتظار كلمته، أما جميع الناشطين والفاعلين في الشأن العام فهم جزءٌ لا يتجزأ من المجتمع ومن تفاعلاته وتداخلاته... فكلنا راعٍ وكلنا مسئول عن رعيته.

كما أن هناك مشكلة من نوع آخر نشاهدها لدى نوع آخر من الذين يعتبرون أنفسهم ناطقين باسم الحكومة، ولا يجدون لهم شغلا يشغلهم إلا توجيه اللوم (والشتائم أحيانا) إلى أبناء بلدهم، وربما بعض هؤلاء تستهويهم العطايا التي توزع أحيانا على من يمتهن المديح والتلميع.

إن من حق أي شخص يشعر بحرقة القلب على ما يجري في بلده أن يعبّر عن رأيه بانطلاق من دون حسابات في غير محلها؛ لأننا في نهاية الأمر نعيش في قارب واحد، وهذا القارب لا يحتمل ثقبه من أي طرف كان... ان القارب إذا غرق فنحن جميعا غارقون وليس فقط من يثقبه.