قال المدير العام لوكالة «السيد شرف العقارية» سيد شرف سيد جعفر إن مبررات عزوف الشباب البحريني عن تملك الشقق غير واقعية، وموقفهم مشابه لموقف آبائنا الذين رفضوا الانتقال إلى العيش في بيوت مدينة عيسى، واليوم يندمون على تفويتهم تلك الفرصة».
وأضاف في رده على أسئلة لـ «الوسط» قائلا: «أتوقع أن يكون الأمر مشابها بالنسبة إلى الشباب العازف الآن عن تقبل فكرة السكن في شقق التمليك الإسكانية على رغم إدراكهم عدم قدرتهم على تملك البيوت».
ما هي وضعية سوق العقار في البحرين؟
- وضعية سوق العقار في البحرين مستقرة بل ومشجعة جدّا، فهي في نماء مطرد منذ عدة أعوام وقد ساهم في زيادة حجم التعاملات فيها وجود وفرة مالية ضخمة في منطقة الخليج نتجت عن استقرار الأوضاع الاقتصادية فيها نظرا إلى ارتفاع سعر النفط وتوجه المستثمرين إلى الاستثمار في العقارات لما يؤمنه هذا الاستثمار المضمون من أرباح سريعة ومجزية، كما شجع على الاستثمار في القطاع العقاري في البحرين عدم فرض ضرائب على التعاملات ومساواة المستثمر الأجنبي بالبحريني في حق التملك مع توافر الاستقرار الأمني.
وقد شهدت السوق العقارية تعاملات متزايدة بشكل ملحوظ بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول إذ ازداد الطلب على العقارات لأغراض الاستثمار وقد اقترن ذلك بدخول لاعبين كبار جدد على ساحة المتاجرة في العقارات في البحرين مثل المصارف الاستثمارية والإسلامية وغيرها. فقد شهدنا تدفقا هائلا لرؤوس الأموال الخليجية وخصوصا السعودية والكويتية والإماراتية ورأس المال الأجنبي كذلك.
لقد دخلت سوق العقار حوالي 25 من المصارف الاستثمارية ومن المؤسسات المصرفية أو بيوت التمويل الإسلامية وغيرها وساهمت كل هذه المؤسسات في تمويل مشروعات عمرانية ضخمة جدّا بمئات الملايين بل وبالمليارات إذ ما كانت مثل هذه المشروعات تخطر على بال أحد قبل عدة أعوام.
ولابد من الإشارة إلى أن هذه القفزة في مستوى وحجم التعاملات العقارية انعكست سلبا على بعض الفئات من المواطنين إذ أبعدت شريحة كبيرة من أصحاب الدخول المتوسطة ناهيك عن الصغيرة حتى أصبحت سوق العقار مقتصرة في غالبيتها العظمى على اللاعبين الكبار الجدد.
ما هو الاتجاه الحالي لسوق العقار في البحرين؟
- تشهد الساحة الاستثمارية توجها كبيرا نحو عدة أنواع من الاستثمارات بما في ذلك الاستثمار في المجال السياحي والخدمات العلاجية والاتصالات وغيرها لكن تبقى للاستثمار العقاري جاذبيته الخاصة لدى المستثمرين نظرا إلى ما بينتُه من أسباب أعلاه وأهمها كونه استثمارا مضمونا في بيئة اقتصادية مستقرة.
إن الاتجاه الحالي في سوق العقار هو استمرار لما شهدته الساحة العقارية خلال الأعوام السابقة بفعل زيادة الطلب المستمرة على تداول العقارات. وهو ما يبشر بنمو متواصل لقطاع الاستثمار العقاري بأنواعه كافة بما في ذلك صيغ الاستثمار المستحدثة مثل تملك الطبقات والشقق وملكية المشاع وغيرها.
كيف ترى التوجه إلى تملك الشقق؟
- في الوقت الذي يعزف فيه الكثير من البحرينيين عن هذا النوع من ملكية العقار، يشهد قطاع تملك الشقق إقبالا شديدا من قبل الإخوة المستثمرين العرب مثل المصريين والفلسطينيين والأردنيين إضافة إلى الخليجيين وخصوصا السعوديين الذين يمثلون حوالي 60 في المئة من المتعاملين في هذا المجال. وينظر بعض المستثمرين العرب إلى أن تملك سكن لهم في البحرين سيفتح لهم آفاق الإقامة الدائمة فيها والاستفادة بأقصى قدر من البيئة الاقتصادية المتنامية وربما الحصول على الجنسية البحرينية لاحقا.
ومن هنا فإنني أوجه نصيحة إلى الشباب البحريني الذي يظهر معظمه الآن عزوفا غير مبرر وغير واقعي عن تملك الشقق، إذ يتمسك معظم الشباب بالنظرة القديمة السائدة التي لا تعترف إلا بالبيت سكنا عائليّا. ولعلنا نتذكر أن آباءنا رفضوا الانتقال إلى العيش في بيوت مدينة عيسى لأسباب ندرك الآن جيدا أن قصر النظر كان سيد الموقف فيها إذ نرى الكثيرين ممن رفضوا الاستفادة من المشروعات الإسكانية في مدينة عيسى في أواخر الستينيات من القرن الماضي يندمون الآن على تفويتهم تلك الفرصة. وأتوقع أن يكون الأمر سيكون مشابها بالنسبة إلى الشباب العازف الآن عن تقبل فكرة السكن في شقق التمليك الإسكانية على رغم إدراكهم عدم قدرتهم على تملك البيوت.
والواقع يشهد أن تعويل الشباب على مشروعات الدفان الكبرى الحالية أو المستقبلية هو رهان خاسر من وجهة نظري وعلى جميع الأصعدة الآن؛ فإن تلك المشروعات لم يتم إنشاؤها لتلبية الاحتياجات الإسكانية لمحدودي الدخل وإنما لأغراض الاستثمار من قبل مجموعة من المتنفذين وبيوت المال الاستثمارية الضخمة، لذلك فلا بد لشبابنا من تغيير نمط تفكيرهم التقليدي إلى النظرة الواقعية قبل أن يتلاشى تماما حلمهم بتملك سكن بهم إلى الأبد.
ما هو تصوركم للمرحلة المقبلة؟
- أستبعد أن تنزل الأسعار كما قد يتخيل البعض وإنما هي مرشحة للاستمرار في الصعود نظرا إلى توافر السيولة واستمرار تزايد الطلب من المستثمرين الكبار من المصارف والشركات لأن سوق العقار في البحرين أصبحت الآن سوق الكبار بالأساس.والحقيقة أن زيادة أسعار العقارات ليست مقتصرة على البحرين بل إنها موجة طالت كل دول الخليج والدول العربية مثل مصر والأردن ولبنان التي شهدت أسواقها ارتفاعا يصل إلى ما بين 30 في المئة إلى 40 في المئة بالأسعار السائدة قبل عامين.
لقد ساهمت سياسات الحكومة الاقتصادية في استقرار السوق العقاري ولكن مازال مطلوبا منها بإلحاح اتخاذ عدة خطوات بغرض تنظيم سوق تداول العقارات واستقرارها بشكل أفضل. ولعل من أهم تلك الخطوات إصدار قانون متطور للإيجار الذي سبق أن طالبت به جمعية البحرين العقارية وغرفة صناعة وتجارة البحرين. فلابد من قانون حديث يواكب التطورات الكبيرة التي طرأت على الحركة العمرانية في مختلف مناطق البحرين.
وكذلك نأمل أن يرى قانون الوساطة العقارية النور قريبا نظرا إلى ما يعاني منه قطاع الدلالة في العقار من مشكلات متفاقمة جراء غياب هذا القانون المهم الذي مازال يتنقل بين أروقة الحكومة ومجلسي الشورى والنواب حتى هذه الساعة.
العدد 1948 - السبت 05 يناير 2008م الموافق 26 ذي الحجة 1428هـ