العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ

هل ينقذ نفط ألاسكا أميركا؟

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تراجعت أسعار النفط عن حاجز المئة دولار للبرميل للخام الأمريكي الخفيف بعد تجاوزها 100 دولار إثر إعلان أرقام المخزون الأسبوعية الأميركية التي أظهرت تراجعا كبيرا في مخزون النفط الخام، واستقرت الأسعار عن 98.61 للبرميل تسليم فبراير/ شباط المقبل.

وأظهرت أرقام وزارة الطاقة الأميركية تراجع مخزون الخام بأربعة ملايين برميل الأسبوع الماضي، مقابل توقعات السوق بانخفاضها 1.7 مليون برميل، يتزامن ذلك مع موجة برد شديدة ضربت شمال غرب أوروبا، ما زاد من توقعات ارتفاع الطلب على زيت التدفئة.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش لن يأمر باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي من النفط لخفض الأسعار في السوق. الجديد في كل ذلك هو تصريح الحكومة الأميركية غير المتوقع بأنها ستطرح حقوق استكشاف عن النفط والغاز في الجزء الشمالي الغربي من ألاسكا.

وقالت الهيئة الفيدرالية لإدارة الثروة المعدنية انها ستقبل عطاءات الشهر المقبل بشأن امتيازات في بحر تشوكشي، الذي يفصل آلاسكا عن سيبيريا. ولم تمنح أي تراخيص للتنقيب في المنطقة منذ 15 عاما. ولطالما كان التنقيب عن النفط والغاز في ألاسكا خيارا صعبا بين الحفاظ على واحدة من آخر مناطق الحياة البرية النقية في العالم، وإمكانيات الأرباح الطائلة من تطويرها. ويعتقد أن القطاعات الأميركية من بحر تشوكشي تحتوي على 15 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج، وما يفوق تريليونين متر مكعب من الغاز الطبيعي.

لكن نفط ألاسكا محفوف بالمخاطر نظرا لصعوبة تشييد وصيانة البنية التحتية التي تتطلبها صناعة استخراج النفط والغاز ونقلهما من حقول الإنتاج إلى محطات التكرير أو المصانع على التوالي. هذه الحالة الصعبة هي التي دفعت شركة بريتيش بتروليوم «بي بي» البريطانية العملاقة للطاقة أن تعلن في أغسطس/ آب 2007 عن عزمها على وقف إنتاجها تدريجيا في اكبر حقل نفط في الولايات المتحدة، لمعالجة تسرب في أنبوب للنفط، مما رفع أسعار النفط حينها تحسبا لانخفاض الإنتاج الأميركي بنسبة 8 في المئة. وقد أعلنت الشركة حينها ، أنها بدأت عملية إغلاق حقل خليج برودو في ولاية ألاسكا الأميركية بعد اكتشاف تآكل خطير في خط للنفط وتسرب كمية صغيرة من النفط.

وبخلاف توقعات الشركة فقد كشف الحادث عن تآكل خطير غير متوقع مما زاد المخاوف بشان تآكل أنابيب أخرى في الشبكة. وعند اكتمال عملية الإغلاق أنخفض إنتاج حقل نورث سلوب في ألاسكا بمقدار 400 ألف برميل يوميا، حسب بيان أصدرته شركة بي بي في الولايات المتحدة. وينتج خليج برودو نحو نصف الإنتاج الإجمالي من نفط ألاسكا، ونحو 8 في المئة من الإنتاج الأميركي الإجمالي، طبقا لوزارة الطاقة الأميركية.

وتحاول بعض الأوساط التقليل من أهمية نفط ألاسكا بالنسبة للولايات المتحدة بالحديث عن نفط المكسيك، إذ تنتج الولايات المتحدة نحو 1.5 مليون برميل يوميا من خليج المكسيك، أو نحو 15 في المئة من مجموع الإنتاج النفطي الأميركي البالغ نحو 10 ملايين برميل يوميا، مدعية أن هذا النفط المستخرج من أعماق البحار البديل الأساسي للولايات المتحدة بعد النقصان في نفط ألاسكا والاضمحلال التدريجي للنفط الساحلي في الجنوب، وهو، من ثم، يشكل مفصلا مهما في تأمين الإمدادات النفطية المستقبلية.

لكن الخطر في خليج المكسيك هو الدمار الذي يحصل سنويا نتيجة الأعاصير. وعلى رغم تفاوت قوة الأعاصير وسرعتها واتجاهها من سنة إلى أخرى، إلا أن احتمالات الدمار موجودة، وبكثرة. فمنذ أيلول /سبتمبر 2002، ضربت خمسة أعاصير (إيسادورا، كلوديت، إيفان، بوني، ودنيس) المنشآت النفطية في خليج المكسيك. وكان أكثرها دمارا إيفان سبتمبر/ أيلول 2004 الذي أوقف إنتاج نحو 47 مليون برميل من النفط و150 بليون قدم مكعبة من الغاز.

وهناك بالطبع دمار كاترينا والذي هو الأسوأ. والذي غيّر معطيات الصناعة النفطية العالمية. فسجلت أسعار النفط الأميركي الخفيف رقما قياسيا حينها، حيث بلغ سعر البرميل 70.85 دولار، كما وصل سعر البنزين إلى 3 دولارات للغالون، وأغلق النفط الخام على سعر 67.57 دولارا. وبدلا من التخوف من ارتفاع الطلب، خيم حينها، وبفضل كاترينا، شبح نقص الإمدادات، لاسيما في المنتجات البترولية، وذلك نتيجة لإغلاق المصافي على الساحل الجنوبي، وارتفاع أسعار البنزين. وهذا ما حاولت الولايات المتحدة تفاديه طوال الفترة الماضية.

لقد افترض المحور الأساسي في الإستراتيجية النفطية الغربية، وعلى وجه الخصوص الأميركية منها، ومنذ المقاطعة العربية في أكتوبر/تشرين الثاني 1973 عدم إمكان ضمان تدفق مستمر للصادرات النفطية من منطقة الخليج إلى الأسواق العالمية. وبناء على ذلك توجهت الاستثمارات إلى مناطق جديدة، مثل أعالي البحار، من أجل إيجاد البدائل. كما حاولت الولايات المتحدة منذ العام 2003 ضمان الإمدادات من دول حليفة. ولكن يتضح أنه في الحالين كلتيهما هناك صعوبات جديدة تواجه هذه الإستراتيجية. فهل يكون الاتجاه نحو ألاسكا هو الحل؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً