عرفناها أو عرفها جمهور القراء البحرينيين والخليجيين والعرب وجها مميزا وحَبْرا برّاقا شق طريقه بقوة ناعمة قلّ نظيرها إلى أعتاب الصحافة المحلية منذ عقد ونيف، وقد عُرِفت خلالها بالآراء الصحافية المثيرة للجدل، وجرأة ذات مذاق مميز في طرق مختلف القضايا والشئون الاجتماعية والسياسية.
فحسبها بذلك حشود المعجبين شمعة منتظرة لكل المظلومين، وملاذا آمنا ودافئا أمام سطوة أجهزة الدولة ومؤسساتها وبرودتها وجفائها في زمن عهد أمن الدولة وما تفيض به من أبوية طاغية، فهذه الشخصية الصحافية المعروفة لطالما عرفت بتقلباتها الحادة التي هي أشبه ما تكون بالمزاجية فيما تتبناه من خيارات خاصة وعامة، ومثل تلك التقلبات لطالما كان لها أكبر الصدى والإثارة مجتمعيا!
ولكن ومع مجيء الانفراجة الإصلاحية الأخيرة بهوامش الحرية تبدت وتبدلت هذه الشخصية الصحافية المعروفة مرة واحدة، فإذا بها حورية الإعلام والصحافة المفردة التي تنساب بيسر بين مختلف المسارب والأقنية الإعلامية والصحافية، وإذا بها أكثر حزما ومضيا في الوقوع بفخاخ الإقطاع المتجددة ذاته ربما على أمل الظفر بـ «بانيو» مغرق مالا وتكسبا ورضا من شخوص السلطة، وهي قبل كل ذلك وقعت للأسف كغيرها في خنادق ذاتها المتخيلة علوا وكبرا مضنيا وشاقا، فإذا بها تفصل بين مختبر الصحافة ومختبر الحياة اليومية، وبين ما تبقى من قوالب مُثُل ومبادئ وما يسيل بداخل هذه القوالب من مصالحَ ومكاسبَ ومنافعَ خاصةٍ استغلاليةٍ على حساب الغير وربما الجميع!
وإن كنا لا نختلف على أن من حق هذه الشخصية الصحافية المعروفة والمُلَمَّعَة جيدا إلى حد فقدان اللون والطعم والمعنى في أن تتسلق دنيا الكدح والشقاء على أعتاب الصحافة لتصبح من أصحاب الحظوة والوجاهة والمال والعقار، وتنضم بذلك إلى نادي المليونيرية، فهنيئا لها بما حصدته من ملايينَ وما كنا لنحصده حينها من صناعة محلية مقلدة لـ «أوبرا وينفري»، ولها الحق في تكريس حياتها لخدمة مصالحها الخاصة ومصالح عائلتها ومصالح جماعتها فذلك من حقها وحق غيرها، ومجرد تجريد كائن عادي من مصالحه هو إفناء له وقطع لصلة الانتماء والبقاء بينه وبين محيطه ووسطه وحاضنته وطبيعة تكوينه!
ولا مانعَ أيضا من أن تخلط لبن المبادئ العامة بنبيذ المصالح الخاصة أيضا، ولكنْ حرام عليها وعار شنار يصب قاره على رأسها إن استخدمت لبن المبادئ ونبيذ المصالح منفذا ومتسلقاَ آخرَ لها على حساب غيرها من مواطنين وآدميين حتى على حساب زملائها في المهنة!
ففيما لو صحت تلك الأنباء المتأتية إلينا من مصادرَ موثوق بها وقريبة من تلك الشخصية الصحافية المعروفة فستكون حينها طامة كبرى تنصب من خلالها هذه الشخصية الصحافية نفسها عميدا تنفيذيا لا فخريا فقط لـ «الصحافة اللافقارية»، فهي بحسب تلك المصادر لم تتورع بعد أن حصلت على وعد من المسئول الأعلى بإحدى مؤسسات الدولة بتوظيف ابنها في هذه المؤسسة عن الذهاب إلى إحدى المؤسسات الصحافية الزميلة والقيام بمهاجمتها وتوبيخها علنا بغرض الكف عن انتقاد أداء تلك المؤسسة وقامت بالتحريض على أحد الزملاء الصحافيين بتلك المؤسسة الصحافية؛ لكونه قد دأب على انتقاد المؤسسة التي وعدها مسئولها الأعلى بتوظيف ابنها فيها على وجه الفور نظير خدماتها!
ولعلي لا أتردد أبدا في تصديق أمثال تلك الروايات ليس فقط لكونها قد جاءت من مصادر موثوق بها، وإنما أيضا لكون «عميد الصحافة اللافقارية» المعين والملمع غصبا في كونه صوت العقل والمنطق والاعتدال والمواطنة الغيورة وصاحب الكلمة الفصل من أصحاب السوابق التي تورطت فيها كثيرا ونزعت من خلالها ما بين جلد المبدأ ولحم المصلحة، وبين ما يكتبه الكاتب وما يدعو إليه وما يطبقه على نفسه وعلى الآخرين في حياته، فهي أثبتت أن تفسيرها الاستغلالي للاعتدال والموضوعية والحياد الجدلي أقرب وأشبه ما يكون بالرقص والمشي على جميع الحبال والحبائل والتلوي في جميع الجهات!
فقد كان لهذه الشخصية الصحافية المعروفة أن تورطت سابقا في حملة هوجاء استغلت من خلالها وجاهتها الإعلامية، واستهدفت من خلالها أحد المشروعات الحيوية في الدولة؛ لمجرد كونها لم تحصل على سعر العقار الذي أصرت عليه بكل جشع وطمع من قِبل مسئولي هذا المشروع، فهذا السعر يزيد طبعا على السعر المتداول في السوق، فكاد ذلك الإصرار والتحريض الأهوج يطيح بهذا المشروع الحيوي الكبير بفضل الحملة الصحافية التي أدارتها هذه الشخصية لولا تدخل من أعلى المستويات كان قد حسم الأمر بين الجانبين المتنازعين، فلما قوبلت هذه الشخصية بأنها تعمل ضد مبادئها التي تكتب عنها في تصرفاتها الحياتية مع الآخرين، أجابت حينها بحزم: «مبادئي في جهة ومصالحي في جهة أخرى»!
فهل تختلف بذلك هذه الشخصية الصحافية المعروفة والأجدر أن تلقب بـ «عميد الصحافة اللافقارية» عمّن تهاجمهم من مخربين ومشاغبين مراهقين في الشارع، والذين يضرون بمصالح الدولة ويعرقلون مساعيها للتنمية؟
إنْ كان هؤلاء الصبية المراهقون يدمّرون ويخرّبون ويسيئون إلى مصالح الدولة الحيوية يأسا وكرها وإحباطا وتعاسة عبر أعمال الشغب في الشارع، فإن هذه الشخصية الصحافية المعروفة تضر بمشروعات الدولة الحيوية ومصالحها بانتهازيتها ولهثها الفاضح وراء الربح والجشع المادي، وهي تسيء إلى ذاتها قبل كل شيء، ولربما أنْ تكون مراهقا سيئا وطائشا خير لك ألف مرة من أن «تكبر وتدبر»!
وقبل الحديث عن «ميثاق شرف صحافي» وعن النهوض بالأخلاق والمبادئ المهنية، ألسنا بحاجة إلى مشروع قانون آخرَ لحماية الصحافة من بعض الصحافيين من أشباه «عميد الصحافة اللافقارية» الذي خذل الجميع وخذل نفسه قبلها إذ ينتقد المفسدين ويمارس كل أنواع الفساد في تعامله اليومي مع الجميع ومع صحافته السلعية؟
ألسنا بحاجة إلى ميثاق يوقعه أمثال هؤلاء النفعيون والانتهازيون غير المبرئين بالمرة مع قرائهم وقبلها مع أنفسهم؟
أليس من حق الزملاء الصحافيين الذين مازالوا «صغارا» - بالمقارنة بـ «عميد الصحافة اللافقارية» الذي فات عمره نصف قرن - أن ينالوا أقساطا كاملة من الحماية والعناية من أن يقعوا فريسة لما وقعت فيه هذه الشخصية ذات السلوك الانتهازي الراقص على كل الحبال والأطراف، فهي أشطر من راقصة باليه على حروف الكلام الذي لم تطبقه على نفسها قط؟
إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ