العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ

الجودر: شعار «الفرقة الناجية» مرفوض وحذارِ من الفتاوى التكفيرية

انتقد الفضائيات والمنتديات المشحونة مذهبيا

الوسط - محرر الشئون المحلية 

04 يناير 2008

حمّل الشيخ صلاح الجودر ما اسماه بـ «المصطلحات التخريبية والفتاوى التكفيرية» المسئولية والضوء الأخضر لإعطاء «العدو» أن يزداد قوة، في وقت تكثر فيه «الفتن وزمن الغثائية، والمحن والرزايا». واستنكرالجودر في خطبة له أمس بجامع طارق بن زياد بالمحرق «الجدل العقيم في القنوات الفضائية المشبوهة والمنتديات الالكترونية الموبوءة تحت شعار الفرقة الناجية»، محذرا من تسميم عقول البشر بالخطابات والفتاوى التكفيرية.

وانتقد خطيب الجمعة شعارات «السخرية والاستهزاء والتخوين والتشكيك والاستعداء والصدام مع الآخر المختلف مذهبيا وطائفيا»، داعيا إلى وجوب طرح حلول صريحة أمام هذه المعضلات التي «لابد من وقفة صدق، وموقف محاسبة، في نقد عالي المستويات، يبدأ بنقد الذات قبل الآخرين».

وعزا خطيب المحرق النكسة والهزيمة إلى «خلافاتنا الداخلية التي تحولت إلى أدواء وأسقام تسري في جسد الأمة، وكأننا لا نتعلم من دروس الماضي أو عبر السنين، فحرب داحس والغبراء وصفين والجمل وغزو التتر والحملات الصليبية وسقوط الأندلس لبلاد المسلمين كانت كفيلة بأخذ الدروس منها، والصور الماثلة اليوم في باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين والسودان والجزائر هي الأخرى كفيلة بأخذ العبر منها، ولكن الأمة إلى الآن لم تتعلم شيئا، ولم تجن سوى الفرقة والخلاف والشقاق، حتى ابتليت بالحروب التي تعرفونها، وهي حروب داخلية وليست حروبا مع أعدائها، حروب بأيدي خفية تريد إشعال نار الفتنة في أرجائها، بين مذاهبها وطوائفها، سنة وشيعة، وتحاول إفساد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتستغل المناسبات الدينية والوطنية لتمرير أجندتها التخريبية والتدميرية في المنطقة».

واعتبر أن اخطر ما في هذه الدعوات أنها جاءت «بلبوس دينية، ومصطلحات دينية، وفتاوى دينية، والدين منها براء»، مضيفا «ان أزمتنا الحالية هي أزمة مصطلحات استنسخت من كتب التاريخ، وفتاوى يطلقها أنصاف المتعلمين ورويبضة العصر، لا هدف لها ولا غاية سوى مزيد من الخلاف والصراع، فرجعت الأمة لتحطم نفسها بنفسها، هذا هو واقع حال المسلمين الذين يرون العدو يزداد قوة وهم في صراع مع مصطلحات تخريبية وفتاوى تكفيرية».

وتابع الجودر «لقد تفجرت في وجه الأمة الأهوال واغبرت في عيونها الآمال حينما أشغل شبابها وناشئتها بمصطلحات وفتاوى التكفير والتطاول على ولاة الأمر والعلماء والمفكرين والمبدعين وأصحاب الرأي». وأضاف «ونحن نودع عاما هجريا دعونا نقف عند آخر وصايا نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد، ولنأخذ من تلك الكلمات النبوية الدروس والعبر. لقد ختم نبيكم محمد خطبة الوداع قائلا:(إلا لا تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا)، وحينما عاد إلى المدينة ذهب إلى أحد فزار الشهداء، وصلى عليهم ثم انصرف إلى المنبر، وأكد على مقولته السابقة وقال: (إني فرطكم وإني شهيدٌ عليكم، وإني لا أخاف أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها»

وواصل الجودر «فقوله (تنافسوا فيها): أي تتصارعوا وتتقاتلوا وتتنازعوا في هذه الدنيا. وخرج ليلة إلى البقيع فقال مخاطبا الموتى: (السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أخرها أولها، الآخرة شر من الأولى). وبينا المسلمين في صلاة الفجر يوم الاثنين لم يفاجأ إلا رسول الله كشف ستر حجرته فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فأشار إليهم بيده رسول الله أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر. لقد عاد نبيكم محمد إلى حجرته بعد أن وحد المسلمين وجعلهم على هيئة رجل واحد، صلاة جمعت الأبيض والأسود، العربي والأعجمي، المهاجر والأنصاري، الغني والفقير، ذابت بتلك الصلاة كل عصبيات ودعاوى الجاهلية، صلاة واحدة جمعت بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي وعمار بن ياسر مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجعفر وأبن عباس، هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا حينما تخلوا عن دعاوى الجاهلية استجابة لأمر نبيهم (دعوها فإنها منتنة)».

ولم يجد الجودر بدا من التفاؤل إزاء ذلك الوضع، بالقول «إن الله لا يغيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، محذرا من ان «يدفع المتطرفون عقلاء القوم منكم ليفكروا بالطريقة نفسها، تلك الطريقة الحمقاء، التي تعتمد على الكراهية والتطاول وبغض الآخرين، حذار من تسميم عقول البشر بالخطابات التكفيرية».

العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً