العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ

دردشة وتحيات باللغة العامية

موعد ولقاء في التلفزيون...

نظرة فابتسامة فموعد فلقاء، هذه العبارة تنطبق على الأسلوب القديم للتعارف، فالطريقة اليوم تتلخص في «ملل تلفزيون، جهاز تحكم عن بعد، مسج فمسج ومسج...»، وبهذه الطريقة ستتعرف إلى شخص جديد من خلال محطات الشات التي تجتاح التلفزيون اليوم.

خلال السنوات العشر الأخيرة عاشت الشاشات العربية تزايدا ملحوظا في عدد المحطات، بمختلف أنواعها وتوجهاتها. فمحطات الترفيه والأخبار، والأفلام العربية القديمة، والأفلام الأجنبية والموسيقى وغيرها الكثير. كل ما يخطر على البال من مواد يمكن أن تعرض في التلفزيون، أصبح له قناة متخصصة الآن.

نموذج جديد دخل الساحة الإعلامية الفضائية أخيرا، وشد عددا كبيرا من الناس، من خلال مجموعة من المحطات قارب عددها القنوات التلفزيونية العشر، تعتمد المحادثة المكتوبة عبر شاشة التلفاز والتي تدور من خلال الرسائل القصيرة (SMS) هدفا أساسيا من بثها، وقد يترافق مع هذا العرض التلفزيوني المكتبي بث إذاعي لإحدى قنوات الراديو، أو أن تترافق مع النصوص المرسلة من قبل المشاهدين عبر الرسائل القصيرة أغانٍ ومقطوعات موسيقية على مختلف أنواعها، قديمة وحديثة، لمطربين كبار أو فنانين جدد على الساحة الموسيقية.

ولا تقتصر خدمات هذه القنوات على إتاحة الفرصة للمشاهدين لإرسال رسائلهم القصيرة وعرضها، والاستماع لمجموعة من الأغاني، فهذه القنوات تطور خدماتها بشكل دائم، فاليوم توفر أيضا خدمات ترسل إلى الهواتف النقالة، سواء أكانت خلفيات تحمل على الجهاز، أم نغمات أم ألعاب، كما أن بعضها يتيح للمشاهدين فرصة للإعلان عن بضائع أو منتجات لديهم يرغبون في الترويج لها وبيعها، كأرقام الهواتف النقالة المميزة، أو السيارات وما شابه.

ما يجعل هذه الظاهرة لافتة للنظر أنها نقلت ما ظنناه في مرحلة من المراحل حكرا على غرف الشات في الإنترنت إلى شاشات التلفاز، فنجد الناس تتعارف وتتبادل الحديث ولكن هذه المرة على مرأى من ملايين الأشخاص، من كل الأعمار وفي مختلف الأماكن التي تستقبل هذا الإرسال.

وسيد الموضوعات في هذه المحطات هو الترحيبات والتحيات، التي تستمر على مدار اليوم، ابتداء من تحيات الصباح إلى وداعات النوم، وتغلب عليها العبارات العامية ما لم تكن جميعها، وغالبية هذه العبارات صعبة الفهم، وعلى الأغلب لا يعرف مغزاها سوى كاتبها، أو من يمتلك جدولا لحل شيفرة الكلام المكتوب.

ولا يكون التعبير والحوار بين رواد هذه القنوات بالأحرف والكلمات فقط، فمن بين الخدمات التي تقدم، إمكان إدراج رموز وعبارات وصور جاهزة، من خلال إرسال رسالة برمزها فتدرج داخل النص، أو حيث يرغب مرسل الرسالة في إدراجها.

وعلى رغم الرقابة الدائمة على كل عبارة يتم إدراجها عبر هذه القنوات، فإن الحوار بالعامية يجعل الأمر صعبا جدا، فعلى سبيل المثال لا تسمح بعض المحطات بإيراد أرقام، على شاشتها وخصوصا أرقام الهواتف، إلا أن مرتادي هذه الشات أوجدوا حلا لهذا الحجب من خلال إرسال أرقام الهواتف عبر ترميزها بالحروف، وبالتالي لن يتعرف برنامج حجب الأرقام إلى الرقم فلا يمنع ظهوره.

وبهذه الطريقة يلتقي الكثيرون فيتعارفون، وقد يتبادلون أرقام الهواتف والعناوين بعد فترة من التعارف الممسج (من مسج) عبر شاشة التلفزيون.

ويحتاج الشخص الراغب في الدخول في هذه التجمعات الصغيرة المتحاورة عبر الفضائيات المتلفزة إلى بعض الأمور الأساسية، لعل أبرزها جهاز هاتف نقال (موبايل) فيه رصيد جيد؛ لأن أسعار هذه الرسائل القصيرة ليس بالزهيد دائما، تضاف إلى هذا ضرورة اختيار اسم مستعار مميز ليدخل من خلاله في حوار مع المجموعة، وبالتأكيد على مرتاد هذه الشاشات أن يمتلك مخزونا لُغويا عربيا ضعيفا، وأن يجيد لغة الترميزات والتشفيرات، وأخيرا عليه أن يمتلك كما هائلا من الملل ووقت الفراغ؛ لكي يملأه بمتابعة تحيات آخرين مثله.

العدد 1947 - الجمعة 04 يناير 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً