العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ

الطائفية في المجتمع البحريني

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

يحمل البحرينيون معاناة الحديث عن الطائفية في المجتمع، وذلك بسبب كثيرمن سوء الظن وظن السوء، الذي يحمله البعض منّا في مواجهة البعض الآخر. ومسألة الطائفية هي من المسائل العويصة، والمسائل التي تبقى معلقة وبلا حل جذري في المجتمعات المتخلّفة... والمجتمعات التي أفلحت في علاج المشكلة الطائفية استطاعت التقدّم بين الأمم. يتناول هذا المقال الطائفية في المجتمع البحريني على الصعيد الاجتماعي والسياسي، وكذلك يطرح (المقال) أحد الحلول الجذرية للإشكالية الطائفية.

الوئام الاجتماعي في البحرين

لا أحد ينكر أنّ هناك خصوصية للمذاهب الإسلامية في البحرين، وإنّ شعب البحرين هو شعب مسلم متدّين، وإنّ البحرينيين عموما من الشعوب المنفتحة والمتسامحة والتي تقبل التعاون مع الآخرالمختلف معها دينيا ومذهبيا وعرقيا. وإلا لما بقت الإرسالية الأميركية، كإحدى وسائل التبشيرطيلة هذه المدة في البحرين! ولما استطاعت بعض القبائل والأعراق العيش في البحرين بمثل هذه الأريحية، وكذلك لما استطاعت هذه الجموع من أهلنا من عرب اليمن وعُمان وغيرهم... وكذلك البحرينيون من ذوي الأصول الفارسية/ الإيرانية، من العيش المشترك في ظل سماحة شعب البحرين، والفئة الأخيرة، ومن فرط تسامح أهل البحرين معهم مازالوا يحتفظون بالحديث فيما بينهم بلغتهم الأم.

العلاقات الاجتماعية بين السنة والشيعة في البحرين، هي علاقات تاريخية... وعلى رغم الحوادث العشوائية التي كانت تجري هنا أو هناك، إلاّ أنّ السمة الدائمة للعَلاقات الاجتماعية بين الطائفتين هي سمة ذات سلام أهلي عام. بل لم تشهد البحرين طيلة تاريخها الاجتماعي أنْ قامت فرق استئصال طائفي، كانت هناك هجمات تُشن على البعض بقصد السلب والنهب والاستيلاء وليس بهدف العدوان والاستئصال الطائفي.

والسنة والشيعة يتزاورون فيما بينهم، ووصل الأمر إلى أنْ تداخلت بعض الأسر بالمصاهرة والتزاوج، فكانت معظم البيوتات الشيعية في المنامة هي بيوتات مختلطة، وكذلك بعض البيوتات الشيعية في المحرّق. لا يجدون فارقا كبيرا بينهم. وقد كان ذلك في فترة الستينيات والسبعينات مرورا بالثمانينات حتى بدايات التسعينات. على رغم من وجود بعض الحوادث السياسية التي ساعدت على توتيرالأجواء الاجتماعية، منها اكتشاف مخطط لقلب نظام الحكم في بداية الثمانينات وكذلك جانب من أحداث التسعينات.

ولعلّ الفارقة الإيجابية على الصعيد الاجتماعي هو انتشار الزاوج المختلط بشكل كبير، وهذا الأمرمصدرقلق يواجه المتشددين والداعينَ إلى الفرقة والمتعصبينَ الطائفيينَ في كلا الجانبين. وجود زيجات بل وأبناء من أب وأم مختلفينِ مذهبيا يعتبر لدى المتطرّفين الشيعة والسنة بمثابة «معضلة شرعية»! ولذلك سمعت كثيرا من شيوخ الدين المعتدلينَ في الجانبينَ مَنْ يتحدّث بأن هذه الزيجات هي المسمارالأوّل الذي يجب أن يدق في نعش الطائفية. وبهذا الأمر استطاع الكثير من السنة والشيعة تأسيس وئام اجتماعي عميق ودائم وذا صيرورة اجتماعية متجددة.

الخصومة السياسية في البحرين

في مواجهة الوئام الاجتماعي، كان هناك الخصومة السياسية في البحرين. وقد أثمرالعمل الجماهيري العلني في فرز الساحة البحرينية والمجتمع ككل - إلاّ ما رحم ربي- إلى تقسيمات طائفية (سني/ شيعي).

وعلى الرغم من أنّ التحوّلات السياسية التي جرت في البحرين، بعد الميثاق، كان من الممكن أن تؤسس لوعي تنظيمي سياسي متقدّم نظرا للتاريخ الوطني السياسي المشترك بين السنة والشيعة، تاريخيا هناك محطات وطنية مشتركة في العام 1938 و 1954- 1956 و1965 إلى غاية السبعينات والاستقلال... إلاّ أن الوعي الوطني تراجع بدرجات كبيرة وصلت حد الاحتقانات الماثلة أمامنا في حالة المجتمع البحريني الراهن! فهذا التراكم الوطني لم يثمرعن نهايات وطنية سعيدة.

وقد مثلت دولا كبيرة في المنطقة، والبحرين دولة متأثرة وليست مؤثرة في المنطقة، الكثير من المتاعب لجسد المجتمع البحريني. ويتمظهر ذلك في الاختراقات والتدخلات الإيرانية، تارة بحجة إنّ البحرين «مال مو»؛ أي تابعة لإيران، وتارة بحجة حماية مكون أساسي من مكونات الشعب البحريني. وعلى رغم من أنّ البحرينيين، في الحقيقة والواقع، لم يحصدوا أيّ منفعة أو أيّ نقطة إيجابية من هذه الجارة؛ إلا أنّ ما يؤسف له أن يكون هناك مَنْ يتحدّث عنها وكأنها النبي المرسَل أو مخلصة البشرية ومنقذة المستضعفين... في غفلة تامة عن المصالح السياسية للدول!

حل جذري للطائفية في البحرين

لا أعتقد بأنّ استمرارالوضع على ما هوعليه من تخندق طائفي في مصلحة البحرين، لا الحكم ولاالحكومة ولا الشعب بمختلف مكوناته وطوائفه... فالمسألة الأساسية التي ينبغي أنْ نحاربها هي الطائفية... ومن أجل حفظ الأسس التي يقوم عليها كيان المجتمع البحريني، وأمام التهديد المستمر للسلم الأهلي العام في البحرين، ومن أجل الحفاظ على ثرواتنا الوطنية والمال العام من جهة، ومن أجل عدم حماية سرّاق المال العام بسبب انتمائهم إلى الطائفة الفلانية أو العلانية, ولمواجهة الطائفية السياسية؛ فإنّ على الدولة القيام بخطوة وطنية تضع أمام تلك الجمعيات الطائفية خيارين لا ثالث لهما: الحل أو تسجيل نصف الأعضاء أو أقل بقليل من مكونات مذهبية مختلفة... وبلا هذا الحل الجذري ستظل البحرين تعاني من الطائفية على الصعيد السياسي الذي سينعكس على مختلف الأصعدة مما يسبب الدماروالخراب لهذه البلاد... ولك الله يا شعب البحرين!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً