العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ

«حماية البيئة»... شاهد الزورالأكبر!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عندما يسمع البحريني كذبة من الحجم الكبير، عادة ما يعلّق بعفوية: «إنها شلخة ما تمرمن باب البحرين»!

هذا ما شعرتُ به عند قراءة التصريح المتهافت من «الهيئة العامّة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية»، ردا على النائب حيدرالستري، بشأن إجراءات ومعايير الترخيص للشركات العاملة في مجال الردم والتجريف.

الرد يبدأ بعبارةٍ مثيرةٍ للغضب: «لا يختلف اثنان على أن عمليات الحفر والردم لا تؤثر سلبا على نوعية وحيوية الموارد البحرية»، ويشهد الله أننا أوّل المختلفين على هذا الهُراء! ويؤسفنا أنْ تذهب الهيئة إلى هذا المدى من التضليل وخداع الرأي العام، بتبريرما يجري من تدمير واسع للبيئة البحرية والقضاء على الثروة السمكية، بالحاجة إلى «التوسّع السكّاني والاستثماري»، وهم يعلمون يقينا أنّ هذه المشاريع لن ينتفع بها المواطنون.

خلال العام الماضي، دخلتُ مع آخرين على خط الدفاع عن البيئة، سواء بكتابة الرأي أوالتحقيقات الميدانية، ورأيتُ بعيني مدى الدمار الذي لحق بها جرّاء عمليات الدفن وتجريف الرمال من قيعان البحر، غرب وشرق وشمال البحرين. وصباح أمس بالتحديد كنتُ في جولةٍ بحريةٍ لمدة ساعتين، برفقة بعض صيّادي جزيرة المحرّق، وسألتهم عن عمق منطقةٍ كانت فيما مضى تكثر فيها مصائد الأسماك (الحظور)، فقال مرافقي: إن عمقها 7 أمتار، بينما كانت لا تزيد على مترين قبل شفط الرمال، وهو ما أدّى إلى تدمير مكوّنات البيئة من طحالب وأعشاب بحرية وشعب مرجانية و(لحوف) وفشوت، ثم تأتي هيئة «حماية البيئة» لتقول إنّ الدفن لا يؤثر!

مواقف الهيئة تدعو إلى الشك والارتياب، فليس من المعقول أنْ ينقلب أحد مسئوليها من مدافعٍ عن البيئة إلى مدافع عن انتهاكات وتدميرالبيئة، إلاّ أنْ يكون وراء الأكَمَةِ ما وراءها. ومن خلال احتكاكي مع مئات الصيّادين من مختلف المناطق (من المحرّق إلى سترة والمالكية وكرزكان والقرى المحيطة بخليج توبلي)، نادرا ما كنتَ تسمع مَنْ يمتدح مواقف هذه الإدارة، وكثيرا ما تسمعهم يذمونها ذمّا مرّا، بل يتهمون أسماء بالتسترعلى تجارة «الغزل الاسرائيلي»، وهو أمرٌ مسكوتٌ عنه وقد آن للنواب أنْ يحقّقوا فيه.

الرأي العام يحتاج للمصارحة والمكاشفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وليس تبريرما يجري، وهي مسئولية تقع على عاتق الجميع وخصوصا النوابَ، فتدميرالبيئة كارثةٌ على رؤوس الجميع، ولا ينبغي تطييفها أو تسييسها بحال، فليس هناك بحرٌ سني وآخرشيعي، وليت أحد نواب الموالاة بالمحرّق يمتلك الشجاعة والجرأة؛ ليصارح جمهوره بما قاله سرا: «البلد كلّها انباعت».

إنّ تأثيرالردم على تدمير البيئة أمرٌ يُجمع عليه كلّ البحّارة والصيّادين، وهي حقيقةٌ لم تختلقها هذه الصحيفة أو تلك، حتى يتهمونا بأننا نمارس «دور التهويل»، بحسب ردود الهيئة «الماصخة» على أسئلة مجلسي النواب والشورى. وهي حقيقةٌ أكّدتها دراسات مراكز البحوث المعترف بها رسميا، وليست من اختلاق جمعية «الوفاق» أو «وعد» أو «أمل».

كلّ مواقف الهيئة «المعادية» للبيئة يمكن بلعها، سواء نفوق الأسماك أو محطة توبلي أو الفشوت أو الغزل الإسرائيلي، أمّا الدفاع عن المردود الاقتصادي والإسكاني لمشاريع تصبّ في جيوب معدودة، فهو شهادةُ زورٍ و«شلخةٌ من الحجم الكبير»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً