عام ينقضي... حلقات حياتية تنتهي... ثم تبدأ أصوات أخرى وأعوام من جديد! هل جملة كل عام وأنتم بخير ستدوم حقا؟ هناك من يقول هذه السنة أو تلك ستكون أكثر تصاعدا. ربما هي نهاية الزمان لكثرة عذابات البشرية، والموت والدمار.
هل بالإمكان أن تكون أسوء مما كان؟! إن البشرية منذ بداية عهدها وهي تتألم وتعاني وتتفتت... تمر بعهود مظلمة... قاسية، ومن ثم تنتهي، لكنها تبدأ من جديد ولو بأعداد قليلة من البشرية، فهي تقود لتعمير الأرض.
بتنا نخاف الأيام لما تجلبه من أحزان ومعاناة. فانتشار الظلم وأخذ حقوق البشر في العيش وسطوة القوي على الضعيف قد سلبت الفقير حياته وجعلته مترملا، يعيش يومه بانتظار الغد الذي سيخلصه من حياته المقيتة المتعبة، وبأن الموت ربما سينقله إلى عالم آخر. مهما كان لا يهم فهو يريد الخلاص من الحاضر الذي لم يعد يرى فيه أية متعة أو حياة حقيقية أو أمل بتحسن الأوضاع المعيشية والنفسية، فهو عائش ميت، جسد ومسئوليات وانتظام في بوتقة حياتية مملة وكئيبة.
حينما يطغى الأقوياء على الضعفاء ويسحقونهم ويأخذون خبزهم اليومي ما الذي سيتبقى ليرتكزوا عليه؟! لقد امتهن الظلم الأميركي قتل كل الشرفاء، وأبعدهم عن كراسيهم، كي يرتع بنهب الثروات، بقيادة مجنونة هي الأقوى في الدمار، فهي التي فازت في تدمير ديارنا والسيطرة على قراراتنا، حتى في تحسين قرانا وشعبنا. إن الخوف بات مسيطرا حتى على رؤسائنا ممن كانوا يوما قادة لشعوب حرة يريدون فك قيودها، ولكن الكراسي نعمة وهي أهم من الشعوب، فلا أحد يريد أن يكون مثل بينظير بوتو... لا أحد مستعد أن يعاند ويموت موتة الكلاب... فكلمة «حاضر سيدي» هي التي باتت سائدة... وتخدير الشعوب بالوعود أمر قد تعودنا عليه. لقد فقد الإنسان بوصلته... لم يعد يدري كيف يعيش، فانتشار الدمار على الشاشات التي نراها حتى ونحن في الفراش نحتضن الأجهزة التي تعرب الأخبار والمسافات وتعزز الآلام البشرية ومعاناتها كل يوم... لم يعد الناس قادرين على فهم ما يدور، ولماذا كل هذه الكمية من القتل والتشويه للأطفال والرجال.
لم يعد الحب قادرا على التعبير أو الوجود... لقد غير القادة قلوبهم ووضعوا مكانها أحجارا ثقيلة... فهم لا يشعرون بشعوبهم ولا يرون معاناتهم! إن خلايانا أضحت في فوضى، لا تعرف لماذا هي تعيش ولماذا هي مضطرة لرؤية كل ذلك الدمار! فالبؤس أضحى على وجوه البشر... يتحركون كالنمل... غير مدركين لماذا يكونون في هذا الزمان. إنني لن أصعد العذابات أكثر من ذلك، وأكتفي بالقول إن ما يدور هو ليس بداية لنهاية الزمان، إنه هو الزمان ذاته... إنه دورة الكائنات... وإن ذلك قد حدث منذ قرون كثيرة حينما عمت الفوضى وانتشر الظلم حينما ضربت النيازك والزلازل وأفنت الوجود. هل على الفوضى أن تعم وتتصاعد كي يبدأ العد التنازلي للفناء أم أنه الإنسان ينقصه الذكاء والحكمة للبقاء، أم أن للخلود شروطا لا يمكن للإنسان التشبث بها لكمية التشتت في الاقتناء وحب الذات والظلم ونسيان كل الصفات الإنسانية الحقيقية، من العطاء والخير والعدل والمحبة.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ