حقق فيلم «هي فوضى» ليوسف شاهين وخالد يوسف إيرادات تقترب من 10 ملايين جنيه (مليوني دولار تقريبا) وذلك للمرة الأولى في تاريخ أفلام شاهين الذي يقدره الشارع المصري إلاّ أنه لا يتفاعل مع أفلامه.
كما أثار الفيلم الذي يتعرّض للفساد المستشري في أجهزة الدولة الكثيرمن الحوارات في المجتمع المصري بين مؤيّد له في أوساط المثقفين ومَنْ يوجّه الاتهام إلى صانعي الفيلم بإثارة البلبة الاجتماعية.
ويصوّر الفيلم أمين شرطة (ضابط صف) والدورالفاسد والقمعي الذي يقوم به في الفيلم والذي أداه باقتدار الفنان خالد صالح أحد أكثر الوجوه الواعدة في السينما المصرية الآنَ.
ويقول الناقد طارق الشناوي إنّ الفيلم «لا يمت إلى عالم شاهين بصلة من حيث ثراء السينما في كادرات المشاهد ومن حيث الصورة والمؤثرات الصوتية والإضاءة».
ويشيرإلى «ظهور أسلوب خالد يوسف في الفيلم كرؤية إخراجية تستند بشكل صريح إلى بطولة الحوارالذي قد يصل أحيانا إلى درجة الفظاظة من حيث القول والمشاعروالأحاسيس التي يقوم بتقديمها طوال عرض الفيلم».
من جهته، رأى الكاتب عزت قمحاوي أن «الفيلم يبدو مركبا من فيلمين ويختلف نصفه الأوّل عن الثاني في ذكاء اللقطة ورهافتها وفي الإيقاع والبناء الدرامي والجمالي للمشاهد المتعاقبة».
واختلفت الرؤية السياسية تجاه الفيلم، فقال أحد المشاهدين أحمد كمال أنّ «الفيلم يصوّرحقيقة ما يظهر في المجتمع حيث يقوم أمناء الشرطة بما هو أفظع مما شاهدتُ على الشاشة من تعذيب للمواطنين وإجبارهم على دفع الرشوة وعدم شرعية اعتقال الكثير من المواطنين الذين يعترضون على هذه المسلكيات».
في حين اعترض رئيس تحرير يومية «روز اليوسف» الحكومية عبدالله كمال على هذه الرؤية حيث إنّ الفيلم بحسب رأيه يشكل «دعوة للحل عبر الفوضى وخلاصته اقتحام قسم الشرطة من دون الاهتمام بسلطته القانونية».
وهذا ما رفضه خالد يوسف قائلا: «الفيلم يقدّم نموذجا وصورة متواضعة لبطش السلطة والأمراض النفسية والاجتماعية ونموذجا لفساد السلطة والقمع والقهرالذي يعيشه الناس في ظل نظام لا يحتمل السماح للناس بالتعبيرعن أنفسهم». وأضاف أنّ «الفوضى هنا هي الفوضى التي يتسبب بها النظام وليس خروج الناس عليه».
ورأى الناقد الشناوي أنّ «الفيلم يدين القضاء كما يدين الشرطة، فوكيل النيابة الذي هو الممثل القانوني يرتكب الكثير من الأخطاء، فقد أهان القضاء حيث يفترض بممثل القانون أنْ يكون البطل الشعبي في هذا الفيلم ودوره القيام بحماية القانون وليس اختراقه مثل حماية ابنة تاجرالمخدرات من الاعتقال رغم تلبسها في حادثة تعاطي مخدرات».
وأضاف «هذه الإدانة أثارت الرقابة في اتجاه ما يتعلّق بشخصيات الشرطة، الأمر الذي استدعى عرض الفيلم على ممثلين لوزارة الداخلية قبل طرحه في الأسواق، واضطرت الجهة المنتجة إلى إضافة فقرة طويلة قبل عرض الفيلم تشير إلى إن حالة الفساد في الشرطة تعبّرعن حالة فردية وليس عن رجال الشرطة».
أمّا الناقد سيد محمود فاعتبر أنّ «الفيلم قائم على استغلال فكرة تحريضية من خلال الربط بينها وبين فساد بعض العناصر في جهاز الشرطة». وأكد أنّ الفيلم هو «امتداد للغة التحريضية الشعبوية من دون عمق، وهذا الخط كان قد بدأه خالد يوسف في فيلمه الأوّل «العاصفة» تبعه بفيلم «جواز بقرار جمهوري» مع إضافة بعض سمات الشعبوية التي تستند إلى مشاهدغريزية فضلا عن طابعها التحريضي».
وأكد أنّ «لا صلة بين هذا الفيلم وعالم يوسف شاهين السينمائي باستثناء نقاط تشابه يلمسها المشاهد بين شخصية بهية في فيلم «العصفور» التي أدّتها محسنة توفيق وبهية «هي فوضى» التي تلعبها هالة فاخر. إلى جانب «بعض السمات النفسية المشوهة بين شخصية قناوي في فيلم «باب الحديد» وشخصية أمين الشرطة حاتم (خالد صالح) بعد اغتصابه منة شلبي في «هي فوضى» واختلاط مشاعر الحب بالحقد والنزوع الغرائزي. وأوضح محمود أنّ «الإضافة الوحيدة في الفيلم هي تأكيد موهبة خالد صالح التمثيلية».
العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ