العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ

سمو رئيس الوزراء... منطق الحكمة حين يسود

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

ملفان مهمان أعطى فيهما سمو رئيس الوزراء جدية كبيرة وأعاد الأمل بهما بعدما غرقا في بحر النسيان.

الملف الأول: المدينة الشمالية التي وُضع حجر أساسها قبل سنوات، ولكن من ذلك الحين لا نعرف عنها شيئا، هل سرقت؟ هل اختفت من الخريطة؟ فسمو رئيس الوزراء حسم الجدل على نحو إيجابي وبدد القلق الشعبي من خلال تأكيد سموه أن المدينة الشمالية ستسير وفق ما هو مخطط لها.

بالطبع، نحن جميعا نأمل أن المخطط لهذه المدينة أن تصبح مدينة كبرى تسع عشرات الآلاف من المواطنين كما أعلن سابقا ونشر على صدر صحفنا اليومية، وقد كان استقبال سمو رئيس الوزراء لنواب ورئيس وأعضاء مجلس بلدي الشمالية أمرا مفرحا ويدل على حرص سموه في بث الاطمئنان إلى القلوب التي ساورها الشك حول مستقبل هذه المدينة.

اليوم الكل يأمل أن يقوم سموه بزيارة ميدانية إلى قرى المدينة الشمالية، وبيوتها الآيلة للسقوط، وكل البقاع الأخرى من هذا الوطن المحرومة من التنمية و الخدمات الإسكانية والاجتماعية، والتي يئن أهلها من وطأة السكن في منازل آيلة للسقوط.

أوضاع المواطنين الأكثر فقرا واحتياجا لم تتحسن بشكل حقيقي على رغم الوعود المستمرة من المسئولين، وهناك حاجة حقيقية لتغيير الأوضاع السائدة، الأمل يغمرنا من هذا النهج الشفاف في التعاطي، غير أن المطلوب من السلطة التنفيذية أن توجد الآليات الكفيلة بترجمة رؤى سمو رئيس الوزراء في الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية إلى أفعال ملموسة على الأرض.

الملف الثاني هو التمييز...

لقد أفرحنا سمو رئيس الوزراء أمس الأول حين استقبل عددا من قيادات الجمعيات السياسية (المعارضة) لمناقشة ملف التمييز الحيوي والحساس الذي يثير قلقا متزايدا لدى فئات عريضة من المواطنين.

إن أجمل ما طرحه سمو رئيس الوزراء خلال لقائه مع الجمعيات السياسية هو التأكيد على أهمية العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، ولكن هذين المبدأين لا محل لهما من الإعراب في الكثير من وزارات ومؤسسات الدولة.

في الحقيقة لقد شهدنا خلال الفترة الأخيرة تراجعات غير مسبوقة على صعيد تكافؤ الفرص، وخصوصا على مستوى التعيينات القيادية، حتى على مستوى الوزراء والوكلاء والوكلاء المساعدين والسفراء.

رئيس الوزراء أكد أن «البحرين تفخر بكفاءات أبنائها وتعتد بها وتتخذ هذه الكفاءة معيارا في نهجها الرامي نحو ضمان العدالة الاجتماعية، مشيرا سموه إلى أن الإنسان البحريني وبما يتحلى به من وعي وكفاءة أصبح نموذجا للثروة البشرية المثلى التي تنشدها الدول، منوها سموه بأهمية الدور المنوط بالتنظيمات الوطنية الشعبية كالجمعيات السياسية في تعميق الوحدة الوطنية وتكريسها.

ولعل الإشارة المهمة اللافتة خلال اللقاء هي تأكيد سمو رئيس الوزراء أن العمل بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني تكاملي وأن الحكومة تحرص على تفعيل دور الجمعيات السياسية وتعزيز مشاركتها في العمل الوطني والاستماع إلى آرائها حول مختلف الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين فهذه الجمعيات مكون رئيسي في المجتمع الذي تستهدفه الخدمات الحكومية، وقال سموه إن مستقبل البحرين السياسي واعد طالما أن القائمين على الحراك السياسي وفي مقدمتهم الجمعيات قد وضعوا في أجندة عملهم تعميق الوحدة الوطنية وتعزيز الترابط الاجتماعي.

كان على ممثلي الجمعيات أن يقولوا لسمو رئيس الوزراء إن التمييز ليس محصورا في وزارة التربية والتعليم، بل رقعته تمتد لتشمل قائمة طويلة من الوزارات والهيئات، ومخطئ من يعتقد أن التمييز في البحرين يسير على نحو مذهبي فقط، بل هو تمييز أكبر، لأن الكفاءة مغيبة في الكثير من الأحيان في المشهد اليومي البحريني.

الدرس الأهم من ذلك أن سمو رئيس الوزراء يعودنا على سياسة الأبواب المفتوحة في التعاطي مع قضايا الشأن الوطني، وفي ذلك حكمة كبيرة من رجل خبر بواطن الأمور.

سياسة الأبواب المفتوحة التي ينادي بها سمو رئيس الوزراء غير موجودة في قاموس الكثير من أصحاب السعادة الوزراء وما دونهم من المسئولين، والغريب أن بعض هؤلاء لا يفارقون مجلس سموه العامر، ولكنهم لا ينفذون توجيهاته في دهاليز عملهم اليومي وتعاملهم مع المواطن.

سمو رئيس الوزراء دعا إلى أن تكون أبواب الوزراء والمسئولين مفتوحة للمواطنين، ولكن ما حدث أن عدد الأبواب المغلقة للمسئولين قد ازداد، ونأمل أن يعمل المسئولون في كل مفاصل الدولة على تحقيق رؤية سموه في التعامل الحضاري مع المواطنين.

كم هو محزن أن نرى المواطن البائس المسكين يجلس بالساعات على أبواب الوزراء والمسئولين، لينتظر صاحب السعادة حينما يتكرم بالسماح للدخول عليه، وحتى بعد الانتظار فإن الإذن بالدخول هو أمر نادر الحدوث، اللهم إلا بعض الوزراء القلة على اليد.

إن بعض الوزراء لديهم منطق التعالي على الناس، وهو أمر مؤسف، ومعاكس لمرتكزات الدولة الديمقراطية ومسئوليات الموظف العام.

من دون ريب، فإن سياسة الأبواب المفتوحة هي الطريقة المثلى لمعالجة كل الإشكالات في واقع العمل السياسي، لان الديمقراطية تعنى في أسمى تجلياتها الاستماع إلى الناس وتلبية تطلعات الشعب في التطوير والتغيير المنشود.

اليوم، وقبل احتفال البلاد بالعيد الوطني المجيد نتمنى من سمو رئيس الوزراء أن يأخذ زمام المبادرة لمعالجة ملف المعتقلين في السجون الذين ذكر بعضهم أنه تعرض للتعذيب وهو أمرٌ منافٍ لكل الشرائع الإنسانية، فضلا عن دستور المملكة والعهود الدولية التي وقعنا عليها. وأملنا كبير في حكمة سموكم

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً