العدد 1944 - الثلثاء 01 يناير 2008م الموافق 22 ذي الحجة 1428هـ

وإذا «المولودة» سئلت!

وهيب عيسى الناصر comments [at] alwasatnews.com

لقد ولجنا يوم أمس (الثلثاء) 1 يناير/ كانون الثاني ببداية عام ميلادي جديد (2008)، واحتفلت كل دول العالم وخطط كل الناس لرحلاتهم وزياراتهم خلال هذا اليوم - على رغم أن التقويم الميلادي حديث نسبيا وأدخل عليه بعض التعديلات وعليه بعض المآخذ - لكون أن الشهور فيه يتفاوت فيها عدد الأيام، فضلا عن أنها غير متسلسلة، وأمور أخرى محيرة، مثلا، لماذا تم اختيار فبراير/ شباط (الشهر الثاني) 28 للسنة البسيطة و29 للسنة الكبيسة؟ ولماذا بدأت السنة من يناير ولم تبدأ في 21 مارس/ آذار (اذ تكون درجة ميلان الشمس صفرا، أو يكون برج الحمل بمطلع مستقيم يساوي صفرا)؟! أو لماذا لم يتم اتخاذ مولد عيسى المسيح بداية هذه السنة؟ ولماذا صار لشهري يونيو/ حزيران وأغسطس/ آب 31 يوما على التوالي؟

فالمولودة في يوم الجمعة 29 فبراير 2008 (السنة الكبيسة؛ لأنها تقبل القسمة على 4؛ نظرا إلى أن طول السنة الشمسية الميلادية 365 وربع لذلك بعد أربع سنوات يكون مجموع الربع يوما كاملا)، سوف لن تحتفل بعيد ميلادها إلا في يوم الأحد 29 فبراير العام 2012 (السنة الكبيسة التالية)، ومع ذلك تقبل الغرب هذه الإشكاليات وتوحد على تقويم جنبهم الاختلاف في الجانب الديني والتاريخي والطائفي، وانتشر هذا التقويم عالميا.

لو أن هذه المولودة مسلمة، ورغبت الاحتفال بعيد ميلادها بالتقويم الهجري لكي تتغلب على مشكلة الاحتفال مرة كل 4 سنوات، (بحسب التقويم الميلادي)، فإن أول إشكالية ستواجهها هي تحديد موعد ولادتها؛ فهل يوم ولادتها الجمعة سيكون في 22 صفر 1429 هـ بحسب التقويم الإسلامي الموحد (باتفاق كل علماء الفلك والشريعة في مؤتمر توحيد الأهلة في جدة 1998، وهذا هو منهجنا في الحساب، وهو يشترط الرؤية في الأساس) ومصادفة، هذه المرة، مع منهجية سماحة السيد محمد حسين فضل الله (لا يشترط الرؤية) التي انفرد بها عن الآخرين أو في 21 صفر 1429هـ (بحسب تقويم ليبيا، التي انفردت بها عن الآخرين) أو في 20 صفر 1429هـ بحسب رأي فضيلة الشيخ الدكتور اللحيدان (رئيس هيئة المجلس الأعلى للقضاء) - إذ يمكن أن يغير التاريخ بعد يوم من الاستهلال، كما حدث في شهر ذي الحجة 1428هـ، إذ تفاجأ الجميع بأن اعتبر الأول من ذي الحجة يوم الاثنين فقط بعد صلاة العشاء رغم أن الاستهلال كان مطروحا يوم الأحد ولم يولد الهلال ويغرب قبل غروب الشمس بحوالي نصف ساعة) - أم سيتم تسجيل تلك المسكينة في 19صفر 1429، بحسب معايير سماحة السيد علي السيستاني!

باختصار فإن الفارق في تسجيل موعد ولادتها على التقويم الهجري سيكون 4 أيام، بينما كان الفارق أيام «الاستعمار» يومين فقط!

المشكلة، أن هذه المسكينة لو كانت تريد أن تحتفل بعيد ميلادها (وهي بدعة عندنا) وكان أحد أبويها مقلدا للسيد السيستاني والآخر لفضل الله، أو الأب مغربي (تشديد في الرؤية) والأم ليبية (استبعاد شرط الرؤية ودون اتخاذ شرط ولادة الهلال قبل غروب الشمس أساسا) وكان الوالدان متشددين ومتطرفين لرأيهما لحدث شجار عنيف في كل مناسبة لعيد ميلاد هذه المولودة، ولكان يومها هذا مشئوما، ولو سئلت بعدها ماذا تفضلين أن يكون احتفالك بعيد ميلادك أهو بالهجري أم بالميلادي؟ فإنها - اعتقد - ستختار أن تحتفل بالتقويم الميلادي مرة كل 4 أعوام، أفضل من احتفال سنوي يكون مقترنا بخلاف وخصام وشتم وقذف بين الوالدين في كل مناسبة.

للأسف، توحد الغرب وتفرق المسلمون، وتم اتخاذ المناسبات الدينية عند بعض الأفراد كفرصة للمكاسب السياسية ولتجريب ولاء المسلمين البسطاء وإرهابهم عند مخالفتهم، هؤلاء البسطاء باتوا يسيرون بمشايخهم وكأنهم دون عقل أو علم.

الأعياد والمناسبات الدينية هي فرصة لتعكس لـ»الأستعمار» وللديانات الأخرى مقدار توحدنا نحن المسلمين أو مقدار تباعدنا، فهو القائل «واعتصموا بحبل الله جميعا» وكذلك لا ننسى قوله تعالى «يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وانثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن اكرمكم عند الله اتقاكم»(الحجرات:13).

فيا أصحاب الفضيلة المختصين في الفقة والعلوم الشرعية نرجو أن تعملوا جميعا على طرح حلولكم أما عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي أو عن طريق الجمعيات التي نذرت نفسها لتوحيد الأمة الإسلامية.

كما أرجو من تلفزيون البحرين ومن القنوات الفضائية أن يبثوا المادة الإعلامية الرائعة والهادفة التي تعدها جمعيات تدعو الى توحيد الخطاب.

إقرأ أيضا لـ "وهيب عيسى الناصر"

العدد 1944 - الثلثاء 01 يناير 2008م الموافق 22 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً