العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ

نِفَاقٌ مُبَاح

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في السابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وافق العراق على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة. أو لنَقُل: وافق العراقيون على الاتفاقية الأمنية. أو بصورة أدق: وافق البرلمان العراقي على الاتفاقية الأمنية. وإذا أردنا التصويب أكثر فإن الأصح هو: وافقت الأحزاب السياسية العراقية على الاتفاقية الأمنية.

شيوعيو العراق ممن رقصوا على السيمفونية الماوية القائلة إن «الإمبريالية نمر من ورق» وجدناهم يحتمون بذلك النمر. وبعض الأحزاب الشيعية التي كانت تُحرّم شرب السيجار الأميركي وجدناها غارقة في نيكوتينه المُخدّر.

وبعض الأحزاب السُنّيّة التي كانت تُعيّر سابقتها بالعمالة، وجدناها تُمهِرُ توقيعها المبارك على ما ارتضاه عُملاء الأمس. وبعض العلمانيين والليبراليين العراقيين ممن وجدناهم يدّعون فصل خياراتهم عن الغرب وجدناهم يتأمركون أكثر من الأميركي نفسه. أما أكراد الحِزْبَيْن فإن موافقتهما سابقة على تعديل أصل المعاهدة.

من يتحدث من الشيوعيين العراقيين عن السيادة في هذه الاتفاقية يجب أن يُفسّروا لنا البند الثاني من المادة التاسعة الذي يقول: «ولا تسمح طائرات وسفن ومركبات حكومة الولايات المتحدة والطائرات المدنية التي تعمل حصرا بموجب عقد مع وزارة دفاع الولايات المتحدة بصعود أي طرف على متنها دون رضا سلطات قوات الولايات المتحدة».

ومن يتحدث من بعض الأحزاب الشيعية العراقية عن السيادة في هذه الاتفاقية يجب أن يُفسّروا لنا البند الخامس من المادة نفسها والذي يقول: «تُعفى طائرات حكومة الولايات المتحدة والطائرات المدنية التي تعمل حصرا بموجب عقد مع وزارة دفاع الولايات المتحدة من الضرائب والرسوم بما في ذلك رسوم التحليق أو رسوم الملاحة الجوية أو الهبوط أو الانتظار في المطارات التي تدار من قبل الحكومة العراقية وتعفى من الضرائب والرسوم المركبات والسفن المملوكة لقوات الولايات المتحدة».

ومن يتحدث من السُّنّة العراقيين عن السيادة في هذه الاتفاقية يجب أن يُفسّروا لنا الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة التي تقول: «يجوز لقوات الولايات المتحدة والمتعاقدين معها أن يستوردوا إلى العراق ويصدروا منه ويجوز لهم أن يعيدوا تصدير، وان ينقلوا ويستخدموا في العراق أي معدات أو تجهيزات أو مواد أو تكنولوجيا أو تدريب أو خدمات، ولا تخضع للتفتيش عمليات استيراد مثل هذه المواد وإعادة تصديرها ونقلها واستخدامها، ولا تخضع كذلك لمتطلبات الإجازات أو لأي قيود أخرى أو ضرائب أو رسوم أخرى تفرض في العراق».

ومن يتحدث من الأكراد العراقيين عن السيادة في هذه الاتفاقية يجب أن يُفسّروا لنا الفقرة الخامسة من المادة التاسعة عشرة التي تقول: «يخضع البريد المرسل عن طريق خدمات البريد العسكرية إلى تصديق سلطات الولايات المتحدة، ويعفى من التفتيش والبحث والمصادرة من جانب السلطات العراقية».

ومن يتحدث من العلمانيين والليبراليين العراقيين عن السيادة في هذه الاتفاقية يجب أن يُفسّروا لنا الفقرة الأولى من المادة الحادية والعشرين التي تقول: «باستثناء المطالبات الناشئة عن العقود، يتنازل الطرفان عن حق مطالبة الطرف الآخر بالتعويض عن أي ضرر أو خسارة أو تدمير يلحق بممتلكات القوات المسلحة أو العنصر المدني لأي من الطرفين أو المطالبة بتعويض عن إصابات أو وفيات قد تحدث لأفراد القوات المسلحة والعنصر المدني والناجمة عن تأديتهم واجباتهم الرسمية في العراق».

اليوم تستأنس الأحزاب العراقية بمعاهدات أميركية مع ستة وثمانين بلدا في العالم لكي تتخلّص من عقدة الذنب. لكن المشكلة ليست في ذلك حتما بقدر ما هي في إدراك تلك الأحزاب لمصير العراق كبلد لا لمصير إثنياته وإشباع غرائزها في العقيدة والهم الطائفي

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً