في رسالة من زميلة... طبيبة... ذكرت لي معاناتها أثناء مهاجمة سمكة (لُخمة) ذات ذيل شوكي (Sting Ray) وهي تسبح في شاطئ أحد الفنادق التي هي عضوة في ناديها الصحي العالمي... وكيف أنها شعرت لفترة وجيزة بأنها مصابة بالشلل وفقدان الذاكرة المؤقت لقوة اندفاع السموم داخلها! وكيف أن الفندق قام بنقلها إلى الكافتيريا وإعطائها كأسا من الخل لوضعه على جسدها المصاب؟! (المكان الوحيد للإسعافات) منتهى الإهمال!
هذا ودون أن يتقدم أي فرد من الطاقم الإداري لأي نوع آخر من المساعدة عدا عن عدم وجود أي ممرض أو طبيب أو أيٍّ من المتمرسين للمساهمة في علاجها. أو حتى التفكير في إحضار إسعاف لنقلها إلى المستشفى!
وبقيت وحدها تعاني إلى أن رأتها صديقة لها بعد أكثر من ساعة فقامت بنقلها إلى قسم الطوارئ في المستشفى وحيث كان جلدها حينها شديد الاحمرار والتبقع يملؤه وآلام مبرحة من الوخز الشديد الذي كان ينخر جسدها!
ويبدو بعد ذلك أنه كان هنالك عدة مصابين في ذلك اليوم نظرا لأنه كما يبدو هو موسم انتشار مثل هذا النوع من الأسماك!
وبالرغم من ذلك لم توضع أية لافتة لمنع السباحة؟! وذكرت كيف أنه لا يمكن أن يكون كل ذلك الإهمال في مثل هذا الفندق العالمي - السياحي؟! واستغفال المواطنين بعدم تقديم أي نوع من الحماية لهم... ولا حتى المواساة وقتها؟!
المهم أنه أجريت لها الإسعافات من الحقن والمضاد الحيوي والإستيرودي والمراهم والمنومات كي تساعدها على تحمل الآلام والمسكنات وطُلِبَ منها أن تجلس في المنزل لمدة أسبوع وأن لا تتعرض للشمس لأنها قد تصيبها بآثار وبقع دائمة في وجهها ويديها! لا تزول! يا للمصيبة! وكانت الحبسة في المنزل! وبعد مراسلات عدة مع إدارة الفندق عن تعويضها عن الأضرار الناجمة من الآلام والتغيب عن العمل أسبوعا كان الجواب بأنه لا يوجد قانون يحميك يا سيدة من الأضرار وكل ما نقدمه هو قضاء ليلة في ضيافتنا ووجبة! آه نسيت قول كلمة نأسف sorry لما حدث! وكأنها لا بيت لها أو أنها سائحة!
وقالت إن كنوز الدنيا كلها لن تعوضني عن العاهة النفسية التي أحدثتها لي الضربة والصدمة للجسد والتسمم وعلاوة على الخوف الشديد بعد ذلك من النزول إلى البحر وربما يدوم للأبد لأحسن هواية تحبها! وأنها خسرت كثيرا دونما أي تعويض!
قمت على إثر تلك الرسالة الموجعة بالبحث عن طرق التعويض في البحرين للمتضررين في الحوادث ووجدتها هزيلة جدا وفي آخر السلم! وسألت عن الدول الغربية ووجدت أنهم يقومون بتثمين كمية الأذى معنويا وعدد أيام تغيب المصاب عن العمل وثم يقومون بتعويضه عدة أضعاف عن ذلك وحسبان الآلام الجسدية والنفسية ومعالجتها من قبل أخصائيين ودفع كل مصاريف العلاج طواعية وبطرق تقديرية مدروسة... وفي سؤال إحدى المحاميات القديرات عن غياب مثل هذه الحماية قالت وهي تتنهد إن النظام التأميني مشوّه وناقص جدا وإنه في الحوادث والإصابات الدائمة كحدوث كسر أو عاهة يتلوع المواطن ما بين شركات التأمين واللجان الطبية وقد ينتظر على الأقل لخمس سنوات كي يحصل على دنانير قليلة لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تتماشى إطلاقا مع كمية الضرر والإصابة!
وأضافت: خذي مثلا الغلطات الطبية والإهمال وموت المريض بسبب ذلك! هل سمعتِ في عمركِ عن أي تعويض مادي للأهل أو لفقدان العائل الذي يصرف على الأسرة مثلا! أو الفقر الذي ستعيشه بعد فقدان عائلها؟!
هي هكذا متروكة على الله والناس! لا حول لها غير الصبر والسلوان! والشكوى العديمة الفائدة!
هذه مصيبة حقيقية ونريد أن نصبح بلدا سياحيا؟! كيف لنا ذلك وقوانينا مازالت مجحفة جدا جدا! وأن أبسط حقوق البشر المحافظة على أرواحهم من الحوادث وتهيئة الأماكن بطاقم طبي مستعد دائما!
أطالب بصحوة المشتغلين بالأنظمة والقوانين من محامين وقضاة وأطالب وزارة الصحة التأكد من وجود الإشراف الطبي في مثل هذه الأماكن وأن نستحضر القوانين من الغرب لتطوير دفاعاتنا الأمنية والتعويضية للمواطنين، حينها سنتمكن من القول إننا دول متقدمة أو تسير نحو التقدم، فوجود مثل هذه القوانين هو تاج الدول وسيادتها
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ