يوم أمس كانت لدي فرصة للمشاركة في حوار مع أحد الاستراتيجيين الأميركان عبر الفيديو الرقمي بمقر السفارة الأميركية في المنامة، وهذا الاستراتيجي هو غريغوري غوز، وهو أكاديمي متخصص في شئون الشرق الأوسط وكان أحد الخبراء الذين بعثوا برسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يحثه على اتباع سياسة جديدة في الشرق الأوسط.
الحديث مع غوز يبعث على الارتياح في أن أصحاب المدرسة الواقعية ربما يسعون إلى اتباع سياسة الحوار في المنطقة، وربما يسعون إلى تحريك عملية السلام عبر تفعيل الدور السوري. ولكن غوز - الذي سيشارك في حوار المنامة الشهر الجاري - قال إن ما جرى في العراق لقّن الأميركان درسا وعليه فلن تتبع الإدارة الأميركية الجديدة النهج الذي اتسمت به إدارة بوش إزاء ملفات الشرق الأوسط، إذ كانت لغة القوة وتغيير الأنظمة التي لا ترغب فيها أميركا هي السائدة. ولكن فشل هذه السياسة يفسح المجال للواقعيين في إعادة ترتيب أوراقهم وربما يفسح أمامنا فرصة لسلام والاستقرار، ولكن نأمل ألا يكون ذلك على حساب حقوق الإنسان والديمقراطية.
غوز أشار إلى أن التركيز الأميركي سيكون على الاستقرار ومكافحة الإرهاب والاعتراف بالدور السعودي في إنقاذ العالم من الأزمة المالية جنبا إلى جنب مع دول مثل الصين، وربما أيضا الاعتراف بالدور الإيراني في المنطقة عبر ترتيبات لا تضر أصدقاء واشنطن في المنطقة.
إن الرئيس الأميركي المقبل باراك أوباما رفع سقف التوقعات كثيرا، ولكن الحديث مع غوز أوضح أن كثيرا من هذه التوقعات غير واقعية؛ لأن السياسة الأميركية ربما تراجع بعض القضايا ولكن يبقى أن هناك أساسيات ستبقى كما هي، ثم إن هناك قضايا ملحة في أفغانستان وباكستان والهند ربما تتطلب تركيز الجهود عليها؛ ما يعني تقليلها في العراق والمنطقة.
ربما أن هذه الرسائل تختلف كثيرا عن التوقعات التي طرحها البعض في التحليلات العربية بعد فوز أوباما، وهي واقعية؛ لأنها تأخذ بعين الاعتبار أن لأميركا مصالح لن تتخلى عنها تتمثل في «الطاقة»، وأمن «إسرائيل»، وبعد ذلك كيفية التعامل مع الأصدقاء وغير الأصدقاء
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ