أن تطمح إلى الرقي بنفسك وذاتك وعملك ليس عيبا أبدا، وإنما هو شيء مرغوب ومحبب في كل زمان ومكان وخصوصا إن سعينا إليه بجد وتعب «شخصي»، وكثير من الدول - وخصوصا المتقدمة - تسعى إلى غرس الطموح في أبنائها؛ لكون المردود في نظرها سيقسم على الجهتين: الطامح وبلده... ولكن، ماذا عن أولئك الذين وصلوا وربما تجاوزوا الوصول إلى حد الطموح الجشع، ليس على حساب الآخرين، بل على حساب فقراء القوم ضعفائهم؟
الفئة الأولى تواجه الصعاب، إذ الوصول «بشرف» تعترضه الكثير من المطبات أولها المتنفذون الذي ينصبون أنفسهم حكما في أقدار البشر فيدنون وينفون بلا معايير محددة في التصنيف إلا مع ما يتوافق مع أهوائهم، وبالأصح مصالحهم، على حين الفئة الأخرى تعبد لها الطرق وتصل في لمح البصر، وقد نهضمها على مضض إن كانت وسيلتها نفاقا وتملقا فحسب، ولكن أن تتخذ من ظهور الفقراء عتبة أولى في سلم مصالحها فهذا ما لا يمكن وصفه إلا بشكل من أشكال الفساد الذي كثرت ألوانه في البلاد بلا رادع أو خجل!
اكتب/ اخطب/ تحدث/ ناقش وزلزل بصوتك عن الفقراء ومحنهم. اجعلهم يعتقدون بل ويؤمنون بأنك نصيرهم ومعهم في معتقداتهم ومبادئهم وهمومهم ومرضهم وحقوقهم المسلوبة، وإن صبغت ذلك بطابع ديني فسيكون لك التأثير القوي عليهم، ولن يجدوا ثغرة واحدة للتشكيك في نزاهتك وانتمائك إليهم، وعند ذلك سيهتفون باسمك ويوكلون إليك مهمة تمثليهم والدفاع عنهم... يرفعونك عتبة أخرى غير مدركين أنهم بذلك حققوا طموحك «الدنيء»... وخسروك!
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1941 - السبت 29 ديسمبر 2007م الموافق 19 ذي الحجة 1428هـ