نهاية دامية مدوّية صدمت العالم بوفاة رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو، ندد بها قادة العالم، وأعلن إثرها حليفها رئيس الوزراء السابق نواز شريف مقاطعة حزبه «الرابطة الإسلامية» للانتخابات الباكستانية القادمة. ناهيك عن أعمال العنف والشغب التي لاتزال مستمرة في باكستان، والتي يعلم الله وحدَه كيف ستنتهي؟!
قضت بينظير يوم الخميس الماضي، بعد أن خرجت من مؤتمر انتخابي عقدته لمناصريها في مدينة راولبندي الباكستانية، إذ وقفت تحيي الجماهير المحتشدة في فتحة سقف سيارتها، لتعاجلها رصاصات أطلقت عليها وأصابتها في العنق والصدر، لتتبعها عملية تفجيرانتحاري على بعد 25 مترا فقط منها. هزّ الانفجار المنطقة التي كان يمرّ بها موكبها، وتسارعت الأنباء المتضاربة بعد دقائق من الحادث. فقد أعلن زوجها أصف علي زداري لمحطات محلية أنها أصيبت بجروح بالغة، بعدها أضافت مصادر من حزبها أنها تخضع لعملية جراحية عاجلة، ولكن بعد عشرين دقيقة من الترقب والوجل، تم إعلان وفاتها نتيجة الحادث؛ لتدخل باكستان منعطفا صعبا في تاريخها السياسي.
لم يكن حادث الاغتيال الذي تعرّضت له بينظيرهوالأوّل من نوعه، إذ سبق أنْ تعرضت لمحاولة اغتيال مماثلة بعد استهداف موكبها لدى عودتها من منفاها الاختياري. إذ هوجم موكبها ومناصروها بتفجيرين انتحاريين في كراتشي في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي وهو الحادث الذي نجت منه، وأسفرعن مقتل أكثر من 125 شخصا.
بينظيرعادت إلى بلادها أكتوبرالماضي بعد العفو الذي أصدره رئيس الوزراء الباكستاني برفيز مشرف وشملها فيه، في إطاراتفاق لتقاسم السلطة. قررت بينظيرالعودة إلى بلادها، غير خائفة أو وجلة مما ينتظرها فيها، مصممة على خوض الانتخابات التشريعية المقررة على الرغم من كلّ التحذيرات التي تلقتها. ولم يثنها التفجيران الانتحاريان اللذان استهدفا موكب رجوعها عن عزمها في المضي في هدفها، على رغم معرفتها أن تلك المحاولة لن تكون الأخيرة.
وها قد نجح خصومها أخيرا في تحقيق هدفهم المنشود، باغتيال أوّل سيدة مسلمة تصل إلى موقع رئيس الوزراء. كانوا عادلينََ معها جدا، فلم يميزوا بينها وبين الرجال في تحديد نهايتها. فالرصاصة والقنبلة، سلاحان لمواجهة الخصوم وإفنائهم، رجالا كانوا أم نساء.
على رغم كلّ ما حفل به تاريخ بينظير السياسي - سواء الخاص بها أو بعائلتها - من تناقضات ومفارقات، لا يمكن لأحد أنْ ينكرعليها شجاعتها، وجرأتها، وقدرتها على اتخاذ القرارات باستقلالية تامة. ولعلّ حادث اغتيالها كان دليلا آخر على كل ذلك، لسيدة فضلت أن تواجه الخطروتقدم حياتها من أجل ما آمنت به، وحاربت من أجله. ولابدّ أن التاريخ سيذكر
بينظير للأبد...
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1940 - الجمعة 28 ديسمبر 2007م الموافق 18 ذي الحجة 1428هـ