العدد 1940 - الجمعة 28 ديسمبر 2007م الموافق 18 ذي الحجة 1428هـ

تمازج عرقي فريد وإمكانات سياحية متميزة

ماليزيا...

تعني كلمة ماليزيا «أرض المالاي/المالاويين»، فيما يعرف أبناء البلد باسم «بوميبوتيراس» أو «أبناء الأرض». ويعيش المالاي/المالاويون في سلام مع الشعوب المهاجرة إليهم من مختلف الأعراق وعلى رأسهم الصينيون والهنود، بالإضافة إلى «الأورانج آسلي» والشعوب القبلية مثل الإيبان والبينان والبوبان والكادازان، وغيرها من «صباح» و«سراواك». وهنا تلتقي الكثير من ثقافات العالم لتخلق نسيجا اجتماعيا ثريا من الملابس واللغات والمعمار والعادات والتقاليد، وباقة مغرية من مدارس الطهي المدهشة التي تعتبر فردوسا لفنون الطعام.

وتلتقي الكثير من ديانات العالم الكبرى، فتجد المساجد والمعابد والكنائس متراصة جنبا إلى جنب. وتوجد الكثير من المهرجانات والأعياد الدينية العامة أكثر من أي مكان على وجه الأرض، وتتسم جميعها بأنها مشتركة. ففي عيد «هاري رايا/ عيد الفطر» السنوي الكبير، والذي يأتي بعد نهاية شهر الصيام بالنسبة للمسلمين، تجد المسلمين يفتحون أبوابهم لاستقبال الأقارب والأصدقاء من المسلمين ومن غير المسلمين ليشاركوهم احتفالاتهم.

ومن جانبه، قال المدير الإقليمي لهيئة السياحة الماليزية في دبي توان رزالي توان عمر انه يمكن لأي شخص أن يزور قصر الملك أو مقر إقامة رئيس الوزراء أو أي منزل في الكامبونج (قرية) من دون حاجة منه إلى دعوة لأن الجميع يفتحون أبوابهم بالفعل. وهكذا ستحظى بكرم ضيافة طائي. وتتكرر تلك العادة مع بداية العام الصيني، فيزور أهل ماليزيا جيرانهم من الصينيين في منازلهم، ويحصل الأطفال على هدية من المال «العيدية» في لفافة حمراء تسمي «آنج بو».

وأضاف انه في احتفالات «ديبافالي» يحين دور الهنود للاحتفال بعيد النور، فتستقبل الشموع والمصابيح الزوار من خارج المنزل، ولا يمكن لأي وصف أن يصور لنا تلك العادة التي تسمى بالدعوة العامة المرتبطة بالتجمعات العرقية في ماليزيا. ويعيش المالاويون على التسامح، فحسن الضيافة هو أسلوب حياتهم، وتكمن قوة البلاد في تنوع تركيبتها العرقية والدينية.

واكد المسئول الماليزي ان بلاده دولة إسلامية حيث تقدر نسبة المسلمين فيها بنحو 60 في المئة من الشعب و40 في المئة من غير المسلمين. ويضمن القانون حرية الممارسة لكل العقائد. ونظرا الى اتجاه أنظار العالم الآن نحو الإسلام، تحتفظ ماليزيا بوضع لا مثيل له باعتبارها دولة مسلمة، معتدلة، متقدمة ومستنيرة تطبق النظام الديمقراطي. والاقتصاد الناجح هو الذي يؤكد بالفعل أن الحداثة والتكنولوجيا لا تتنافي مع الإسلام. فالعقيدة تشمل كل شيء. فالإمام يدعو المصلين للصلاة خمس مرات يوميا، ويكون للنداء صدى مألوفا يرتبط بالحياة اليومية. وتجمع الدولة بين المفاهيم الغربية للقانون والقواعد وبين العدالة الإسلامية.

وتتلون صناديق البريد باللون الأحمر، ويسير المرور على ناحية اليسار ويتحدث الجميع باللغة الإنجليزية. ولقد خلفت الإدارة الاستعمارية نظاما تعليميا إنجليزيا، فنظام العمل بريطاني القواعد ويخضع للنمط الإنجليزي القضائي. وكذلك الحال بالنسبة الى الإدارة المدنية، وتطبق الديمقراطية النيابية ذات النمط الغربي. وهناك بنية تحتية متميزة وثقافة تجارية ذات علامات وماركات متميزة مثل «برايس ووتر هاوس» أو «جليفي آند ماز»، «شاندويك» وكذلك العلامات التجارية البريطانية المشهورة مثل «شيل»، «بي بي»، «آي سي آي» بالاشتراك مع الوكالات الأخرى،»إيجنسي هاوس» والتي نزحت عند رفع راية التجارة الحرة وعند بدء فتح تلك المناطق أمام التجارة الأوروبية. وتم الشروع فيها من خلال كبار الإقطاعيين الباقين من النظام الإقطاعي السابق أمثال «جوثري»، «هاريسون كروسفيلد»، «بارلو»، «بوستيد»، و»ثالثي سميث وسترداري».

وقد أطلقوا ألقابهم على المشروعات التي بدأوها والآن أصبحت تابعة للمؤسسات المالاوية. فلقد أنشأ «سكوتس» أول نادي جولف، وصحيفة باللغة الإنجليزية. ولبعض الممتلكات ذات أسماء مرتبطة بالماضي مثل «هابي لاندز أند لولاندز» وكذلك «وارديبوم». واليوم تم تطوير قطاع الأعمال الأجنبي بشركات متعددة الجنسيات في الكثير من الدول حول العالم. وفي ماليزيا الحديثة، نشأت العديد من المشروعات المالاوية المزدهرة وفي أحيان عديدة يتحقق لها انتشارا عالميا. فمثلا شركة «بتروناس» هي الوحيدة المنضمة إلى قائمة» أغني خمسمائة Fortune 500» في جنوب شرق آسيا وخارج اليابان.

ويرجع معظم التقدم الحالي الواضح في ماليزيا لموقعها الإستراتيجي، حيث لا زالت تعد من أكثر الدول التي تتمتع بالمجاري المائية في العالم. ولا يعتبر ساحل شبه جزيرة ماليزيا كشاطئ ممتع فقط، ولكنه أيضا يجذب المغامرين والتجار إليها، حيث كانت ماليزيا وما زالت دولة منفتحة على التجارة ويبدو ذلك من خلال التقدم التجاري وتشجيع المشروعات الحرة. فهي تقع في قلب آسيا من ناحية المحيط الهادئ وتلك المنطقة تحوي نصف سكان العالم وأكبر ثلاث دول على مستوى العالم وهي الصين والهند وأندونيسيا. والتقسيم العمري يبدو مختلفا تماما عن الغرب، فالمتوسط يصل إلى 23 عاما مقارنة بـ37 عاما في الدول المتقدمة، فلا توجد مشكلات عمرية لدي أفراد الشعب، فالجيل الجديد النشيط يرغب دائما في اقتناص الفرص.

وفيما يتعلق بوسائل النقل فهي تتمتع بكل التسهيلات الحديثة وكذلك بالنسبة لوسائل الراحة وأساليب الترفيه مع تحقيق أعلي تطوير ممكن في قطاع السياحة. والشارع على المستوي المحلي أصبح زاخرا بالمحال التجارية الليلية والمقاهي والكافيتريات والمطاعم والملاهي الليلية. ومن أشهر الأماكن المفتوحة ذات الطابع الباريسي في كوالالمبور: «نبتانج ووك»، فبالنسبة لأي زائر يعبتر المكان الأمثل للتسوق حيث يمكن أن تجد التحف التي تبحث عنها وأصحاب الحرف التقليدية أو البضائع المستوردة الثمينة من أشهر المحال التجارية الغربية والعديد من الرياضات الاستجمامية.

وتنتشر مسابقات الجولف على مستوى البلاد بالإضافة إلى رياضات أخرى على الساحة. ففي كل عام يقام سباق «جراند بري ـ الجائزة الكبرى» الفرنسي، وتصبح الأجندة الرياضية مشحونة «برالي ـ سباق» الدراجات البخارية والسيارات والماراثون وسباق الدراجات والكثير من الألعاب والدورات والمباريات. وتنضم ماليزيا إلى الجزر التابعة إلى «أرخبيل» أو مجموعة جزر «مالاي»، ومن أجل قضاء إجازة ترفيهية يمكن استضافتكم في أحد شواطئ تلك الجزر الرائعة سواء في منتجعاتها أو العودة للإقامة في الجبال والحدائق المحلية ومنتجعات المياه المعدنية. و تتنوع الحياة الثقافية من المسرح إلى الحفلات الموسيقية الأوركسترالية إلى معارض الفندقة والرقص والمظاهر الثقافية التقليدية الأخرى والواضحة للجميع.

تضم ماليزيا الدولة الاتحادية 13 ولاية وثلاثة أقاليم فيدرالية تشمل مقر العاصمة الإدارية «بوتراجايا»، وهي المركز الإداري للحكومة وعاصمتها المستقبلية. ولا تزال كوالالمبور هي العاصمة التجارية. ويفصل أربعمائة ميل من بحر الصين الجنوبي شبه الجزيرة عن «صباح» و»سراواك» - المعروفة سابقا باسم «بورنيو» ومع ذلك فهي تشترك مع «وايلدمان» وقبائل المحاربين. ويصل عدد أفراد الشعب المالاوي إلى 23 مليون نسمة كما هو الحال في أستراليا ولكن من ناحية المساحة فهي تضاهي مساحة المملكة المتحدة.

ماليزيا دولة صغيرة ولكن رائعة أيضا. فما عليك إلا أن تتطلع للمنظر العام لها حتي تدرك إلى أي مدي أمكنها الوصول إلى ما هي عليه بعد أن خرجت من بين الدول النامية، فهي تفخر بما لديها من بنايات تعد من أعلى المباني في العالم- برجا «بتروناس تاور التوأم» واللذين وضعا ماليزيا على الخريطة العالمية وأسهما في ذكرها بكل الأحاديث بين طلاب المدارس.

وتعتبر البنية التحتية لماليزيا الأفضل بين مثيلاتها في المنطقة، ويتضح ذلك في الطرق العامة من الشمال إلى لجنوب، ومطار كوالالمبور الدولي المعاصر وهو ثاني أكبر المطارات على مستوي العالم، وكوبري «بينانج» الرائع، مدن توين العصرية في «بوتراجايا» و»سيبرجايا» والتي تضم حكومة إلكترونية متكاملة، «مالتي ميديا سوبر كوريدور»، شبكة الموانيء الحديثة والفنادق داخل البلد وعلى الطريق جميعها من فئة الستة النجوم، وأسواق ضخمة وكافة وسائل الترفيه المرتبطة بمجتمع القرن الواحد والعشرين (ويفضل في ماليزيا تشابه الأشياء، فالأبراج تبدو متماثلة، وكذلك بالنسبة لـ «بوتراجايا وسيبرجايا»).

كما تعتبر كوالالمبور هي الخامسة على مستوي العالم في عدد البنايات فيها. وهناك يبدو المعمار مميز الطابع، ليس فقط من الناحية الإحصائية ولكن أيضا من الناحية الجمالية التي تعبر عن فن هذا الشعب وخليط مبدع من الفنون التقليدية مع الحديثة. وتطل ناطحات السحاب برفق خلف برج الصين ( شايناتاون) وتدور حول «ميدان السوق ـ ماركت سكوير» في كوالالمبور. وتبدو المباني شمال إفريقية الطابع في مركز المدينة وشديدة الشبه بالليالي العربية ولكن توجد في وسطها محطة قطار حديثة الشكل. ويكمل المشهد نادي الكريكيت الاستعماري بالإضافة إلى منحدر الكريكيت والذي تم تصميمه على الطراز البريطاني ليبدو شكله الخارجي مثل الخشب على غرار طراز « تيودور». وخارج المحطة بعيدا عن المدينة الرئيسية تجد مواقع تاريخية عديدة خاصة بملكا، والتي كانت مركزا تجاريا لتجارة التوابل أثناء رواجها وهي تمثل الطراز النموذجي للسلطنات المالاوية القديمة، وكانت مقصد أول الموجات الاستعمارية البرتغالية والهولندية والبريطانية، وخلفت كل منها تراثها المتمثل في البنايات المتميزة بالنسبة للتراث الإنساني. وهناك آثار أخرى مثل «باباس» و»نونياس» والتي ترجع إلى السكان الصينيين الأصليين والاستعمار البرتغالي إذ لازال أسلاف الفاتحين من البرتغال يتحدثون باللغة البرتغالية القديمة التي ترجع إلى القرن السادس عشر.

وللدولة ملامح عديدة ثابتة حيث نجد فيها أقدم الغابات الممطرة على مستوي العالم عندما أطاح العصر الجليدي بكوكب الأرض وظلت تلك الأشجار ثابتة كما هي. وتوجد في تلك الغابات حيوانات ونباتات غريبة لا مثيل لها في أي مكان آخر حيث التنوع البيولوجي الرائع. وتهتم سياسة ماليزيا بحفظ تلك الغابات والأحراش وتجعل منها ساحة للسياحة البيئية أو التنزه والمغامرة. و تبدو المنازل الغابية كالقصور البدائية وتشمل أكبر كهف في العالم، وقمم الأحجار الجيرية بالإضافة إلى سكان قبليين ما زالوا يعيشون بالقرب من الطبيعة ويحتفظون بالطقوس الملونة التي لا تنسي وتعود إلى الزمن السحيق.

كما ان ماليزيا دولة ملكية دستورية لا يقل عدد حاكميها عن تسعة حكام ملكيين وملك حاكم. وتمتاز بما هو معروف عنها من نظام حكم الملوك لخمس سنوات. ويتم اختيار الحاكم الأكبر «آجونج» بواسطة زملائه الحكام، ليمارس الحكم لمدة خمس سنوات ثم يجلس غيره على العرش. ويضيف نظام الملكية بعدا طقوسيا ثريا للحياة الاجتماعية، متمثلا بالأساس في القصور.

وتتمتع ماليزيا بإتساع مسافة السلطة لديها عن بقية العالم. ويتمثل ذلك في إتساع المسافة الفاصلة بين الطبقة العليا عن الدنيا في المجتمع. وتسود الألقاب الملكية والمدنية على السواء مما يضفي روح الذوق العام والتهذيب والرسمية مع الاهتمام بالمواكب والمراسم وغرسها في الأعمال الرسمية. كما تتميز هذه الدولة بالانتخابات البرلمانية الحرة وتمارسها كل خمسة أعوام. وكذلك الاستقرار السياسي غير العادي والذي يتمثل في عدم تغيير الحكومة حتي الآن منذ الاستقلال وذلك خلال 46 عاما متواصلة منذ انتهاء الاحتلال بدعم ما لا يقل عن ثلثي الشعب، مما يسمح بالتخطيط الإستراتيجي طويل الأمد. فالدولة تعمل بنظام خطة الثلاثين عاما. فالخطة المقبلة للعام 2020 ستصل بالدولة إلى مستوي أكثر الدول تقدما في غضون العقد الثاني من هذا القرن، مما يتيح لرجال الأعمال رفاهية التنبؤ بمسار أعمالهم.

العدد 1940 - الجمعة 28 ديسمبر 2007م الموافق 18 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً