إنّ أوّل مدرسة انتظمتُ بها في الخمسينيات هي مدرسة الخميس... المباركة العلوية سابقا، وكان مديرها بجدارة وحزم الأستاذ عبدعلي عبّاس، منّ الله عليه بالصحة والعافية، وكان إلى جوارها من جهة الغرب عين «أبوزيدان» المليئة بالماء العذب، وكان هناك جرس يُقرع مرتين صباحا، أحدهما يُطلق عليه «جرس العين ويعني توجّه الطلاب إلى «أبو زيدان» لغسل وجوههم وتجديد نشاطهم، والجرس الآخر هو جرس الانتظام في طابورالصباح اليومي المعتاد.
وأذكر أنه إمعانا في العناية بالطلاب كانت الإدارة توزع على بعض الطلاب قطعا صغيرة من «سيم غسل المواعين» لتنظيف أسنانهم، كما يُعطى البعض جرعات من دهن السمك؛ لمعالجة بعض الأمراض الباطنية، وكان البعض منّا لا يحتمل هذا الدواء الكريه، فكان يَقذف به حالا.
وكانت الإدارة ممثلة في السيد المدير والأستاذ حسن المحري وأحيانا الأستاذ حسن القصير يضربون مثلا حيّا عن أهمية رياضة المشي، فكان هؤلاء الأساتذة يمشون يوميا كلّ صباح من المدرسة إلى مزرعة المديرفي طشان والعودة إلى المدرسة ماشين.
أمّا سوق الخميس المجاورة للمدرسة فكانت تعكّرالجوالمدرسي وتمثل مصدرازعاج دائم بسبب «نهيق الحمير» الذي ينطلق كلّ صباح يوم خميس وكان المدرّسون والطلاب يغلقون نوافذ الصفوف لخفض صوت النهيق، ولكن من دون جدوى، وكان الله في عون الجميع.
حمارة حجي جاسم
لقد كان حجي جاسم -رحمه الله- مَعْلما من معالم مدرسة الخميس وكان من أنشط العاملين في المدرسة وأكثرهم بشاشة وكانت حمارته (رحمها الله) معروفة بصبرها وتحمّلها عناء مشاوير القدوم من السنابس إلى الخميس وبالعكس، كما أنّها تتحمّل حبسها في حرارة الشمس وبرودة الشتاء ومطره، من دون أنْ تشكو أو تتبرم وكانت تستمد هذاالصبر والتحمّل من صاحبها الصبور -عليه الرحمة-.
لقد كان لدينا ذكريات جميلة طيلة خمس سنوات قضيناها في مدرسة الخميس، بعدها توزع أكثرنا على عدة جهات : فالبعض اشتغل في شركة بابكو، والبعض لزم بيته والبعض الآخر - وأنا منهم - انتقل إلى مدرسة الصناعة في المنامة حتى لا تضيع أيامها سُدى، وكانت تدرس في هذه المدرسة ثلاث مواد، النجارة للسنة الأولى، والحدادة للسنة الثانية، والبرادة للسنة الثالثة، وكان يُعطى الطالب في السنة الأولى ثماني روبيات ونصف (ثمانمئة وخمسين فلسا مشفوعة بتهديد الخصم من هذا الراتب إذا تغيّب الطالب من دون عذرمقبول. وأذكر أنّ المدرسة تحت إدارة المرحوم الاستاذ سعيد طبارة ويساعده الأستاذ أحمد الشوملي وأستاذ آخر اسمه يوسف. وبعد أن فتح الصف السادس في معظم المدارس عاد الكثير من الطلاب لمواصلة الدراسة الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية.
وأذكر من زملائي في المرحلة الثانوية (قسم المعلمين، علمي، الشيخ عيسى أحمد قاسم، وحبيب أحمد قاسم وزير التجارة الأسبق، وعيسى غانم الكواري الذي عاد إلى قطر؛ ليتولى منصب وزير الإعلام هناك.
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1939 - الخميس 27 ديسمبر 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1428هـ