إن المتتبع لمقترحات السادة النواب في الآونة الأخيرة ترجع به الذاكرة مجددا إلى المسمى الذي أطلق على كثير من سابقيهم - بعضهم لايزال موجودا - وهو «نواب الخدمات»! بمعنى أن بعضهم وصل به هوس الإفلاس إلى سرقة بعض المنجزات والاختصاصات الأصيلة للمجالس البلدية، وللأسف فإن بعضهم نجح فعلا في ذلك وأضحى الناس يفدون إليه لتخليص معاملات الخدمات...
لنمر سريعا على بعض المقترحات التي تقدمت بها بعض الكتل النيابية، ولنخصص كتلة «الوفاق» هذه المرة. فقد نشرت الصحافة ما أشيع بشأن التوجه إلى دراسة إنشاء السوق المركزي! ولعل المتابع للشأن البلدي يعلم أن مجلس بلدي العاصمة وبلدية المنامة يعملان منذ فترة ليست بقليلة، بل ومنذ الدور الماضي، على هذا المشروع الضخم، وقدمت البلدية مقترحين أحدهما من مخيلة مهندسيها والآخر من طلبة بجامعة البحرين، وكلا المقترحان كانا على قدر كبير من الإبداع ولا أظن أن هناك مجالا لكي يدخل مجلس النواب في المسألة ويحشر النواب أنفسهم في الموضوع الذي وصل إلى مرحلة متقدمة جدا، ولا أدري هل أن هذا التوجه مفاده أن بعض النواب يريدون أن ينسبوا ما عمل عليه الأعضاء في المجلس السابق والمجلس الحالي، والجهد الكبير لبلدية المنامة إلى أنفسهم.
الغريب أن كتلة «الوفاق» تعرف جيدا أن مشروع السوق المركزي يتحرك من داخل المجلس البلدي والبلدية، ولدى الكتل أعضاء كانوا في المجالس البلدية وعلى دراية تامة بالموضوع، فلماذا هذا المقترح المضحك يا ترى؟! أنا لا أتهم كتلة «الوفاق» بالعمل على سرقة المنجزات من المجالس البلدية، ولا أوجه اللوم إلى أية كتلة أخرى وخصوصا أننا نتحدث عن تداخل في الاختصاصات بين كلا المجلسين، وأن قانون البلديات الضعيف والمعيق لا يحدد الوظائف ولا التوجه ولا العمل بصورة دقيقة، ولكن اللوم على بعض الأعضاء الذين تحولوا من ركب البلديات إلى النيابي وكانوا يصرخون سابقا أن النواب يحاولون سرقة منجزاتهم!
المشكلة أن المسألة لا تنحصر في جانب النواب، ولكن كثيرا من الأعضاء البلديين يسهلون من «مأمورية» النواب في هذا الجانب، وقد يكون النائب مجبرا على التحرك في الجانب الخدماتي حين يكون معه عضو بلدي لا «يهش ولا ينش» ولا يعرف من العمل البلدي إلا «البواليع» والرخص! لنبدأ من «الوفاق» التي بدأنا منها، والحديث عن عمل «الوفاق» لا يأتي هنا من باب اللوم ولا شن الهجوم العشوائي وإنما يأتي من باب الحرص على توجيه العمل الصحيح في هذه الجمعية التي تمتلك شعبية كبيرة ويعلق عليها آلاف المواطنين الآمال... إن العاملين في «الوفاق» يعلمون علم اليقين أن بعض الأعضاء البلديين الذين انخرطوا في سلك البلديات أثبتوا أنهم ليسوا بقدر المسئولية التي علقت على عواتقهم، ولا نستطيع أن نلوم «الوفاق» على هذا الخطأ لأن هؤلاء هم من كانوا متوافراين في الساحة، بل أن بعضهم كان يعرف عنه الجد والعمل الممنهج، ولكن الواقع حاليا يحكي عكس ذلك تماما، وهذا لا ينفي أن بعض الأعضاء سجلوا نجاحات ملفتة في فترة وجيزة، ولا أبالغ حين أقول إنهم قلة قليلة!
والدور على بقية الأعضاء البلديين في مختلف المجالس البلدية الذين لايزالون يغنون على أطلال ليلى البالية، ولم يعرفوا حتى اليوم أن عليهم التحرك سريعا لتحقيق ما يمكن تحقيقه بعيدا عن الرخص والحفر والمرتفعات ليحفظوا ما يمكن من ماء وجههم، وهم يعرفون جيدا أنهم لن يحصلوا في المرة المقبلة إلا على أصوات زوجاتهم وأولادهم!
ويبقى الحديث عن الصلاحيات وتداخلها ودور النواب وأعضاء المجالس البلدية قائما حتى يخرج قانون بلدي يحدد كل صغيرة وكبيرة ويعيد غلى المجالس البلدية هيبتها المفقودة، ويقول للنواب: هذا العمل مخصص للأعضاء البلديين فقط... ربما تكون هذه مجرد أمنيات.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1939 - الخميس 27 ديسمبر 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1428هـ