تمثل استراتيجيات الطاقة أهمية بالغة لمختلف بلدان العالم وخصوصا للبلدان المنتجة والمصدرة للنفط، بما فيها بلدان مجلس التعاون الخليجي، فالتنمية الاقتصادية والصناعية ستعتمد وبدرجة كبيرة على استراتيجية الطاقة التي ستتبناها دول المجلس في العقود الأربعة المقبلة، فبالإضافة الى البرنامج الخليجي المشترك لإنتاج الطاقة النووية، الذي يتوقع أن يلعب دورا في خفض تكاليف إنتاج الكهرباء المرتفعة التي يتضاعف الطلب عليها كل 10 سنوات في دول المجلس، فإن الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية يمكن أن توفر لهذه البلدان مصدرا لا ينضب من مصادر الطاقة التي الى جانب تميزها بأنها متجددة فانها تعتبر نظيفة ويمكن توفيرها بتكاليف رخيصة نسبيّا.
وعند الحديث عن الطاقة النووية ينصرف التفكير على الفور نحو التسلح والقنبلة النووية من دون الأخذ في الاعتبار أن لهذه الطاقة كمثيلاتها من أنواع الطاقة الأخرى، الكثير من الاستخدامات السلمية المفيدة التي أدركت الدول المتقدمة والنامية أهميتها في عملية التطورالعلمي والتنمية الاقتصادية. فمثلا تُوفر الطاقة النووية بحسب إحصاءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للعام 2003، ما مقداره 75 في المئة و15 في المئة و30 في المئة من احتياجات الكهرباء لكل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية واليابان على التوالي، كما أن لها دورا مهما في مجالات متعددة كالطب النووي، الزراعة والأبحاث العلمية... الى آخره.
ومع تزايد الطلب على مصادر الطاقة التقليدية، وخصوصا النفط تزداد المراهنة على مصادر الطاقة الأخرى، ومن ضمنها خصوصا الطاقة النووية على رغم المخاطر التي تحيط بإنتاجها وما ينجم عنها من مخلفات يصعب التخلص منها، علما بأن إنتاج الطاقة النووية في حد ذاته لا يترتب عليه تلوث للبيئة، كغاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة درجة حرارة الأرض.
لقد أدى ارتفاع أسعار النفط في السنوات الثلاث الماضية واقترابها حديثا من حاجز 100 دولار للبرميل إلى اعادة النظر في الكثير من البرامج النووية المجمدة وإطلاق برامج جديدة لإنتاج الطاقة النووية، بما فيها البرامج المقترحة في دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع الوكالة العالمية للطاقة النووية.
واليوم يوجد في العالم 443 محطة كهرباء نووية موزعة على 31 دولة يستفيد منها نحو اكثر من مليار شخص فيما تبلغ حصتها من الطاقة الكهربائية المنتجه نحو 17 في المئة من اجمالي الاستهلاك العالمي.
وفي آسيا وحدها توجد 11 دولة لديها مفاعل نووي اذ تحتل اليابان المركز الأول من بين الدول الآسيوية الأكثر تملكا للمفاعلات النووية وتبلغ 57 مفاعلا في حين تحتل ايران وارمينيا المرتبة الاخيرة بمعدل مفاعل نووي واحد.
وفي إفريقيا تنفرد جمهورية جنوب افريقيا وحدها التي تحتضن على أراضيها مفاعلين نوويين في حين ان جميع الدول العربية قاطبة ليس لديها اي مفاعل نووي. ولا توجد لدى أي دول عربية مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء أو تحلية المياه أو كليهما.
وفي الفترة الأخيرة تزايدت أعداد الدول العربية الراغبة في الاعتماد على الطاقة البديلة وخصوصا المستخرجة من المفاعلات النووية، وذلك إما لسد عجز متزايد في الكهرباء والمحروقات عموما، وإما لتراجع إنتاج النفط وارتفاع أسعاره بشكل بات يشكل عبئا على الموازنات العامة للدول.
وعلى رغم ارتفاع كلفة إنشاء هذه المفاعلات إذ تبلغ كلفة المحطة الكهرونووية التي تبلغ قدرتها ألف ميغاوات كهرباء ما بين اثنين وثلاثة مليارات دولار فإن الطاقة النووية المتولدة منها تعد من أرخص أنواع الطاقة في توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه واستعمالاتها في الصناعات البتروكيماوية.
ولذلك لم يكن مستغربا أن تدعو القمة العربية الأخيرة بالعاصمة السعودية (الرياض)، الدول العربية إلى الشروع في التوسع في استخدام التقنيات النووية السلمية في المجالات كافة التي تخدم أغراض التنمية المستدامة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1938 - الأربعاء 26 ديسمبر 2007م الموافق 16 ذي الحجة 1428هـ