العدد 2537 - الأحد 16 أغسطس 2009م الموافق 24 شعبان 1430هـ

البحرين تحصد 4,6 نقاط في مؤشر دولي للديمقراطية

صنّف «مؤشر بيرتلسمان للتحول الديمقراطي 2008» البحرين ضمن الدول التي تتمتع بـ «أنظمة حكم مطلق معتدلة» في «معيار الديمقراطية» الذي حصلت فيه البحرين على 4.63 من 10 نقاط، وبـ«إدارة متوسطة النجاح» في «مؤشر إدارة التحول الديمقراطي»، الذي حصلت فيه على 4.66 من 10 نقاط. وجمعت البحرين ما مجموعه 6.01 في «المؤشر العام»، و7.39 في مؤشر «اقتصاد السوق». وأشار التقرير الذي أعدته مؤسسة بيرتلسمان، وترجمه مركز الخليج للأبحاث إلى أن البحرين يمكنها تحقيق إنجاز مهم في التحول الديمقراطي، من خلال تحقيق ثلاثة أمور رئيسية، لخصها في: إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالحريات، وإنهاء التمييز بين المواطنين، والبدء في حوار شامل بشأن أهداف مشروع الإصلاح.

وأضاف أن التشريعات في البحرين تدعم الحريات، وأن عملية الإصلاح وسّعت مساحة التعبير عن الفكر السياسي والمشاركة السياسية، ومع ذلك، فإن منح الحريات قد تُرك بنسبة كبيرة لإرادة السلطة التنفيذية.

في تقرير مفصل ترجـــــــمه «مركز الخليج للأبحاث»...

«مؤشر بيرتلسمان»: تعديل التشريعات وإنهاء التمييز وتنشيط الحوار مطلوبة لإستكمال التحول الديمقراطي في البحرين

الوسط - أماني المسقطي

ذكر «مؤشر بيرتلسمان للتحول الديمقراطي 2008»، أن البحرين يمكنها تحقيق إنجاز مهم في التحول الديمقراطي، من خلال تحقيق ثلاث أمور رئيسية، لخصها التقرير في: إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالحريات، وإنهاء التمييز بين المواطنين، والبدء في حوار شامل بشأن أهداف مشروع الإصلاح. والتقرير الدولي تصدره مؤسسة بيرتلسمان الألمانية، وقد تصدى «مركز الخليج للأبحاث» بترجمته هذا العام.

وأشار التقرير، الذي أعدته مؤسسة بيرتلسمان، ونشره مركز الخليج للأبحاث في العام 2009، إلى أن التشريعات في البحرين تدعم الحريات، وأن عملية الإصلاح وسعت مساحة التعبير عن الفكر السياسي والمشاركة السياسية، ومع ذلك، فإن منح الحريات قد تُرك بنسبة كبيرة لإرادة السلطة التنفيذية، وأن الضمان القانوني للعمل السياسي غير كافٍ، وغالبا لا يتم ربط التشريع بعملية التحول الديمقراطي. ولذلك دعا التقرير إلى إعادة النظر في قوانين الاتحادات، والجمعيات السياسية، ومكافحة الإرهاب، ووسائل الإعلام، والتجمعات العامة والتظاهرات.

وأكد التقرير ضرورة العمل على إنهاء المعاملة غير المتساوية للمواطنين، وأن إصلاح قانون الانتخابات يجب أن يسمح للدوائر الانتخابية بأن تعكس صورة أكثر اقترابا من الحقيقة لضمان المزيد من الشفافية وتحقيق ثقل موازٍ بصورة تقريبية لكل صوت انتخابي. وأن يتم تفعيل التحقيقات في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الماضي، إضافة إلى إلغاء أو تعديل قانون العفو العام الممنوح للسجناء السياسيين وجهاز أمن الدولة على حد سواء.

كما أكد الحاجة إلى المزيد من إعادة الصياغة والشفافية في ما يتعلق بتعويضات ضحايا التعذيب وتعيينات الحكومة في جميع القطاعات كذلك.

ودعا التقرير إلى ضرورة البدء في حوار شامل بشأن أهداف مشروع الإصلاح، لافتا إلى أنه بدأ النظر إلى الإصلاحات على أنها عملية تبدأ من أعلى إلى أسفل، ولم يُسمَح للسكان بتطوير مغزى الملكية.

وجاء في التقرير: «زادت حالة عدم الثقة المتبادلة بين الحكام والمحكومين وبين الجماعات الطائفية والسياسية المختلفة. وهذا يمثل بوضوح عائقا رئيسيا أمام تحقيق المزيد من التحرر السياسي. ولمعالجة هذا الموقف، يجب أن يتم البدء في حوار شامل بين جميع أطراف اللعبة. وعلى رغم أن جميع الفاعلين من ذوي العلاقة يوافقون في الحقيقة على الهدف الأساسي من الإصلاح المتمثل بـ «إقامة مملكة دستورية ذات شكل ديمقراطي من السيادة»، فإن تعاريف هذا الهدف تختلف جوهريا من حيث الطيف السياسي».

كما أشار إلى أن تطوير الجانب التشريعي يحتاج إلى مناقشة؛ وأنه على رغم أن انقسام السلطة التشريعية بين نواب مُنتخبين وبين موظفين مُعَينين على درجة متساوية من الممكن أن يكون مقبولا خلال المرحلة الانتقالية، فإن التطورات أثبتت أن كثيرا من البحرينيين لن يوافقوا على أن يكون هذا التشكيل المؤسسي هو التشكيل النهائي الذي سيستمر.

وأنه على رغم أن الحكومة البحرينية بمقدورها أن تجادل بأن إعطاء السلطات التشريعية للنواب المنتخبين في أي مرحلة مبكرة من الانتقال يمكن أن يمثل خطرا، فإن أهداف التنمية ما تزال في المدى البعيد بحاجة إلى مناقشتها.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن العامين 2001 و2002 قد شهدا تغيرا هائلا، فإن عملية الإصلاح توقفت منذ العام 2004، وأنه خلال العامين 2005 و2006 وأوائل العام 2007، اندلعت النزاعات السياسية، واتخذت الحكومة استراتيجيات أمنية، وبالتالي لم يتم تعزيز النمو الذي حدث مبكرا نحو التحرر السياسي.

كما أشار إلى أن المشكلات الأساسية التي تنتج من هذه الإصلاحات، والتحفظات التي واجهها الدستور، واستمرار التمييز لم يتم التعامل معه.

وتطرق المؤشر إلى مقاطعة القوى السياسية الرئيسية الانتخابات البرلمانية في العام 2002، والتي شاركت في الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في 2006، وأسفر ذلك عن زيادة المستوى التمثيلي للنواب داخل البرلمان بدرجة معقولة، إلا أنه ومع ذلك فإن عناصر عدة من النظام السياسي البحريني تعارض التحول الديمقراطي.

وبيّن التقرير أن الدستور يكفل الحريات الدينية، لكن القانون يحدّ منها، وأن بعض الجماعات الطائفية المعنية أثرت بسلبية في العمل البرلماني في الدورة التشريعية الأولى بين العامين 2002 و2006.

وانتقد التقرير إصدار البرلمان تشريعات غير متوافقة مع التحرر، وذلك مثل القانون الذي تم تعريفه بغموض بـ»قانون الإرهاب» في يوليو/ تموز 2006، وأيضا إصدار قانون يقيد من حرية التظاهر في الشهر نفسه، وإصدار تعديلات مقيدة لقانون الجمعيات السياسية في أغسطس/ آب 2005.

وقال التقرير: «بصفة عامة، أصبح الوضع السياسي حرجا والحالة اتخذت تسوء باستمرار. إذ اندلع العنف من جانب الدولة، كما أصبح سلوك المعارضة عنيفا. ومنذ العام 2004، لجأت قوات الأمن إلى العنف غير الضروري لتفريق المعارضين. إضافة إلى ذلك، فإن المعارضة السياسية تدّعي بصدق أنه يتم التحرش بها من قبل سلطات الدولة، وخصوصا حين أُصدرت منذ العام 2006 أحكام قضائية ذات مغزى سياسي، ومن بينها محاكمة النشطاء بحجة حوزتهم لمنشورات المعارضة في يناير/ كانون الثاني 2007. وفي الوقت نفسه، تم الاعتداء على عدد من رجال الأمن الأجانب».

وأضاف التقرير: «ومع ذلك، حدثت بعض التطورات الإيجابية، إذ وافقت الحكومة على إمداد الجمعيات السياسية بالتمويل اللازم في يونيو/ حزيران 2006، وبدأ الاهتمام بحقوق الإنسان في التزايد، إذ تم انتخاب البحرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعام 2007. وعلى النطاق المحلي، قامت السلطة بتلبية بعض المطالب الخاصة بنشطاء حقوق الإنسان. وسُمح للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، بتنظيم حملات تفتيش على السجون. إضافة إلى ذلك، دخلت الحكومة جولة جديدة من المحادثات الجادة بشأن القضايا التعويضية مع النشطاء السياسيين العائدين من المنفى».

أما على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، فأشار التقرير إلى تطورها على رغم أن الإصلاحات الخاصة بالعمل والتعليم والأراضي الزراعية بدت أبطأ مما كان متوقعا، ناهيك عن زيادة التشريعات الخاصة بسياسات الخدمات المالية والخصخصة، وتحويل هيئة سوق المال البحرينية إلى مصرف البحرين المركزي.


تاريخ ومميزات التحول

ذكر التقرير أنه منذ أن تولى عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم في العام 1999، أخذت البحرين تسعى نحو الإصلاح الاقتصادي والسياسي، وأن البحرين بذلت جهودا كبيرة في مجال التنوع الاقتصادي خلال الأعوام الثلاثين الماضية، إلا أنها ظلت معتمدة على النفط بصورة كبيرة.

وقال التقرير: «تُعَد الخدمات المالية أحد العوامل المهمة للداخل، وتأتي بعد ذلك السياحة خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تأتي من الدول الخليجية المجاورة، وأيضا الإنتاج الصناعي من الألمنيوم والبتروكيماويات وصناعة إصلاح السفن».

كما أشار إلى أنه وبعد أن اعتلى جلالة الملك السلطة بمدة قصيرة، أصدر عفوا عن السجناء السياسيين ودعا النشطاء السياسيين المنفيين للعودة، وقدم «ميثاق العمل الوطني»، ووعد بعودة سيادة الدستور والسياسات البرلمانية.

واعتبر التقرير، أنه على رغم أن الدستور كفل الحريات السياسية والمدنية، إلا أن القانون يحدّ منها، كما يتم تقييدها بالذرائع المعرّفة تعريفا خاطئا عند الإشارة إلى التماسك والوحدة الوطنية.

وأشار إلى أنه كان من الواضح أن الإصلاحات لا تنوي تحقيق الديمقراطية بمفهوم إجراء انتخابات تنافسية لجميع مستويات الحكومة، ولأن النخبة لم تكن مستعدة للقيام بالمزيد من الحلول الوسطية، فإن فئات من المعارضة أصبحت متطرفة، وفي الوقت نفسه، لجأت الدولة إلى أساليب السيطرة على المعارضة، ابتداء من المضايقات المقننة التي تُمارَس ضد النشطاء إلى العنف الأمني والرقابة على وسائل الإعلام.

أما الإصلاحات الاقتصادية فشملت، بحسب التقرير، السياسات التي من شأنها تحقيق المزيد من المساءلة والشفافية والتحرر من احتكار الدولة، وذلك مثل خصخصة قطاع الاتصالات في العام 2004.

وذكر أنه تمت مناقشة المشكلات المعقدة التي تنتج من التوزيع غير العادل للثروة وسيطرة القطاع العام بصراحة على الملأ، كما أعلن ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة إطلاق الحوار بشأن إعادة الهيكلة الاقتصادية الشاملة التي ستتم على المدى البعيد، وهو البرنامج الذي يمثل نهاية قاطعة لما مضى وبدء عهد جديد من البرامج التي ستختلف كلية عن السياسات السابقة.


الديمقراطية

جاء في التقرير: «على رغم أن احتكار الدولة حق استخدام القوة أمر ثابت فإن التظاهرات التي أسفرت عن صِدام عنيف قد عادت إلى السطح مرة أخرى في العام 2004، ولجأ المعارضون من الشباب إلى حرق إطارات السيارات في العامين 2005 و2006.

ولفت التقرير إلى أنه وعلى رغم أن عدم وجود تمييز قانوني من الناحية الرسمية على أساس الطائفية، إلا أنها تبدو واضحة في بعض النواحي العملية.

وأكد أن الدستور البحريني ينص على أن الإسلام هو دين الدولة وعلى أن الشريعة «مصدر» للقانون وليست «المصدر»، وأن غير المسلمين، بمن فيهم الهندوس يتمتعون بالحرية في ما يتعلق بإنشاء وصيانة دور العبادة الخاصة بهم، إضافة إلى وجود حركات سياسية إسلامية تطالب بإعطاء دور أكبر للإسلام في سياسات الدولة.


المشاركة السياسية

ذكر تقرير «مؤشر بيرتلسمان» أنه على الرغم من أن الانتخابات الأولى، التي أُجريت في العام 2002، كان يمكن أن تُعَد بصفة عامة انتخابات حرة وعادلة إلا أنه من المحتمل أنه تم التدخل في نتائج ثلاث على الأقل من إجمالي 40 دائرة انتخابية.

كما أشار إلى عدم انتخاب الوظائف الحكومية، إضافة إلى عدم خضوع الترشيحات للرتب العسكرية لرقابة البرلمان.

وعلى صعيد حقوق الاتحادات والجمعيات، نوه التقرير بعدم سماح القانون بتأسيس الأحزاب السياسية، إلا أن الجمعيات السياسية تؤدي أعمالا تشبه عمل الأحزاب في كل المجالات، إذ تعد المرشحين لدخول الانتخابات وتعمل كتكتلات داخل البرلمان، فضلا عن أن لها مطلق الحرية في عقد الندوات ونشر المجلات السياسية. ومنذ صيف 2006، أخذت هذه الجمعيات في تلقي تمويل شهري من الحكومة بمعدلات مرتفعة يتم تخصيصها للجمعيات الممثلة في البرلمان، وكان هذا التمويل مطلبا رئيسيا من جانب المعارضة.

وعلى صعيد حرية التعبير، أشار التقرير إلى أنه على الرغم من الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير، فإن هناك قانونا مقيدا للصحافة تم إصداره بمرسوم قبل تأليف البرلمان في العام 2002 إلا أنه نادرا ما يُفعَّل، لافتا إلى أن الإذاعة والتلفزيون اللتين تديرهما الدولة تمثلان وجهة النظر الرسمية فقط، ومع ذلك، لا توجد قيود على القنوات الفضائية.

وبيّن التقرير أنه على الرغم من أنه حتى العام 2006 كان من النادر أن يتم إغلاق موقع الإنترنت، إلا أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006، تم إغلاق 18 موقعا.


سيادة القانون

لفت «مؤشر بيرتلسمان» إلى أن القوانين الفرعية للبرلمان تعهد في صياغتها كمشروعات قوانين إلى الحكومة، وأن أعضاء الغرفتين يستطيعون كتابة الاقتراحات فقط.

وأشار إلى أن إقرار موازنة الحكومة يشترط موافقة البرلمان عليها، غير أن موازنة الحكومة تكون لها صفة العمومية، إضافة إلى ذلك، فإن السلطة التنفيذية تهيمن على السياسات من الناحية غير الرسمية.

وفيما يتعلق بسوء استخدام الوظيفة، أكد التقرير أن الفساد بمستوياته المنخفضة داخل الجهاز الوظيفي الحكومي لا يُعد مشكلة سائدة، وإنما الفساد في المستويات العليا لا يمكن التعامل معه بكفاءة؛ وأنه من النادر أن يتم توجيه الاتهام لأصحاب المناصب بسبب استغلال الوظيفة، وعادة ما يتم نقلهم بدلا من محاكمتهم.

وأشار التقرير إلى أن قانون الجمعيات يعطي الحق لوزير التنمية الاجتماعية رفض تسجيل أية جمعية، وأن حرية التجمع وحرية وسائل الإعلام توصف عموما بأنها نوع من التسامح، على الرغم من أنه يتم وضع بعض القيود أحيانا بطريقة تحكمية.

وجاء في التقرير: «يمكن في بعض الحالات ملاحظة الإفراط في ممارسة العنف من قبل الشرطة، مثل ما حدث في مظاهرات لجنة العاطلين في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2005، إذ أسفر العنف الأمني عن إصابة أكثر من 30 شخصا. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2005، تم فض الاحتجاجات التي نشبت في مطار البحرين باستخدام العنف، وقُبض على المحتجين، وهو ما أسفر عن المزيد من التظاهرات تأييدا لـ «معتقلي المطار». ما أدى إلى المزيد من الصدام والاعتقال.

وأضاف التقرير: «يدعي النشطاء السياسيون أنهم يتعرضون يوميا للمزيد من ضروب المضايقة والتحرش. وعلى الرغم من أن القانون يمنح الخصوصية في المسائل المتعلقة بالاتصالات فقد ثبت بالتفصيل أن الهواتف يتم التنصت عليها أحيانا. وفي مايو/ أيار 2005، قامت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب بمناقشة تقرير بشأن هذا الموضوع بواسطة الحكومة البحرينية. وعلى الرغم من أن اللجنة ذكرت التطورات الإيجابية التي حدثت منذ العام 2001، فإنها انتقدت العفو العام الذي يجعل مرتكبي التعذيب خلال فترة ما قبل الإصلاح يفلتون من العقوبة، كما انتقدت اللجنة عدم وجود تعويضات مؤسسية لضحايا التعذيب السابقين».

كما اعتبر التقرير أنه جرى تعزيز قوة السلطة التنفيذية في تقييد الحقوق المدنية عن طريق إصدار تشريعات برلمانية، ومن بينها صدر قانون الجمعيات السياسية في أغسطس/ آب 2005، وقانون جديد بشأن المسيرات والتظاهرات في يوليو 2006، إضافة إلى صدور قانون ضد الإرهاب في الشهر نفسه يفرض قيودا على النشطاء السياسيين.

غير أنه اعتبر سماح وزارة الداخلية بتفقد السجون من قبل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بأنها خطوة إيجابية، وأن الوزارة تعاونت مع هذه المنظمة غير الحكومية في إعطاء دورات لرجال الشرطة. وبيّن التقرير أنه على الرغم من أن المساواة أمام القانون ضمنها الدستور لكن التشريع غالبا ما يتم تقييده من الناحية العملية,

وعلى الرغم من أنها سارت خطى واسعة في ما يتعلق بالجهود المبذولة نحو إعطاء بعض السلطات للمرأة، إذ قام جلالة الملك بتعيين عشر نساء في مجلس الشورى في العام 2006 وامرأتين في مجلس الوزراء، فإن النساء يتعرضن لمعاملة غير متساوية.


استقرار المؤسسات الديمقراطية

أشار «مؤشر بيرتلسمان» إلى أن المؤسسات الديمقراطية كثيرا ما تُنتقَد من قبل قطاعات عريضة من السكان، وأن التجربة البرلمانية الأولى (2002-2006) شهدت مقاطعة الفاعلين المهمين للانتخابات والبرلمان. أما البرلمان المنتخب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 فهو أكثر تنوعا، لأن أولئك الذين قاطعوا في الماضي شاركوا في المرة الثانية.

وقال التقرير: «تمثل الإصلاحات الدستورية التي ستؤدي إلى تغيير في الإطار البرلماني الأولوية التي يرغب فيها ما يقرب من نصف عدد النواب المنتخبين. ويمكن عدّ الحكومة بصفة عامة منقسمة داخليا إلى تكتل مؤيد للإصلاح وتكتل معارض له».


التكامل السياسي والاجتماعي

اعتبر التقرير أن الجمعيات السياسية لم تقم إلى الآن بتمثيل فاعلين من ذوي الرأي الحاسم في السياسات البحرينية، لأن هذه الجمعيات لاتزال في طور التعريف بالدور المنوط بها، وأن بعض الجمعيات لها موروث سابق، لأنها كانت حركات تعمل تحت الأرض (الحركات اليسارية والإسلامية الشيعية)، وبعضها تطور من الجمعيات الخيرية الإسلامية (الجمعيات الإسلامية السنية)، وتكونت الجمعيات الأخرى خصيصا للمشاركة في مشروع الإصلاح (جمعية ميثاق العمل الوطني)، وأن كل الجمعيات بحاجة إلى أن تعدل من وضعها لتنفتح على العمل السياسي.

وجاء في التقرير: «تبدو جماعات المصالح والجماعات المهنية والنوادي والاتحادات متشابهة في أمور كثيرة، فبعضها منقسم طبقا للاتجاهات الطائفية، ولكن كثيرا منها يضم أعضاء من خلفيات عقائدية مختلفة. ويمثل الانضمام إلى الجمعيات أمرا شائعا بين جميع طبقات المجتمع، بما في ذلك الفقراء. ولا تسأل الحكومة أو الهيئة التشريعية الأشخاص عن آرائهم بطريقة مؤسسية، لكن منظمات المجتمع المدني تحاول بصفة عامة أن تجعل أصواتهم تُسمَع من خلال جماعات الضغط والالتماسات والمحادثات غير الرسمية مع الجهاز الحكومي والتظاهرات. إلا أنه يمكن القول إن كثيرا من المنظمات غير الحكومية هي في الحقيقة مرتبطة تماما بجمعيات سياسية معينة، وهذا يعقد من كيفية تعاونهم معا لتحقيق أهداف مشتركة. وتشرف وزارة الشئون الاجتماعية على المنظمات غير الحكومية، وهذا يتداخل أحيانا مع أنشطة الجمعيات».

وأشار إلى عدم توافر البيانات الاستقصائية التي تبيّن الاتجاهات نحو الديمقراطية؛ إلا أن معظم الحركات السياسية تنادي بالدستورية والمشاركة الديمقراطية في إطار الدولة الملكية.

ولفت التقرير إلى أن الجمعيات الإسلامية البحرينية بطائفتيها وضعت تصوراتها الخاصة بالديمقراطية في برامجها، وأن الإسلاميين الشيعة ومعظم اليساريين يطالبون بمزيد من الديمقراطية، وأنه طوال شهري مايو ويونيو 2005، قامت هذه الجماعات بحشد آلاف المعارضين في المسيرات التي تطالب بالتغييرات الدستورية التي ينتج عنها برلمان منتخب بصورة كاملة.

وقال التقرير: «يوجد نسيج كثيف من المنظمات الخيرية التي تتعامل مع مختلف القضايا، ابتداء من إنشاء مراكز للشباب والرياضة إلى المشروعات الفنية وتقديم المساعدة إلى المحتاجين. وأُنشئت كثير من المنظمات من أجل ضحايا التعذيب الذي كان يُمارَس في السابق ومن أجل أسر الشهداء».

وعند الشيعة، فإن المآتم تضطلع بدور بارز، وبغض النظر عن كونها خُصصت للمناسبات الدينية إلا أنها تُستخدَم كمراكز اجتماعية.

وأضاف التقرير: «على رغم أهمية المنظمات الدينية فإنها ليست منظمات مسيطرة. وتُستخدَم المنظمات الليبرالية كملجأ للنساء اللاتي تمت الإساءة إليهن وكمركز يُعالَج فيه ضحايا التعذيب السابقون. أما بالنسبة للجاليات المهاجرة، فقد قامت بتأسيس نوادٍ خيرية واجتماعية عدة».


اقتصاد السوق

ذكر «مؤشر بيرتلسمان» أن الفقر يتركز في معظم المناطق القروية، حيث البطالة مرتفعة بطريقة غير متناسبة. ويشمل معدل البطالة الكلي في البحرين (13-16 في المئة) تقديرات النساء اللاتي من المفترض أن يكن راغبات في العمل، ولكنهن غير مسجلات في فئة «العاطلين عن العمل».

وأشار التقرير إلى أنه في العام 2004، أُطلق برنامج يهدف بوضوح إلى تعيين الشباب البحريني في «شرطة المجتمع»، وأنه وعلى رغم أن ذلك لا يضيف بطريقة جوهرية لفرص التوظيف فإنه يُعَد مهما من الناحية الرمزية، لأنه يُنهي رسميا مرحلة استثناء بعض فئات المجتمع البحريني من الالتحاق بقوات الأمن، إلا أن الوظائف ذات المستوى العالي في المجالات العسكرية تظل موصدة في وجه هذه الفئات.

كما أكد التقرير أن القطاع العام يحتوي على أكبر نسبة من التعيينات؛ وأنه نتيجة لنظام «البحرنة» الذي حدث في السابق، وهو عملية الحصول على الجنسية من خلال التجنيس، فإن البحرينيون يشغلون 90 في المئة من وظائف الخدمات المدنية، وبما أن الجهاز الوظيفي الحكومي كبير جدا، فيجب السعي لتوفير وظائف جديدة في المستقبل من جانب القطاع الخاص. إلا أن البحرينيين لا يتنافسون على عمل الأجانب في القطاع الخاص.

وأشار إلى إصلاح سوق العمل في العام 2004 الذي صمم لمساواة كلفة أجور البحرينيين والأجانب، إلا أن رسوم العمل الأجنبي قد تأخرت في ما يتعلق بهذه النقطة، ويتم توزيع الوظائف الحكومية عالية المستوى طبقا للقبول السياسي.

وبيّن التقرير أن قيمة مؤشر التنمية المتعلق باللامساواة بين الجنسين (GDI) البحريني بلغت 98,8 في المئة من قيمة مؤشر التنمية البشرية HDI الخاصة به، وعلى الرغم من أن ذلك غير استثنائي على المستوى العالمي، فإن حلول البحرين في المرتبة 39 كما أوضح تقرير التنمية البشرية للعام 2006 يعتبر جيدا.

واعتبر التقرير أن مستوى التعليم في البحرين عاليا، وتكاد الأمية تنعدم فيها، إلا أن التعليم البحريني لا يتوافق مع متطلبات سوق الوظائف، لأن كثيرا من الخريجين الجامعيين يتخصصون في فروع العلوم الإنسانية. وتشغل النساء البحرينيات 26 في المئة تقريبا من قوة العمل البحرينية إجمالا، وتعمل أساسا في القطاع الخاص والقطاع المالي.


تنظيم السوق والمنافسة

ذكر «مؤشر بيرتلسمان» أن مؤسسة التراث صوتت في العام 2005 للمرة الثانية على أن البحرين هي صاحبة أكثر اقتصاد حرّ في الشرق الأوسط، وكان ترتيبها الثاني في العام 2005، إلا أن الحكومة لاتزال تتمتع باحتكار توزيع بعض السلع والخدمات الأساسية مثل الإمداد بالمياه، وفي العام 2003 تم صدور تشريع لتحسين شفافية إجراءات الخصخصة، في حين تم تأسيس أول مشروع خاص للطاقة في العام 2004.

وجاء في التقرير: «استمر تنفيذ الإصلاحات البنيوية، كما يتضح من خصخصة الحكومة شبكة الحافلات الصغيرة التابعة للدولة وتحرير الاتصالات. وعلى الرغم من أنه لا توجد سوق رسمية للسلع ذات أهمية، فإنه توجد سوق سوداء في عمل الأجانب، لأن سياسة منح الجنسية البحرينية التي كانت تتم في السابق أفرزت (العمال الوهميين)، وهذا يعني البحرينيين المسجلين في كشوف المرتبات الذين لا يذهبون إلى عملهم».

وأضاف التقرير: «تم الاهتمام بإصدار تشريع ضد الاحتكار في العام 2002 كجزء من الإجراءات المصممة خصيصا لتحسين الشفافية، والقوانين المنظمة للمناقصات، والإشراف الإداري والمالي وسلطات سوق رأس المال». أما بشأن تحرر التجارة الخارجية، فتطرق التقرير إلى توقيع البحرين اتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية في العام 2004، ونُفذت في أغسطس/ آب 2006، وهي الاتفاقية التي تُلغي التعريفات على كل التجارة بالنسبة للمستهلك والمنتجات الصناعية. وعن نظام المصارف، أكد التقرير أنه انطلاقا من كون البحرين مركزا ماليا عربيا رائدا، فإن أنظمة البحرين القانونية والتنظيمية والمحاسبية تتوافق مع المستويات العالمية. ويمكن للأجانب والبحرينيين، على حد سواء، الاستفادة من الخدمات الائتمانية بحسب شروط السوق.

وفي ما يتعلق بالبدء في نشاط تجاري، أشار التقرير إلى أنه على الرغم من وجود قوانين ضد الفساد، فإن الفساد يوجد أحيانا بمستويات عالية في عقود المناقصات, وعند إدارة استثمارات ناجحة.

كما أشار إلى امتداح صندوق النقد الدولي البحرين باستمرار في ما يتعلق بالإشراف المالي، لأنه يتميز بالفعلية والتنظيم، إذ أصبح حديثا وشاملا في الأعوام الأخيرة، وخصوصا في أواخر العام 2006، وأنه على الرغم من أن سوق الأوراق المالية سوقا صغيرة لكنها فعالة.


استقرار العملة والأسعار

أكد «مؤشر بيرتلسمان» أنه على الرغم من أن صندوق النقد الدولي وصف نظام البحرين التنظيمي بأنه نظام قوي، فإن التقلبات التي تحدث في سوق الأسهم والعقارات تمثل مخاطرة، وأن قروض المستهلكين نمت بسرعة، ولكنها تباطأت في العام 2005 عندما تم ربط القروض بحدود الدخل. وتمت الإشارة في التقرير إلى أن السياسات الحكومية تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار، وأن الأداء الاقتصادي كان على المستوى الكلي إيجابيا، محققا نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 6,9 في المئة في العام 2005.

كما أشار التقرير إلى أن البحرين تنتهج سياسة حكيمة امتدحها صندوق النقد الدولي، وهي السياسة التي تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار.

الملكية الخاصة

أكد التقرير أن نمو القطاع الخاص هدفا واضحا في السياسات الاقتصادية البحرينية، ولذلك فإن خصخصة شركات الدولة ستستمر، إذ تمت خصخصة قطاع الاتصالات وأكبر وحدة للطاقة والميناء الرئيسي، بينما تم إعداد صناعة الألمنيوم للخصخصة الجزئية، إلا أنه بسبب سيطرة قطاع الطاقة، لاتزال الدولة تسيطر على الاقتصاد البحريني.

نظام الرفاهية

ذكر «مؤشر بيرتلسمان» أن البحرين تمد مواطنيها بنظام رفاهية شامل للتعليم والرعاية الصحية، وأنه على الرغم من أن الدولة تزوّد مواطنيها بقروض حكومية رخيصة وتبني برامج الإسكان الشامل، فإن الطلب على الإسكان يتعدى العرض.

وأشار التقرير إلى أن الموظفين والعاملين المدنيين يدفعون نظير صندوق المعاشات، وأن العاملين المدنيين يتمتعون بأعلى أجور ومزايا في المنطقة، وأن البحرين قدرت أن نسبة 15 في المئة من أولئك القادرين على العمل يعتمدون على الأقارب والتبرعات التي تمنحها الجمعيات الخيرية العديدة، وبوسع الفقراء اللجوء إلى ذلك لتقديم التماسات شخصية.

ولفت إلى أن فرص الوظائف ذات الأجور المرتفعة تتأثر بشبكات الأقارب، ناهيك عن وجود قيود رسمية بالنسبة لوجود إحدى فئات المجتمع في قوات الأمن، إضافة إلى وجود برامج تمويل فعالة لتمكين الطبقات الفقيرة من السعي لتحصيل التعليم الجامعي، ناهيك عن دعم مشاركة المرأة، إذ تتمتع النساء بفرص قبول في التعليم العالي مساوية للرجال، كما أنهن بدأن الحصول بصورة تدريجية على أدوار مهمة في الحياة الاقتصادية والسياسية.


الأداء الاقتصادي

اعتبر «مؤشر بيرتلسمان» أن الأداء الاقتصادي على المستوى الكلي قوي، إذ بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 6,9 في المئة في العام 2005، وتنبأ له صندوق النقد الدولي بأن يصل إلى نسبة 7,1 في المئة العام 2006. وعلى الرغم من أسعار النفط التي زادت زيادة استثنائية والتي رفعت الرصيد الكلي للإيرادات في قطاع النفط فإن نمو القطاع غير النفطي (الذي زاد بمعدل 9 في المئة) كان أقوى بدرجة معقولة مما حدث في قطاع النفط (الذي انكمش بمعدل 7,5 في المئة). إلا أنه يمكن القول إن الأولوية عند الدولة هي أن تقوم بمزيد من التطوير في القطاع المالي البحريني؛ وأنه في نهاية العام 2004، كانت تعمل في البحرين أكثر من 3000 مؤسسة مالية، إضافة إلى صناعة البتروكيماويات والسياحة والعقارات، وأن الزيادة التي حدثت في وارادت النفط الخام قد عادلها المزيد من صادرات المنتجات التي تم تكريرها.


الاستدامة

أشار «مؤشر بيرتسلمان» فما يتعلق بالسياسة البيئية، إلى أن الاهتمام بالبيئة يرتبط بالجهود المبذولة من أجل النمو، وأنه يُلاحظ زيادة الوعي العام بالمشكلات البيئية إلا أن العمل لا يتم في إطار مؤسسي، وأن استصلاح الأراضي، الذي يتم بصورة شاملة، له آثار ضارة بالنسبة للبيئة، وخصوصا في المياه الجوفية، وأن النمو الذي حدث في تعداد السكان قد أدى إلى كثافة استيطانية عالية.

ونوه التقرير إلى أن تقديم التقارير البيئية أصبح إلزاميا من أجل الحصول على ترخيص مشروعات البناء الجديدة، وأنه على مستوى الاقتصاد الجزئي، فإن المؤسسات الصغيرة التي تقدم السياحة البيئية تتلقى دعما حكوميا.

وبشأن سياسة التعليم، أكد التقرير أن مؤسسات التعليم الحكومية ذات النوعية الجيدة من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الاجتماعية متاحة أمام جميع طبقات المجتمع. ومثلما يحدث في المنطقة، فإن التعليم لا يتوافق بدرجة كافية مع متطلبات سوق العمل. وتقوم الدولة بتشغيل جامعتين حكوميتين، وقامت بترخيص العديد من الجامعات الخاصة، وفي العام 2004 كان الإنفاق العام على التعليم يبلغ نسبة 15 في المئة من إجمالي الإنفاق العام.

إدارة التحول

أكد التقرير أن كثيرا من تقاليد المجتمع المدني في البحرين تأصلت في دول الجوار، وأنه بما أن البحرين كانت أول دولة في الخليج تقوم بإنتاج النفط، فقد نشأت حركة عمالية نشطة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتمثل ذلك بتكوين النقابات التي لم يتم وضعها في الإطار القانوني إلا في الفترة الأخيرة. لذلك يوجد العديد من الاتحادات المهنية والاجتماعية والثقافية، والجمعيات الدينية والخيرية والنوادي أيضا. كما يوجد العديد من المنظمات غير الحكومية، مثل جمعيات حقوق الإنسان والشفافية، وتنظم مثل هذه المنظمات العديد من المناسبات العامة، وتتمتع معظم الجمعيات المدنية بمستوى عالٍ من الثقة. وتشارك الحكومة بالفعل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في قراراتها، ولكن هذا يحدث في البحرين بنسبة أقل مما هو عليه في المنطقة. وكقاعدة عامة، فإن انتقاد الحكومة من الممكن أن يتم التعبير عنه بصراحة مادام لا يصل إلى درجة الانتقاد الشخصي المباشر للدائرة الداخلية للعائلة المالكة.

وأشار التقرير إلى أن المجتمع المدني البحريني يمثل ملامح اللقاءات الأسبوعية شبه الخاصة، وبهذا تنتظم ندوات إضافية تصلح للمناقشة، فكون البحرين دولة صغيرة تحتوي كثافة عالية من التفاعل وجها لوجه تكون الثقة الاجتماعية عالية بصفة عامة، ومع ذلك، فإن الثقة عند الحكومة مسألة أخرى. وعموما، فإن الثقافة المدنية داخل مؤسسات المجتمع المدني تبدو هي السائدة.


شدة الصراعات

اعتبر «مؤشر بيرتلسمان» أن التمييز في البحرين مسألة سائدة في الحوار العام، وذلك نتيجة التوزيع غير العادل للثروة والسلطة السياسية.

وجاء في التقرير: «إن الجمعيات المهنية والثقافية المهمة، ومجتمع رجال الأعمال، إلى جانب الجمعيات السياسية الليبرالية واليسارية ليست منقسمة إلى خطوط طائفية. وبما أنه يوجد جزء مهم من حياة المجتمع الشيعي تنظمه البيوت الدينية، فإن الحدود بين الطوائف يتم تحديدها باستمرار من الناحية الثقافية. وأحد الآثار الإيجابية للسياسات البرلمانية هو أن كلا الجانبين قد انشغلا في مناقشات بشأن المسائل ذات الاهتمام العام. واليوم، فإنه حتى الفاعلين في الاتحادات الدينية الطائفية يؤكدون أهمية الاعتدال والحوار. ومن الواضح أن هناك أوجه خلاف ضخمة في الثروة في البحرين مقارنة بما هو موجود في بلاد كثيرة، وهذا يرجع أيضا إلى صغر مساحة الدولة».


الأداء الإداري

قال التقرير: «تبدو القيادة قادرة على السعي وراء الأهداف البعيدة المدى، ولكن ليس بالضرورة ما يتعلق بالديمقراطية الدستورية على الرغم من أن الخطب الرنانة تنادي بعكس ذلك. وتهدف عملية الإصلاح، التي تقودها النخبة، إلى السماح بمستوى أعلى من التعددية والمشاركة، وتحديث فاعلية مؤسسات الدولة، وتحسين سيادة القانون والمساءلة والشفافية، ولكن بطريقة محدودة لترك القرار النهائي في يد السلطة التنفيذية. كما أنه يتم السعي نحو الإصلاح الاقتصادي بطريقة أكثر جدية مقارنة بالإصلاح السياسي».

وأضاف: «نفذت الحكومة بنجاح الإصلاحات السياسية التي شملت إدخال برلمان ذي مجلسين تشريعيين، وأجرت انتخابات عامة، وأسست محكمة دستورية. ومع ذلك، توقفت الإصلاحات في الأعوام الأخيرة، وتم تقييد الحريات الدينية مرة ثانية. إلا أنه يمكن القول إن هناك بعض التطورات الإيجابية، فقد أُجريت الانتخابات البرلمانية والبلدية بحسب ما كان مُقررا في نوفمبر 2006، إذ كانت أكثر تنوعا من الفترة السابقة. وفي يونيو 2006، قدمت الدولة التمويل اللازم للجمعيات السياسية».

إلا أن التقرير عاد ليشير إلى أن التطور السلبي يفوق هذه الإنجازات، ويُلاحَظ ذلك أكثر في انخفاض الحريات المدنية خلال الفترة محل البحث، وأنه منذ العام 2004، أخذت الشرطة في اللجوء إلى العنف غير المبرر لتفريق المظاهرات، وأن السياسات الحكومية المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي يبدو أنها أكثر جدية، إذ أن مجلس التنمية الاقتصادية قد اقترح إصلاحات جوهرية في سوق العمل وقطاع التعليم، وامتلاك واستخدام الأراضي منذ العام 2004، إلا أن هذه الإصلاحات قابلتها مقاومة شديدة من جانب بعض رجال الأعمال.

كما أكد أن بعض الفاعلين في الحكومة، يبدون استعدادهم للتغيير، وأن استراتيجيات الإصلاح الاقتصادي التي اقترحها ولي العهد ومعاونوه تم تعريضها لعملية بناء الإجماع وللمناقشات التي كان الهدف منها توليد إجماع في الرأي يبدأ من قاع المجتمع وينتهي إلى مستويات أعلى.


كفاءة الموارد

ذكر «مؤشر بيرتلسمان» أن الموازنة متوازنة، وهي تتوافق إلى حدٍّ ما مع دواعي الشفافية وتخضع لبعض الإشراف البرلماني، وأن البيروقراطية في البحرين تتماشى مع المقتضيات السياسية، لأن تقديم الوظائف الإدارية يمنح الشرعية للحكومة، ويسفر هذا النظام عن استخدام غير فعال لرأس المال البشري؛ فكقاعدة، ليس الشخص الأكثر تأهيلا من يضمن وظيفة في الإدارة، بل الشخص الأكثر ارتباطا بمتخذي القرار.

وأشار التقرير إلى أنه لتحسين التنسيق بين الوزارات والإدارات، تم تشكيل بعض اللجان الوزارية العاملة، إلا أن اللجان المؤلفة حديثا غالبا ما أحدثت ازدواجية في عمل الوزارات الموجودة سابقا، وأن إدخال نظام البلديات في العام 2002 قد أحدث المزيد من الازدواجية في عمل الإدارة، إذ لا توجد فواصل واضحة بين اختصاصات البلديات وسلطات المحافظات. واعتبر التقرير أن ازدواجية الوظائف الحكومية وعدم وجود فواصل واضحة للسلطات، يحدّ من تطور السياسات المنسقة والشاملة.

وجاء في التقرير: «لا يبدو الفساد على المستوى المنخفض متفشيا في البحرين التي احتلت المرتبة السادسة والثلاثين في المؤشر العالمي لتحديد الفساد. وينتشر الفساد في دوائر النخبة، ولا يتم التحدث عن ذلك. ويُفوَّض البرلمان بالإشراف على إنفاق الحكومة، ولكن قدرته هذه قد تم تقييدها بموجب مرسوم يحصر التحقيقات فقط في الفترات التي تأتي بعد تأسيس البرلمان في العام 2002».

وأضاف التقرير: «جميع الفاعلين يوافقون على كل أهداف الديمقراطية واقتصاد السوق، إلا أنه بإمعان النظر في هذين المفهومين يمكن اكتشاف أوجه الاختلاف الجوهرية. فبينما جميع الفاعلين الحكوميين يميلون إلى تعريف «الديمقراطية» بأنها «السماح بمشاركة ومراقبة شعبيتين محدودتين»، فإن بعض الفاعلين الإسلاميين، وجميعهم يؤيدون الديمقراطية بالكلام، لديهم وجهة نظر مختلفة عن حدود الحريات الشخصية داخل النظام الديمقراطي، لأنهم كثيرا ما يشيرون إلى الحاجة إلى إدخال الشريعة.

كما أشار التقرير إلى أن قانون الانتخاب لايزال متحيزا ضد بعض الفئات، وأن تقسيم الأقاليم إلى دوائر انتخابية، جاء بما يتوافق ومصلحة طرف على حساب طرف آخر. وأكد أن الحكومة لا تتشاور أو تتعاون بصفة رسمية مع منظمات المجتمع المدني البحرينية النشطة بطريقة مؤسسية أو نظامية، ولكنها بدلا من ذلك تسعى إلى اتخاذ مسلك المشاركة في اتخاذ القرار، وأن المسئولين شاركوا في ورش العمل التي نظمتها الجمعيات المدنية، وتحاول بعض الوزارات التعاون على الأقل مع المنظمات غير الحكومية (معظمها بخصوص حقوق الإنسان وحقوق المرأة).

ولفت التقرير إلى أن الحكومة لم تقوم بتحقيقات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الماضي، وخصوصا داخل المجتمع البحريني، ومع ذلك فإن الحاجة ماسة إلى إجراء تحقيقات شفافة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الماضي (وخصوصا خلال انتفاضة البحرين في التسعينيات). وأن مطالب البعض من خلال المنظمات غير الحكومية بهذا الخصوص تُعد عادلة، إذ يفضلون نموذج «لجنة الحقيقة» المستوحى من جنوب إفريقيا. إلا أن الحكومة فشلت في الاستجابة لهذه الرغبة، وخصوصا أن مسلكها «نبدأ من جديد» لم يجد أي دعم.

وأكد أن العفو العام المنصوص عليه بموجب المرسوم بقانوخ رقم 26/2002 و10/2001، الذي مُنح للسجناء السياسيين وجهاز أمن الدولة على حد سواء، يجب أن يُلغَى أو يُعدَّل. ومع أنه لم يتم وضع تنظيم ثابت للإجراءات المؤسسية التي يتم بموجبها منح تعويضات لضحايا التعذيب السابقين، إلا أن بعض الأفراد مثل بعض النشطاء العائدين من المنفى قد حصلوا على تعويضات.


التعاون الدولي

أشار «مؤشر بيرتلسمان» إلى أن البحرين لا تمثل ملتقى كلاسيكيا لبرامج المساعدات الدولية، ولكنها تتلقى مساعدة من دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة.

وأنه على الرغم من أن «المعهد الدولي للتنمية الديمقراطي» (NDI) الكائن في الولايات المتحدة قد دُعي في بداية مشروع الإصلاح، فإنه تم إلغاء تصريح الإقامة الخاص برئيس هذا المعهد في مايو 2006، وبذلك أُنهي عمل المعهد. كما لم يتم الاعتراف بالوكالات الأجنبية الأخرى التي تروّج للديمقراطية. وقام أعضاء في المجالس البلدية برحلات دراسية إلى دول جنوب آسيا لدراسة السياسات الجماعية.

وأكد التقرير أن البحرين تروّج بنشاط ونجاح لإصلاحاتها السياسية والاقتصادية، وعلى رغم أن تطورها السياسي قد توقف خلال الفترة محل الدراسة، فإنه لايزال يُعَد (من جانب الولايات المتحدة وغيرها) حالة مثالية من الإصلاح في المنطقة. وعندما تُقارَن البحرين بجيرانها فإنها تمنح قدرا أكبر من الحقوق المدنية والنشاط المدني. وخلال العامين الماضيين، أخذ انتقاد الحكومة البحرينية في التزايد من جانب منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش). إلا أنه يمكن القول إن إصلاحاتها الاقتصادية أحرزت درجة كبيرة من الصدقية، كما أنها أصبحت تتبوأ مكانة متميزة.

أما على صعيد التعاون الإقليمي، فأكد التقرير محاولات البحرين تطبيق قرارات مجلس التعاون الخليجي بسرعة، وأنها كانت أول دولة في مجلس التعاون الخليجي توقع الاتفاقية الثنائية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة في العام 2004، والتي تم تنفيذها في العام 2006، ناهيك عن أنها تشجع بحماس التكامل الإقليمي.

كما أشار التقرير إلى أنه وبعد تسوية نزاع البحرين مع قطر بواسطة محكمة العدل الدولية، تحسنت علاقاتها الثنائية مع الدوحة، وفي العام 2004، تمت الموافقة على طريق مشروع الجسر البحري الذي يصل بين البلدين. كما قامت البحرين بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، وهي عضو في منظمة التجارة العالمية. ولفت التقرير إلى أن البحرين تتمتع بعلاقات عسكرية ثنائية وثيقة مع الولايات المتحدة، ففيها قاعدة الأسطول الخامس للولايات المتحدة، وتم الإعلان أنها «حليف رئيسي من خارج منظمة حلف شمالي الأطلسي». وتشارك البحرين بنشاط في مبادرة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (BMENA) التي أطلقتها الولايات المتحدة.

العدد 2537 - الأحد 16 أغسطس 2009م الموافق 24 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً